أثر الفرس في الحضارة العربية الإسلامية
بقلم | نجم الدين العماد
بعض المفكرين على حياء يطرحون ان نهضه العرب لاتاتي الا بشراكتهم مع الفرس !!!! .
مع كل العداء الذي يحمله العرب لدولة الفرس، والتي تحولت من فارس الى إيران عام 1934 م ، واصبحت الجمهورية الإسلامية الإيرانية عام 1979م .
ومع ماتشهده المنطقه الان من تصعيد خطير قد يسفر عن مواجهه عسكريه يمكن ان تحرق الكل. لذلك على العرب مراجعة حسابتهم حول علاقتهم بأيران ودور العنصر الفارسي في الحضارة العربية الإسلامية لا يمكن ان ينكر . فقد اشار “سليمان الفارسي” على الرسول صلى لله عليه وسلم بحفر الخندق حول المدينة المنورة في غزوه الاحزاب.
في العصر الاموي اصبحت بلاد فارس ملجأ للفرق والجماعات المعارضه لبني امية، مثل الخوارج والعلويين وابناء الصحابه .
وتحولت كثير من مدن فارس الى قواعد انطلاق ومحطات لتخطيط وأعداد للعمليات القتاليه وحتى المسأل الفقهيه ، وهذا لايعني ان الارض الفارسيه وحدها شاركت في معارضه بني اميه ، بل ان هناك الكثيرين من الفرس انخرطو في هذه الجماعات ، والذي تحول فيما بعد الى عنصر اساسي والركيزه الاولى لانهيار دوله بني اميه وقيام دوله بني العباس .
يعتبر عام ١٢٥ه بداية حقيقيه لتحول الفرس الى شركاء في كرسي الخلافه، حيث استطاع ” ابي مسلم الخرساني ” تجهيز مائة الف مقاتل وأنطلق بهم من خرسان مارا بمدن العراق والشام حتى وصل الى دمشق وقتل اخر خليفه اموي وهو محمد بن مروان .
يعتبر كثير من المسلمين والعرب والمؤرخين إن الدولة العباسيه تأسست على ايدي الفرس لذلك تميزت بلبناء الحضاري والفكري ورعاية التنوع وتحولت بغداد عاصمة الرشيد الى منارة العالم بالعصر الوسيط، وهنا انتشر الأسلام في بقاع كثيره دون حروب عبر الدعاه والتجار ،بينما اعتبر عصر بني اميه عصر عربي خالص وتميز بالفتوحات .
يعتبر ( محمد بن برمك) اول فارسي يتصرف بشؤون الحكم في العصر العباسي ، ساعده في ذلك عمله كمعلم بفخر الحضاره العربيه ودولة بني العباس هارون الرشيد. حيث بدأ بقيادة الجيوش لمواجهه الروم حتى قيل عنه انه كان يغزو سنه ويحج سنه الأمر الذي ابعده عن امور الحكم والخلافه تاركا ذلك لمعلمه ومربيه بن برمك ، الذي جعل الفرس المتصرف الأول في شؤون الحكم حتى انه عين اولاده الثلاثه كولاه لأهم مناطق العالم الأسلامي تحسبا لأي كبوه، حيث عين ابنه ( الفضل) واليا على مصر وأبنه ( أحمد) واليا على بغداد والثالث على خرسان. وبلغ الأمر أن احمد بن برمك طلب من الخليفه الزواج ب( العباسه) أخت هارون الرشيد .
تنبه الرشيد الى السيطره الكبيره للعنصر الفارسي على مفاصل الحكم وأستحواذهم على مراكز القرار، ساعده في ذلك وجود الغيرين من العرب وحنكة وذكاء الرشيد الذي قضاء عليهم في ليله واحده.
مع وجود العنصر الفارسي تغيرت طبيعة الحياه الفكريه والدينيه والأجتماعيه منذ اول خليفه عباسي ( المنصور) الملقب بالسفاح حتى الخلفيه السادس هارون الرشيد.
اصبحت بغداد خيارا لا يقبل للجدال للعيش فيها، فهاجر وقدم اليها عناصر وعرقيات كثيره غير الفرس مثل الأتراك والأرمن والأزبك والكازاخ والهنود، ساعد على ذلك تنوع الحياه فيها مع هؤلاء الوافدين الذين حملوا معهم عاداتهم وتقاليدهم ولغتهم. مع وجود غير عادي وهامش كبير للعنصر الفارسي.
مع هذا التنوع ظهرت الشعوبيه والزندقه وأصبحت كل جماعه وافده تتفاخر بتاريخها ونسبها وتحط من شأن العرب، وذهب نتيجة ذلك كثير من المفكرين والشعراء، حيث قتل الشاعر الكفيف ( بشار بن برد) بتهمة الزندقه، وقتل الكاتب العبقري ( أبن المقفع) بتهمة الشعوبيه في عهد الخليفه المهدي وهم من الفرس. الا ان هذا لم يمنع ذلك التنوع والنشاط العلمي والفقهي والأدبي في بغداد ، وظهرت كثير من المدارس الفلسفيه والأنديه الأدبيه واللغويه. عزز ذلك رعاية الولاه والخلفاء لهذه الأتجاهات حتى أن هذه المدارس والفرق أنتجت أجمل واعظم الاعمال الفلسفيه والعلميه والأدبيه في تاريخ الحضاره الادبيه. وكان للعنصر الفارسي دور كبير ولكنه كان ينحى منحى يحط من قيمة العرب ويرفع من شأنهم بذريعة انهم اصحاب حضاره وإن العرب جاوء من الصحراء بدوا اجلاف. كان هارون الرشيد قد انجب ثلاثه اولاد اصول امهاتهم مختلفه ف( الأمين) امه عربيه و( المأمون) فارسيه و( المعتصم) تركيه.
تنازعا ابناء الرشيد بعد وفاته حول كرسي الخلافه مما أدى الى فتح الباب على مصرعيه للأعراق الوافده وأن تتشيع لمن هو اقرب أليها من ابناء الرشيد ، وحتى ابناء الرشيد استنجد كلا بخاله. فلأمين وقفت الى جانبه العرب والمأمون اعتبر الفرس اخواله والمعتصم جلب الترك وبناء لهم مدينه ( سلم الرئه) المعروفه الآن بسامراء.
تولى الحكم اولا الأمين بأعتباره اكبر اخوته ولكن الفرس قتلوه ونصبوا اخوه المأمون بديلا عنه لصلة القرابه التي تجمعهم.
يعتبر عصر القوه العباسي الذي يمتد من أول خليفه وحتى عصر ( المعتصم) ازهاء فترات الحضاره الاسلاميه في الشرق، حيث ظهر أثر ذلك في الت
رف الفكري بأقامه مكتبة ( الحكمه) التي عملت على ترجمة عيون الفكر الاتيني وأحتفظت بلب المؤلفات الأسلاميه، حتى أن كان من يؤلف كتاب يأخذ مقابله بوزن كتابه ذهب ، حتى إن هذه المكتبه مثلت صوره مصغره للتنوع الكبير التي شاهدته الحضاره العربيه الأسلاميه لأن كبار المترجمين فيها كانوا من المسيحيين واليهود.