الخبر وما وراء الخبر

حمود سعيد وشركاؤه!

124

 نجيب القرن  


 

في الوقت الذي ينتظرُ فيه الكثيرُ من الناس وقْفَ العدوان الخارجي وتتوجه أنظارُهم إلى متابعة ما ستسفر عنه مباحثات جنيف اثنين إذَا بسكان تعز خَاصَّــة يتفاجؤون بفتح فروع جديدة للمقاولة بإشراف هادي شخصياً في عدة مناطق ومديريات أخرى من المحافظة بالذات منطقة الشريجة التابعة لمديرية القبيطة وأجزاء من مديرية حيفان تحت ذريعة تحرير تعز وتخليصها من الغزو والعطش الشديد!

لم يكن أحد يتخيّل للحظة واحدة أن تصبحَ عاصمة الثقافة ساحة حرب وذلك لعوامل كثيرة منها تميز أهل تعز بسلميتهم المعروفة وانصرافهم للوظائف الحكومية والأعمال اليدوية وعدم اهتمامهم بمسألة حمل السلاح مقارنة بالمحافظات الأخرى، لكن السببَ والبدايةَ لحالة تعز باختصار كانت بظهور شخصية حمود للواجهة، وهو من الشخصيات الذين يحبون ويعشقون دوماً تصدُّر الواجهة، ويا ليته كان بالفعل متصدراً لحل قضايا أبناء المدينة بجدٍّ وإنصاف أَوْ مشهوراً بنزاهته.

بروزُ شخصية حمود وتلميع صورته أكثر بدأ بعد تصدُّره للمقاولة وإغراق تعز في أتون معركة وهمية لا مبرر لها باسم ردع الغزاة والمحتلين.. المشكلة أنه تولى فتحَ باب المقاولة للعديد من المغرر بهم المصمّمين والمعتقدين أنهم يواجهون غزواً فارسياً يحتل الأرض ويستبدل نورَ الإسلام بنار كسرى!

مَن قادوا تعز للفوضى إلى جانب حمود سعيد لم يكونوا ممثلين عن كُلِّ سكان تعز ولم يأخذوا بمشورة وجهائها وعقلائها ونخبتها، ونتحداهم إثبات أنهم اتخذوا قرارَ المواجهة عبر مشورة وإجماع الغالبية من أبناء تعز.

فمن الذي خوّل حمود ونصّبه إماماً ليقرر المواجهة نيابةً عن أكثر من أربعة ملايين تعزي جُلّهم من مختلف التوجهات والتكوينات؟.. هل هذه هي الشورى التي يؤمنون ويدعون لها؟!

لقد صحت تعز فجأةً لتجد نفسَها أمام طيش فردي، مرغمةً دون مشاورتها وأخذ رأيها، دُفع بها دفعاً لواقع لا مناص منه نحو طريق ومنزلق الجهاد السعودي المزيف، ليس سواهم مَن تخلوا عن سلميتهم الخادعة وعن حمل القلم واللافتة ليقفوا موقفَ الشحاتين فاردين أيديَهم مرابطين أمام نقاط توزيع المال والسلاح الهابط جوياً من أرض “الحرام” ثم يظنون أنهم بعد ذلك وطنيون وشرفاء! وأن الأحرار الحقيقيين في الداخل والخارج سينظرون إليهم نظرة إعجاب وإكبار.

وبرغم أن أنصار الله عرضوا على حمود سعيد قبل عدة شهور خروجهم من تعز مقابل شروط بسيطة وسهلة تجنب الجميع الدمار إلّا أنه رفض ذلك باعترافه الصريح في إحدى مقابلاته، والمفترض حينها لو كان يتمتع بشيء من الحنكة والعقل ومحباً لتعز أن يستغل أية بادرة حسَنة تؤدي للسلم ووقف النار. ربما أعمته عنترياتُه الفلاشية والتي لمعت بعد وصول فتنة المال والسلاح إلى سطوح المنازل.

ما يقوم به حمود وأتباعه يشبهُ إلى حد كبير ما قام به (إريك برنس) مخترع ومؤسس شركة (بلاك ووتر) الشركة الأمريكية الشهيرة التي جنّدت من المرتزقة المقاولين للعمل القتالي والأمني في عدة بلدان مثل العراق بعد الغزو والاحتلال الأمريكي ودولة الإمارات لتأمين أنابيب النفط.

اختيار حمود سعيد لطريق المقاولة جاء طبعاً بعد دخول العاصفة وشجّعه كثيراً تأييد حزب الإصلاح لها بجانب قطيع كبير للأسف من اليساريين والقوميين المنحازين اليوم للملوك والأمراء المتناسين للكادحين والفقراء، ولتأكيد صدق وقوفهم وإخلاصهم للمملكة شرعوا للتغرير على المساكين بأنهم أمامَ مواجهة غزو واحتلال فارسي والحقيقة أنها عملية واضحة للمتاجرة بأبناء تعز تحت مسمى تحريرهم من تمدُّد صفوي إيراني طمع بالاستيلاء على (البعرارة وتبة الزنقل)!

للأسف الشديد بدلاً عن البحث لإيجاد مخارجَ سلمية وأخذ الدرس من خلال المواجهات الدائرة داخل المحافظة إذَا بنا أمام افتتاح فروع لمقاولات جديدة وشركاء آخرين لحمود سعيد.

الدأب في توسعة الخرق وفتح مساحات جديدة للاقتتال تجارة واضحة بأرواح الأبرياء رغم علمهم ومعرفتهم في قرارة أنفسهم أنهم لن يصلوا عبر هذه البوابات وأنها لن تجلب سوى مزيد من الدماء ومضاعفة الألم والحزن للأبرياء ورغم علمهم بمعارضة واستنكار غالبية سكان تلك المناطق لهذه المغامرات الجنونية إلّا أن ركوبَ موجة الحماقة والمكابرة وتنفيذ رغبات شياطين مملكة الفتنة تجعلهم يسترسلون في المُضي للوصول كعادتهم إلى نقطة مجهولة في نهاية المطاف.