الخبر وما وراء الخبر

المشروع القرآني في وجه المشروع الإمبريالي

44

بقلم | سعاد الشامي

لطالما أستهدفت ركائز الأمة الأساسية و خاصة منها تلك المرتبطة بالتمكين في الأرض والنهوض الحضاري ، فدجنت الأفكار وضربت القيم وأفسدت النفوس وطويت الأخلاق وخارت القوى وسلبت الإرادة وأنحرفت المفاهيم وانتهكت الحرمات وسقط الشرف وعطلت حاسة الكرامة وصارت الأمة الإسلامية أضعف وأغبى وأجهل أمة في أزهى العصور ، تتعثر في ثوب الخزي وتنسل من هويتها وتلبس ثوب الهوان!

بينما كانت الدول الإمبريالية المتخصصة في تدمير الأرض وإفسادها واستعباد شعوبها مثل أمريكا وبريطانيا قد بلغت بمشاريعها الإستعمارية ذروة الهيمنة والنهضة الغربية والتطور التقني والصناعي وبعد أن نجحت في تثبيت دعائمها في مساحات واسعة من الكرة الأرضية وبالاخص منطقة الوطن العربي التي حولت شعوبها وخيراتها إلى أدوات استعمالية بيدها للحفاظ على مصالحها وزيادة قوتها وتمركزها وهيمنتها العالمية ، خاصة وقد تحكمت في قرارتهم السياسية عن طريق عمالة الزعماء العرب لها وسيطرت عليهم اقتصاديا وتسلطت عليهم ثقافيا وحضاريا وفصلتهم عن ماضيهم وحضارتهم حتى لايتسنى لهم التفكير مجددا بالعودة إلى ماكانوا عليه من تاريخ القوة والغلبة وصرفتهم عن حاضرهم بتفكيك كيانهم المادي والمعنوي فلا تقوم لهم قائمة ولا يعتلي لهم شأن.

أستشرى الذل في كيان الأمة وتهافتت شعوبها في حمأة الضلال ولم يكلفوا أنفسهم مهمة البحث عن الأسباب التي أوصلتهم إلى هذا الحال المهين ، لم يكونوا يدركوا أن أبتعادهم عن نهج الله وكتابه الكريم الذي نجحت الوهابية التضليلية بتحويله إلى ظاهرة صوتية وبنك حسنات بإشراف الأنظمة الأمبريالية التي ادركت خطورة هذا القران في حال طبقت تعاليمته وتوجيهاته عمليا ،فلم تجد حينها حلا لتبعد الناس عنه إلا بصناعة هذا الفكر التضليلي الذي حمل مسمى الإسلام وتم زرعه في مركز المقدسات الإسلامية وتركزت مهامه في نشر العقائد الباطلة والثقافات المغلوطة وجعل المسلمين يدورون حولها ويبتعدون عن القرآن الكريم سر قوتهم ومصدر عزتهم وكرامتهم.

تعددت عناوين الهيمنة والإستغباء الفكري وكان عنوان الأرهاب هو الأخطر تخطيطا لعمليات التغلغل العكسري إلى داخل الأوطان والسطو على مقدارتها وبدون وجود أي مقاومة أو ممانعة شعبية نتيجة أنعدام الوعي بخطورة هذه المخططات ولكن من رحمة الله بهذه الأمة أنه لايتركها تتوه في غياهب الضلال دون أن يصطفي لها من أعلام الهدى من يصونها ويحميها وينصر دينها وفي هذا العصر الحالك بالظلام سطع من صعدة السلام نجم الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه والذي نهل من مشكاة القران فحمله بين جوانحه وأدرك خطورة المرحلة التي تمر بها هذه الأمة وكشف ببصائر القرآن خطورة وحقائق هذا المشروع الإمبريالي الذي يسعى إلى إحتلال الأوطان ونهب الثروات واستعباد الشعوب وتوضيفهم كمادة بشرية تضمن لهم السيطرة العالمية.

أدرك الشهيد القائد رضوان الله عليه أن لا سبيل لمواجهة قوى الجبروت والتسلط إلا بسلاح القرآن الكريم والتحرك الثقافي في توعية الناس بخطورة ماهم عليه ، فقرر أن يكسر قيود الصمت في زمن الخنوع ويذكر الناس بماأصابهم من الذل ناصحا لهم بالرجوع إلى كتابهم القرآن والتمسك بعروته الوثقى والإحتكام إلى آياته حتى يحوزوا على الضمانة السماوية بالعودة إلى ماكانوا عليه من أبجديات القوة والعزة والتمكين ، وكان من حقهم أن يعتبروا بهذا الكلام وأن يقابلوا النعمة بالشكران ولكن أنى للنفوس التي طبعت على الشر أن تميل إلى الخير وأنى لزعماء خانعين رضوا بالذل وسارعوا إلى مولاة اليهود والأمريكان أن تأنس نفوسهم إلى الحرية والتخلص من الوصاية الخارجية ، فمازادهم ذلك إلا استهتارا وإمعانا في غيهم وأنسياقا في توجيهات أسيادهم في البيت الأبيض وتل أبيب ، فخذلوا الشهيد القائد وحاربوه وقتلوه وأزهقوا دما زكيا وصعدت روحه طاهرة مقدسة ، مبرورة مكرمة ، تشكو جورهم وطغيانهم وتتبرأ إلى الله من أعمالهم.

قتلوا الحسين ولكن هيهات لهم قتل مشروعه القرآني ، فلقد تخرج على يديه عمالقة هذا العصر الذين أفشلوا مساعي أمريكا في وطنهم ولم يساوموا في مبادئهم ولم يتنازلوا عن كرامتهم ولم تهزهم كل التهديدات وفشلت فيهم كل المحاولات ولم يرعبهم لا حديد ولانار ولاحصار ولادمار وواجهوا بسلاح الإيمان ودرع التوكل على الله منظومة العدوان الأمريكي الإمبريالي منذ أول طلقة في الحروب على صعدة وحتى آخر ضربة صاروخ في عدوانهم على اليمن ، فمازالوا هم المنتصرون وسيبقون كذالك مادام ونور الله لاينطفئ.

فسلام الله على الشهيد القائد وسلام الله على كل من حمل في قلبه هذا المشروع القرآني وطبقه سلوكيا عمليا على أرض الواقع.