الخبر وما وراء الخبر

حرب اليمن والدور الاسرائيلي بـ نظرية الامن القومي .. باب المندب والبحر الاحمر

57

ذمار نيوز | النجم الثاقب 24 شعبان 1440هـ الموافق 29 إبريل، 2019م

نظرية الامن القومي الاسرائيلي على المبادئ الصهيونية لن يقتصر على مشروع الاستيطان، بل ركنه الاساسي هو تجريد العرب والمسلمين بصورة خاصة من القوة سواء سياسي او عسكري او ثقافي او اقتصادي، وافضل طريقة واقربها للوصول الى الهدف هو نشوب حروب في المنطقة وهذا ماشهدتها المنطقة في لبنان وسوريا والعراق و اليمن.

حيث قاعدة وجود إسرائيل في تهديد مستمر، وفي صراع شبه أزلي مع العرب او افضل ان نقول مع المحور المقاوم والاحرار، لذلك فإنها تعمل بناء على قاعدة “نكون أو لا نكون” وهذا ما يدرسه كبار الكيان الصهيوني، وفي نظرية الأمن القومي الإسرائيلي لن يتحقيق الأمن عبر ضمانات دبلوماسية وسياسية فقط، وإنما عبر إيجاد الوسائل العملية لدى إسرائيل القادرة على تجسيد نظرية الأمن.

وبهذه الصورة، لنظرية الامن القومي الاسرائيلي لها ابعاد مختلفة للحفاظ على مصالحها الداخلية والاقليمية والابعاد تكون ، الاول: البعد السياسي والثاني البعد العسكري والثالث البعد الاجتماعي والرابع: البعد االمعنوي والخامس البعد الاقتصادي، فكل هذه تتلخص في بعدين الاول الاجتماعي والثاني المعنوي للانتماء بالولاء وتأمين الفكر والحفاظ على المعتقدات والتقاليد.

اما ما يجري اليوم على مستوى المنطقة، حروب أهلية داخلية، ومن فوضى وتخريب، وتفكيك وانهيار للأمن لتلبية مخططات ورغبات صهيونية قديمة كامنة. واليمن بعد ثور 21 سبتمبر اطلقت جرس الانذار للكيان الصهيوني (حسب اعتقادات الثورة) واثارت مخاوفهم.

نذكر نبذه من تاريخ كيفية التدخل الاسرائيل في اليمن، حيث بداء التدخل الاسرائيلي لنشوب الحرب في اليمن منذ دخول عبد الناصر إلى جنوب الجزيرة العربيّة الحربَ الأهليّة اليمنيّة، إلى واحدة من أشرس مسارح الحرب الباردة، وكانت “إسرائيل” معنيّة بطبيعة الحال بهذا التطوّر الخطير لعدّة أسبا ومنه:

أولاً: وجدت “إسرائيل” ومعها بريطانيا، أن هذه فرصة سانحة، لإعاقة مشاريع عبد الناصر القوميّة بإبقائه مشغولاً في اليمن

ثانياً: ضرب القوّات المصريّة واستنزافها المستمر

ثالثاً: دراسة أكثر قرباً وتفصيلاً لإمكانيات وعتاد الجيش المصري

رابعاً: تأسيس سابقة في التعاون العسكري مع أطراف عربيّة بما فيها السعودية والاردن

بدأ الترتيب الإسرائيلي للتدخل في الحرب الأهلية اليمنيّة مبكراً، بعد أن وعد الملحق العسكري الإسرائيلي في لندن البريطانيين، بتوفير الأسلحة والأموال ومدرّبين للقوات الملكيّة مع تعدّد اللقاءات، بدأ العمل على تحقيق هذه الوعود، وتمّ إرسال جاسوس إسرائيلي إلى اليمن عبر عدن، بالتعاون مع البريطانيين وبوثائق مزوّرة.

وبانسحاب القوات المصريّة من اليمن في ديسمبر1967، انتهت أهمية اليمن التكتيكيّة باعتبارها فيتنام عبد الناصر عند “إسرائيل” وأوّل هذه التغيرات كان جلاء الإنكليز من عدن في نوفمبر1967، بعد أربع سنوات من الكفاح اليمني المسلّح المدعوم من مصر.

لعدن أهميّة حيويّة في مشاريع “إسرائيل” في اليمن، ذات أهميّة استراتيجية كمدينة مُطلّة على مضيق “باب المندب”، ضمنت سيطرةُ البريطانيين عليها، وسيطرةُ الفرنسيين على جيبوتي سلاسة الملاحة الإسرائيليّة جنوب البحر الأحمر. غير أنّ رحيل القوات البريطانيّة كشف فجأة عن خطر جديد كان غير واردٍ في السابق، وهو وجود طرف عربي مسيطر على إحدى ضفتي مضيق باب المندب. تزامن هذا مع انتهاء الحرب الأهلية في شمال اليمن.

وبعد حرب 1973، زاد الخناق على “إسرائيل” بسقوط نظام هيلا سيلاسي وقيام نظام شيوعي في إثيوبيا. بهذا فقدت كل من “إسرائيل” والولايات المتحدة حليفاً استراتيجياً في أفريقيا والبحر الأحمر. هذا بالإضافة إلى أن حديثاً عن اتفاق بين اليمن الجنوبي ومصر عام 1974 لاستئجار الأخيرة جزيرة بريم اليمنية (مقابل عشرة ملايين دولار تدفعها السعوديّة لليمن الجنوبي سنوياً) الواقعة في قلب مضيق باب المندب، كان يعني تثبيتاً لسيطرة مصرية وعربيّة تامة على المضيق.

وبسبب سياسات “علي ناصر محمد” الانفتاحيّة في جنوب اليمن في الثمانينيّات، وانهيار الاتحاد السوفياتي، وحرب الخليج الثانيّة، وترسُّخ نظام علي صالح في اليمن بعد 1994. أدّت هذه العوامل في عقد التسعينيّات إلى تقدّم إسرائيلي واضح في تأمين حريّة ملاحتها جنوب البحر الأحمر، ومشاركتها للولايات المتحدة الأميركية في السيطرة عليه. ثمّة هنا متغيِّر إقليمي أساسي حقّقت معه “إسرائيل” هدفها الاستراتيجي بتعطيل الدور اليمني في جنوب البحر الأحمر، وهو استقلال إريتريا عن إثيوبيا عام 1991، وإقامتها علاقات سياسية وعسكريّة ممتازة مع “إسرائيل”.

بعد ثور 21 سبتمبر في اليمن، كل من الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الامريكية وفرنسا وبريطانيا احسوا بالخطر للحفاظ على مصالحهم عبر مضيق باب المندب ممر مائي يصل البحر الأحمر بخليج عدن وبحر العرب، لهذا شنوا حرب غاشم في عشية 26 مارس 2015م ، بـ الية عربية خليجية.

واليوم ما تكشفه التقارير الميدانية والاعلامية ان الاماراتيين والسعوديين ينفذون سياسات المحور الامريكي الصهيوني الغربي، وكما ذكر السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي سابقاً: إن إسرائيل تؤدي دورا أساسيا في حرب اليمن الحالية من خلال التخطيط مع الضباط الإماراتيين، موضحاً أن المعركة في الساحل الغربي أتت برغبة أمريكية، للسيطرة على منطقة البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، بقناع سعودي وإماراتي.

كما تشير المعلومات ان الاماراتيين يقومون باحتلال الجزر اليمنية برغبات وطلبات بريطانية صهيونية ومنها جزيرة سقطرى والتي تتمتع بموقع استراتيجي غاية في الأهمية، كونها نقطة التقاء المحيط الهندي مع كل من بحر العرب مع بابا المندب قبالة شاطئ المُكلا جنوب اليمن (300 كم) وشواطئ الصومال (80 كم)، مما يضفي عليها أهمية استراتيجية بحرية لا تتوفر لكثير من الجزر المجاورة لها في تلك المنطقة، و ازدادت أهمية وقيمة أرخبيل جزر سقطرى في أعين الإماراتيين بعد التدخل العسكري في اليمن وهو ما يفسر أسباب الاهتمام الإماراتي بالمنطقة الجنوبية على وجه الخصوص، ومساعيها الرامية إلى فرض قبضتها عليها في إطار مخطط فصلها عن شمال اليمن ما يؤهل أبو ظبي للتحكم في واحدة من أكثر بقاع العالم أهمية على المستوى التجاري والعسكري، حيث أن المنطقة في حد ذاتها تتمتع بفرص استثمارية غير مسبوقة في ظل تصنيفها من قبل منطمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة على أنها واحدة من مناطق الإرث الطبيعي للإنسان، مما يؤهلها لأن تصبح حال استغلالها بصورة جيدة مزارًا سياحيًا عالميًا فضلاً عما يتوفر بها من تنوع للحياة البرية والزراعية والبحرية بها، وهو ما جعلها قبلة للمستثمرين الإماراتيين المدعومين من أفراد من العائلات الحاكمة لمساندتهم من أجل إقامة المشروعات طويلة المدى بها، طيلة السنوات الماضية.