الخبر وما وراء الخبر

الوهابیة تشعر بالخطر

122

جمال کامل *

بعدما رأى العالم أجمع، مسلمین وغیر مسلمین، الدروسَ التطبیقیة للوهابیة على ید “داعش” و“جبهة النصرة” وجمیع العصابات التکفیریة التی تحمل الوهابیة عقیدة، یبدو أن کبار مشایخ الوهابیة فی موطنها الاول، أخذوا یستشعرون الخطر، الا انهم اتخذوا الهجوم وسیلة للدفاع، حیث بدأوا بشن هجمات، ومن اعلى المستویات، على کُلّ من ینتقد الوهابیة، التی نزلت کالکارثة على رؤوس المسلمین.

اخر الهجمات “العنیفة” لکبار مشایخ الوهابیة ومن موطنها الاول السعودیة، جاءت عبر سعود الشریم، “إمام” الحرم المکي، الذی اعتبر کُلّ من ینتقد الوهابیة بانهم ملاحدة، لانهم ینتقدون الوهابیة کرها للکیان السعودي الذي اقیم بالتحالف بین ابناء عبدالوهاب وابناء عبد العزیز.

هجوم الشریم جاء في اطار سلسلة من التغریدات على صفحته الرسمیة على موقع التواصل الاجتماعي، تویتر، حیث کتب یقول: “یتهمون دعوة الشیخ محمد بن عبدالوهاب ویعلمون أنهم مفترون، ولکن لأنها أصل فی قیام بلاد الحرمین فإن اتهامهم للأصل سیشمل الفرع وهذا ما یریدونه”.

وتابع الشریم فی تغریدة منفصلة: “یغتر أهل اﻹلحاد بإمهال الله لهم فی العمر والعقوبة فیزدادون بذلك جرأة وإلحادا وهم إنما یستدرجون (إن الذین یلحدون فی آیاتنا لا یخفون علینا…)”.

من المؤکد أن الشریم ما کان لیتنازل ویغرد بهذا الشکل البائس فی الدفاع عن الوهابیة ومؤسسها والکیان السعودی، لولا شعوره بالخطر الذی اخذ یحدق ب”الدعوة النجدیة” المتخلفة والمتناقضة للطبیعة البشریة، حیث لم تعد بمقدور اذرع الاخطبوط الوهابی الممتدة فی جمیع انحاء العالم ببرکة الدولار السعودی، الدفاع عن الوهابیة، بعد أن انکشفت حقیقتها للعالم أجمع من خلال الممارسات الوحشیة ل”داعش” واخواتها فی العراق وسوریا والیمن ولبنان ولیبیا وأوروبا وآسیا وافریقیا، حیث اخذت تتعالى الاصوات من مختلف انحاء العالم الداعیة الى اقتلاع هذا السرطان الوهابی من جذوره والى الابد.

فات الشریم، أن الاولى به الدعوة الى إسلام محمد بن عبدالله (صلى الله عليه وآله)، لیس الدعوة الى المدعو محمد بن عبدالوهاب النجدی، وعلیه أن یتبع سید الرسل (صلى الله عليه وآله)، ولا یتبع من کفر أتباع المصطفى (صلى الله عليه وآله) اجمعین الا من رضى عنهم ابن عبدالوهاب، ترى هل الناس کانوا مشرکین وملحدین قبل ظهور الکارثة المعروفة باسم محمد بن عبدالوهاب؟، الى متى یا شریم ترید أن تغطی على الوجه القبیح للوهابیة؟ وکیف تغطی على الالاف الافلام والصور التی تظهر اتباع مذهبک وهم یفجرون انفسهم فی الناس ویذبحون ویغتصبون ویدمرون ویهدمون على صیحات الله أکبر؟، ألا تعتقد أن الناس یکرهون مذهبك وکیانك، لا بسبب الالحاد والا التعصب ولا أي شیء اخر یخطر ببالک وبال مثالک، انما الناس یکرهون مذهبک لتخلفه وتطرفه وتعارضه مع الفطرة الإنسانیة، ومع العلم والحضارة والتقدم، کما یکرهون کیانک لانه کیان یعیش خارج الزمن لا وجود فیه للکرامة الإنسانیة، ولا للحقوق والحریات الدنیا التی تعتبر من مقومات الحیاة الإنسانیة، ویرفض الاختلاف، خلافا لقوله تعالى:”لَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِی الْأَرْضِ کُلُّهُمْ جَمِیعًا أَفَأَنتَ تُکْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ یَکُونُوا مُؤْمِنِینَ”.

اقول للشریم وامثاله، أن نهایة الوهابیة وحتى نهایة کیانک، الاصل مع الفرع، باتت قریبة، ومخطئ کُلّ من یعتقد أن بالإمكان اعادة تاهیل الوهابیة، أَوْ اصلاح النظام السیاسی فی السعودیة، فکلاهما، النظام الدینی والنظام السیاسی، ینتمیان الى ما قبل التأریخ، ویتعارضان مع الإسلام والحیاة والطبیعة والإنسان.

*شفقنا