الخبر وما وراء الخبر

الصمّـــاد نموذجُ الرئيس الذي تطمحُ إليه الشعوب

51

بقلم / رقية المعافى

تتعدَّدُ الثوراتُ في شعوبِ منطقتنا العربيّة مُطالِبة بإسقاطِ أنظمة توغلّت بفسادِها وظلمها، آملةً بأنّ خلف هذه الثورات رئيساً مدنيًّا يحملُ تطلعات الشعب وأحلامَه، يُكرّس وقتَهُ في تعبيد الطريق أمام شعبه ولا يألو جهداً في منفعتهم وخدمتهم، يكون درعاً لهم من الأخطار وصاروخاً يدفعُ عنهم كيد الأعداء، يكون سياسيّاً مُحنّك يبذل كلّ غالٍ من أجل أفرادِ شعبه، ومن يتربّص بشعبهِ شرّا يتفجّرُ قنابلاً في وجهه، يكونُ من عامةِ الناس يُشاركهم أفراحهم وأتراحهم، يضحك إن هم ضحكوا وعلت شفاههم الابتسامة ويغضب إن مسّهم الشرّ، يكونُ إنْسَاناً ضميرهُ مستيقظ متشعِّب بهدى الله، كلامهُ يهدي التائهين ويُقرّب المتباغضين ويُطفئ الجمرة المشتعلة في قلوبِ الحاقدين.

واليمن وبعد طول انتظار منّ عليها الله بالرئيس الشهيد الصّماد الذي صعد من بين أبناء الشعب حمل على كاهله آمال الشعب، خاضَ مرحلة من أصعب المراحل السياسيّة التي تمر بها اليمن، الصماد أزاح عن أعين المواطنين غُبار القصف والدمار والفساد المُتأصل وأعلن مشروعه البنائي المدني الذي كان كعين ماء في صحراء قاحلة (يدٌ تبني ويدٌ تحمي).

أحبّه الصغير قبل الكبير فقد شارك كلّ أفراد شعبه بوقفاتهم ومسيراتهم واحتفالاتهم وصمودهم تنقّل بين الجبهات وزار أخطرها دون خوفٍ أَو ذلٍّ، كان السبّاق إلى النزول لأماكن القصف والدمار يتفقد رعيّته بكل تواضع ومحبّة، خاضَ غمارَ فتنة (ديسمبر) كأخطر فتنة والتي كُللت بالوأدِ والاندثار ليتحقّــقَ مجدداً الأمن والسلام لكافة شعبه.

الصمّاد بكلماته وخطاباته وأفعاله ضمّ كلّ أطياف الشعب دون تفرقةٍ بين طوائفهم وأحزابهم ودون التعصّب لخطّه ومنهجه إنما أثبت للجميع أن المسيرة التي ينتمي إليها مسيرةٌ ترحب بالجميع وتكفل للجميع العيش بكرامة وحريّة واكتفاء، وفي وقتٍ عصيب كان من المفترض أن يحظى الصماد بمالٍ كحقّ أساس لكونهِ رئيس جمهوريّة إلا أنه اختار أن يخرج منها كما دخل نقيّ اليدين خاليتين من ممتلكات الشعب الذي دخل ليحافظَ عليها ليس لينهبها فما هي إلا أشهر حتى أحبه الشعب بكل طوائفه ومذاهبه فهو الذي خالط الناس بُسطاءهم وأثرياءهم دون كبرٍ أَو غرور، كان كوصيّة الإمام عليّ عليه السلام حين قال: (خالطوا الناس مخالطةً إن غبتم حنّو إليكم وإن متّم بكَوا عليكم).

وباستشهاد الرئيس الصمّاد دفاعاً عن استقلال بلاده وكرامة شعبه أصبح نموذجاً يُحتذى به من ودّ أن يكون محبوباً من قبل شعبه. فمثله ومثل أَخْــلَاقه ونضاله تتمنّاه كلُّ الشعوب عربيها وعجميّها شرقيها وغربيها. فلأمثالِ الصمّاد تقومُ الثورات وتُراق الدماء في سبيل أن يسقط نظامٌ فاسد باع كرامة الشعب وتاجر بدمائه وخيراته ويُستبدل بنظامٍ رئيسه كالصمّاد يجعل الرؤوس تشمخ والأحلام تتحقّــق والأمم تتطوّر..

فالسلامُ كُــلّ السلام لروحك رئيسَنا الشهيد.