الخبر وما وراء الخبر

اغتيال الصماد.. محاولة لاغتيال وطــــــــن

40

بقلم / عبدالفتاح علي البنوس

ضجت شبكات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية وما تزال تضج حتى اليوم بالكتابات والمنشورات التي يتحدث أصحابها عن الرئيس الشهيد صالح علي الصماد -رحمة الله تغشاه- في الذكرى الأولى لاستشهاده، صوره تصدرت بروفايلاتهم الشخصية، الشعراء تسابقوا على نظم بديع قصائد وزوامل الرثاء والمدح والثناء لهذا الرجل المثير للدهشة، معقول كل هذا الحب والتقدير الفطري يحظى به وبهذا الإجماع المنقطع النظير ؟!!

يا ترى ما الذي قدمه الشهيد الصماد لكل هؤلاء حتى حظي بكل هذا الاحترام، وبكل هذه المكانة العالية الرفيعة ؟!! هل ضخ لهم الأموال في حياته ؟! هل منحهم الوظائف والمناصب القيادية ؟! هل منحهم الرتب والأوسمة العسكرية ؟! هل وزع عليهم التباب والأراضي ؟! هل صرف لهم السيارات والعقارات ؟! هل منحهم تذاكر وبدلات سفر بالدولار ؟! هل أغدق عليهم العطايا وجاد عليهم بالهدايا ؟! هل منحهم اعتمادات مالية ونفقات شهرية ؟! حتى يحوز على هذه المكانة وينال كل هذا التكريم ويقابل بكل هذا الوفاء والتقدير والاحترام والإجلال ؟!!

بالتأكيد لم يقدم لهم مما سبق من مغريات الدنيا شيئا، ولكنه قدم لهم ما هو أغلى وأثمن، لقد قدم لهم النموذج الأمثل للمسؤول القدوة، المسؤول الذي يعمل نهاره و يسهر ليله في خدمة أبناء شعبه، غير مكترث بحطام الدنيا الزائلة ومغرياتها الزائفة، وغير مغتر ببريق السلطة، قدم لهم الصورة الزاهية البهية لرئيس لم يهدأ له بال، ولم يهنأ له عيش وهو يشاهد وطنه يتعرض لأبشع عدوان وحرب عالمية في التاريخ المعاصر، ويتعرض شعبه لأقذر وأحقر حصار من قبل تحالف تقوده وتموله السعودية والإمارات بإشراف وإسناد أمريكي إسرائيلي صريح، رئيس دفعته تربيته وتنشئته وثقافته القرآنية المحمدية الحيدرية إلى تطليق الدنيا ثلاثا اقتداء بالإمام الكرار علي بن أبي طالب -عليه السلام – فلم تخفه تهديدات قوى العدوان، ولم ترعبه محاولات استهدافه، ولم يعر أدنى اهتمام لتخرصاتهم وخزعبلاتهم، وهو من وضع اسمه ضمن قائمة المستهدفين من قبل تحالف العدوان، فظل متنقلا بين الجبهات، ووصل إلى الجبهات الحدودية لمعايدة المرابطين فيها والسلام عليهم والاطمئنان على أحوالهم، حضر احتفالات تخرج الدفع العسكرية في مختلف المناطق العسكرية.

انتصر لوطنه وشعبه، ووضع نصب عينيه الاهتمام بتحسين معيشة الشعب وتحصين الجبهة الداخلية وتعزيز تماسكها في مواجهة العدوان الغاشم، وظل -رضوان الله عليه -القاسم المشترك بين مختلف القوى السياسية التي وجدت فيه شوكة ميزان لا تميل إلا في جبهة الوطن والشعب، عاش خدوما متواضعا نزيها، ليغادر الحياة بعد أن ارتقى شهيدا وهو لا يمتلك منزلا خاصا به وأولاده، بالله عليكم هل رأيتم أنزه وأشرف من هذا المسؤول ؟! رئيس لا يمتلك منزلا، ولا ثروة، سوى محبة شعبه وتقديرهم واحترامهم له وثنائهم عليه رضوان الله عليه.

بالمختصر المفيد: في ذكرى استشهاد الرئيس الصماد لا غرابة ولا مبالغة إن قلنا إنَّ هذه الذكرى هي بمثابة اغتيال للوطن بأكمله، فالمشروع الذي كان يحمله، والسياسة التي كان ينهجها، والتطلعات التي كان يرنو إلى تحقيقها خدمة لوطنه وشعبه تجعل من ذكَّرى استشهاده ذكرى اغتيال للوطن الذي أخلص له رئيسنا الشهيد في حياته، وكان بحق الرئيس الاستثنائي الذي أعاد الاعتبار لمنصب الرئاسة وذكر الناس بزمن الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي رضوان الله عليهما.

الرحمة والخلود للشهيد الصماد وكل الشهداء العظماء، الشفاء للجرحى، والحرية للأسرى، والنصر والتمكين لليمن واليمنيين، والتحية والتقدير لأبطال الجيش واللجان الشعبية الذين يسطَّرون الملاحم البطولية ويصنعون الانتصارات العظيمة هذه الأيام في مختلف جبهات الشرف والبطولة.

هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله.