الشهيد القائد.. الرقم الصعب في زمن الأصفار
بقلم العميد/ عزيز راشد
بمزيد من الاعزاز والاكبار نحيي الذكرى السنوية للشهيد القائد السيد/حسين بدرالدين الحوثي (رضوان الله عليه) الذي أسس للوطن والأمة مشروع النهوض كأولى الخطوات في كيفية مواجهة الاخطار التي تعصف بالأمة العربية والإسلامية من حيث التثقيف الواعي والاعداد والتخطيط والتنظيم السليم في بناء امة حية تعيش بعزة وكرامة كبقية الأمم في هذا العالم.
إن الشهيد القائد يعتبر مدرسة فكرية عظيمة جسد القرآن الكريم في حياة الناس جميعا حتى غدا علماً ونبراساً يقتدى به وبمسيرته السلمية والجهادية معاً في استثمار حياتنا ومماتنا في سبيل الله وفي سبيل عزة وكرامة أبناء هذا الشعب وهذه الامة.
فكان المقياس الحقيقي لعظمة هذا الرجل هو التضحية بنفسه وبأهله من اجل المبادئ والقيم التي رسمها ورسخها لنا فصارت انموذجاً يحتذى به من خلال التضحيات التي قدمها أبناء شعبنا اليمني في مواجهة العدوان السعودي الأمريكي لمدة اربعة اعوام من الصمود والمواجهة مع الاعداء والادوات المحلية وها نحن ندشن العام الخامس بمزيد من الصمود والثبات بكل بسالة وشجاعة قل نظيرها في التاريخ رغم الحصار المطبق علينا كحالة خوف وجبن من العدوان بأن لا يصل حتى الدواء والغذاء وهذا ما حير الاستراتيجيين والمنظرين في القرن الواحد والعشرين بذهول من شراسة المقاتل اليمني الذي فرض معادلة توازن الرعب من خلال القوة الصاروخية والطيران المسير والقوة البحرية والاقتحامات البرية والتنكيل بالعدو في الساحل حتى ظهرت أمريكا تكشر عن أنيابها عدواً مباشراً ظاهراً وباطناً .
فقبل بالمنازلة الكونية التي فرضها عالم الغاب منفرداً لوحده ومحاصراً فكان الرقم الصعب في زمن الاصفار وكل هذا بفضل من الله وبمنهجية القرآن التي رسخها وأحياها الشهيد القائد في نفوس اهل الحكمة والايمان والبأس والقوة الذي لايعرف الاستسلام، فنم قرير العين أيها الشهيد القائد فأنت رسخت بدمك الطاهر كتلة صلبة تتكسر عليها مؤامرات الطغاة والمستكبرين.
* بين التأمل والتفريط.
بدون مقدمات سأدخل في صلب الموضوع مباشرة لأن هذا الرجل لا تحتويه المقدمات ولا تفي الكلمات بحقه مهما كان الاجتهاد في التعبير وانا عن نفسي أقول لقد قرأت الادبيات والمخطوطات والمؤلفات والنظريات الحزبية والمجتمعية فلم أر اكمل واجمل مما طرحه الشهيد القائد السيد/ حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه)وهذه شهادتي للتاريخ عبر هذه الصحيفة الموقرة .
بل إنني كلما طالعت محاضراته المكتوبة بشكل ملازم لكي ابدأ المطالعة العميقة فيها فلا اتجاوز الثلاث صفحات إلا ويسوقني خيالي إلى التفكير والتدبر والندم الشديد اننا فرطنا بعالم وعلم مثل السيد/ حسين بدر الدين الذي جسد كل محاضراته في واقعه العملي فضحى بنفسه وماله واسرته من اجل انقاذنا من نار جهنم اولاً ثم من اجل كيفية بناء الامة من الداخل ووضع الأسس والاهداف الصحيحة في مواجهة الأعداء والاشرار والطغاة من واقع القرآن معتمدين على الله ومتوكلين عليه بثقة عالية.
ومن خلال ما ترجمه لنا سيدنا الحسين بن على عليهما السلام كان حسين مران المقتدي بأثر جده الحسين، فصدق جده وأوفى بوعده وسار على خطاة ونهجه من اجل انقاذ هذه الامة من التيه الذي وصلنا اليه كما عبر في إحدى محاضراته.
فأراد الأعداء محو ذكر الحسين بن علي فزاده الله ذكراً الى اليوم مئات الملايين من أتباعه وأمحى الله ذكر الظالمين بل ومقتهم الى اليوم،
وحسين مران أرادوا له ذلك أيضاً فأبت إرادة الله إلا مزيداً من الذكر كحسين كربلاء وهذا هو المعيار وهذا ما نراه واقعاً ملموساً اضحى في مقدمة أخبار وسائل اعلام العالم من الشرق الى الغرب.
ويؤسفني ان البعض في الداخل ما يزال لم يفهم أو يع هذا الانسان العظيم، لقد فهمت أمريكا من هو هذا الرجل، وبعض الاغبياء او ممن يحملون الأحقاد بدون وعي يساقون بأمر أمريكا في مواجهة منهجية القرآن وهذا ما لا يستطيعون لأن الله يقول (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) فالحق ابلج والباطل لجلج وصدق القائل سبحانه وتعالى (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ).
المراحل التي اتخذها الشهيد القائد في سبيل الوصول نحو الأهداف العليا التي تخدم الأمة جمعاء
بدأت نظرة السيد حسين للواقع المعاش وبدأ بتقييم الوضع المجتمعي المهرول نحو المجهول والمنساق خلف المشاريع الخارجية وخصوصاً الامريكية التي تهدف الى فرض الهيمنة على الامة العربية والإسلامية بشكل خاص.
المرحلة الأولى:
أراد من خلالها النهوض بالمجتمع والأمة نحو اهداف كان بعضها في البرنامج السياسي لحزب الحق والتي لاتزال ولكن دون جدوى في تطبيقها امام العراقيل التي حيكت حينها لتحجيم الأحزاب السياسية الناشئة وهذا ردا على من لايزالون يطرحون اسئلة مكررة، لماذا انصار الله لم يكونوا حزباً سياسياً؟، الجواب: لقد شكلوا وجربوا وتجريب المجرب لا يكتب له النجاح.
المرحلة الثانية:
كانت التجربة الثانية للشهيد القائد مع مجموعة من زملائه واقرانه في تأسيس الشباب المؤمن لتكوين قاعدة انطلاق تجمع بين الفكر التقليدي والحديث والمعاصر باعتبار القرآن الكريم هو لكل زمان ومكان لمواجهة الاخطار المحدقة بالأمة والمجتمع من غزو الوهابية للمجتمعات وتوسعها الجيوبولتيكي المدعوم مالياً وسياسياً ودولياً .
إلا أن الشهيد القائد شعر بعدم جدوى هذا العمل لأسباب كثيرة أهمها بروز واقع الجدل في البداية ومحاولة استغلال هذا المكون لغرض استخدامه لفرض تصادم مع جهات السلطة حينها ترغب بذلك الدور نيابة عنها، وبالتالي فإن الشهيد القائد ايقن بأن المشروع يجير لأغراض سياسية ولا يمكن ان يكتب له النجاح مهما ظن الآخرون انه لمصلحتهم حينها.
لأن السيد القائد كان صريحاً وواضحاً وينطلق بمصداقية القرآن الكريم الذي تربى عليه واقتنع به فكراً وسلوكاً وثقافة ويقيناً.
وعليـــه:
اتخذ قرار الانسحاب عن ذلك المشروع الذي يراد تفخيخه منذ البداية، كما قيدوا حزب الحق الذي كان السيد من ضمن المؤسسين له لأن الشهيد القائد رحمة الله عليه كانت نظرته أوسع واعمق مما كان يطمح اليه الآخرون في معالجة قضايا الامة.
فعاد الى جبال مران حيث موطنه الأساسي لكي يبدأ مرحلة الانطلاق في انعاش ثقافة القرآن في نفسية المجتمع وهو على يقين بأن منهجية القرآن هي النواه واللبنة الأساسية والمدماك الصلب الذي تذوب فيه كل الخلافات وتجتمع عليه الامة انطلاقاً من إيمانه بالله سبحانه وتعالى وبقوله سبحانه وتعالى (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ) وقوله عز وجل ( فيه تبيان لكل شيء).
ومن هذا المنطلق انطلق الشهيد القائد بالقرآن واعظاً وهادياً ومبيناً الهدي القرآني المحمدي الأصيل بطريقة سلسة وبسيطة ومفهومة وغير معقدة أو مبهمة باعتبارنا عرباً كما عبر عن ذلك في إحدى محاضراته ونحن اعرف باللغة العربية التي هي لغة القرآن التي بين الله سبحانه لنا كل صغيرة وكبيرة ونظم حياة الناس ومماتهم وجهادهم واعمالهم وسياساتهم واقتصادهم وكل الأمور التي من شأنها اعلاء دين الله في هذه الأرض وإقامة العدل فيها باعتبارنا خلفاء له نحكم بالحق لكي يسود العدل إذا تمسكنا بالقرآن قولاً وعملاً استناداً الى قوله سبحانه وتعالى (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ).
فالرسل والبينات والكتاب والميزان (المساواة ليقوم الناس بالقسط العدل) وهذا هو المعيار الحقيقي الذي جعل الناس يلتفون حول السيد القائد/ حسين بدر الدين الحوثي الذي رسخ هذه المفاهيم القرآنية بأسلوب شيق وجذاب لأن دين الله جذاب لفطرة الانسان التي كونها في الذات البشرية وهذا ما يجهله الآخرون.