الخبر وما وراء الخبر

صعق كهربائي وجلد وحرق.. .أساليب تعذيب معتقلي الرأي في السعودية

51

كشفت صحيفة “الغارديان” البريطانية في أحدث تقاريرها مضمون وثائق مسرّبة من داخل البلاط الملكي السعودي، تؤكد للمرة الأولى بالأدلة تعرّض السجناء السياسيين في المملكة لمختلف أنواع الانتهاكات والتعذيب، على الرغم من نفي السلطات ذلك.

وأشار تقرير الصحيفة الى أن السجناء السياسيين في المملكة يعانون من سوء التغذية والجروح والكدمات والحروق، وذلك بحسب تقارير طبية مسربة يبدو أنه تم تجهيزها لعرضها على الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز.

الصحيفة قالت إنها حصلت على معلومات مفادها أن هذه التقارير الطبية سيتمّ عرضها على الملك سلمان، إلى جانب توصيات تتضمّن إمكانية العفو عن كل السجناء، أو على الأقل الإفراج المبكر عن أولئك الذين يعانون من مشاكل صحية خطيرة.

وأوضحت “الغارديان” أن “الخيارات المطروحة تأتي في سياق عملية مراجعة داخلية أَذِن بها الملك، إذ أمر بإجراء فحوصات لحوالي 60 سجينا أغلبهم نساء”، وقد تم تسريب بعض هذه التقييمات الطبية لصحيفة “الغارديان” التي طلبت من الحكومة السعودية التعليق على هذه التقارير الطبية منذ أكثر من أسبوع، لكن متحدثا باسم الحكومة رفض مناقشة هذه المسألة، على الرغم من منحه المجال للقيام بهذا الأمر في عدة مناسبات.

وفيما أوضحت الغارديان أنها لاحظت عدم نفي المسؤولين السعوديين صحة هذه التقارير المسربة، لفتت الى أن أنها تمكّنت بشكل مستقلّ من التثبت من صحة ومحتوى أحد هذه التقارير الطبية، وتابعت “الحالة الصحية لأفراد آخرين، مثلما وُصفت في هذه الوثائق كانت مطابقة لتقارير ظهرت سابقا تضمنت إشارات إلى وجود تعذيب”.

“الغارديان” تحدّثت عن وجود ضغوط متزايدة على المملكة حول مسألة اعتقال ومعاملة السجناء السياسيين، وسط حديث عن تعرض الناشطات السعوديات للصعق الكهربائي والجلد في الاحتجاز.

وعلى إثر حادثة اغتيال الصحفي المعارض جمال خاشقجي، أشارت تقارير إلى أن الملك سلمان أمر بمراجعة قرارات توقيف واحتجاز حوالي 200 من الرجال والنساء، في إطار حملة كان قد أمر بها ولي العهد محمد بن سلمان.

وتابعت الصحيفة بالقول إنه بحسب مصادر مطلعة على عملية المراجعة، فإن القصر الملكي تجاهل اعتراضات مساعدي ولي العهد وسعى للقيام بفحوص طبية لعدد من المعتقلين لمعرفة حالتهم الصحية، وكان بين من خضع للفحص عادل أحمد باناعمة ومحمد سعود البشر وفهد عبد العزيز السنيدي والكاتب زهير كتبي وعبد العزيز فوزان الفوزان وياسر عبد الله العياف، أما النساء اللواتي تم فحصهن فكانت بينهن سمر محمد بدوي وهتون أجواد الفاسي والطبيبة عبير النمنكاني.

وقد علمت “الغارديان” أن هذه الفحوصات تمت في شهر كانون الثاني/يناير الماضي، وتضمّنت هذه التقارير الطبية التي مُهرت بعبارة “سرية” ثلاث توصيات عامة للملك حول الخطوات المقبلة.

وأُرفقت التقارير الطبية بتعليقات تشير إلى أن كثيرًا من المعتقلين تعرضوا لمعاملة سيئة جدا، ويعانون من مجموعة من المشاكل الصحية، وفي كل الحالات تقريبا، وطالبت بنقل المعتقلين بشكل عاجل من الحبس الانفرادي إلى مركز طبي.

كما بيّنت الصحيفة أن التوصيات الصادرة عن مستشاري الملك تتضمن العفو عن كل السجناء السياسيين والإفراج عن المعتقلين منذ 2017 وإطلاق سراح السجناء الذين يعانون من مشاكل صحية.

ونقلت الصحيفة عن ناشط حقوقي طلب عدم الكشف عن اسمه أن الأوصاف التي تضمنتها هذه التقارير المسربة حول الأفراد الذين يقبعون في السجن الانفرادي متطابقة مع الأدلة التي جمعها نشطاء آخرون، وأضاف أن الطريقة الوحيدة للتأكد بشكل كامل من صحة هذه الوثائق هي السماح لمراقبين مستقلين بمقابلة هؤلاء المعتقلين وإجراء تقييمات يتم الكشف عنها أمام العلن.

وقال المصدر ذاته للصحيفة إن المعتقلات من النساء تعرضن للصعقات الكهربائية والتقييد فوق الكراسي والضرب في أنحاء متفرقة من أجسادهن باستخدام العقال، وهو قطعة من اللباس التقليدي السعودي يضعه الرجال فوق رؤوسهم.

ماذا يعاني معتقلو الرأي في السجون؟

بحسب معلومات “الغارديان”، تضمّنت الملاحظات الطبية التي وردت في التقارير المسربة أن أحد المعتقلين المرضى يعاني من انخفاض حاد في الوزن ويتقيأ الدم بشكل متواصل، وهناك أيضًا عدد من الجروح والكدمات المتفرقة على الجسم، وجروح بارزة في الصدر وأسفل الظهر، ما يحتّم نقل المريض من السجن الانفرادي إلى مصحّة متخصّصة للحصول على العلاج الفوري والمزيد من الفحوصات.

وورد في التقارير أن أحد المرضى يعاني من صعوبة في المشي بسبب عدد من الكدمات الواضحة في منطقة الساقين، وهناك أيضا عدد من الجروح التي يمكن رؤيتها في الساعد ومنطقة أسفل الظهر، كما أن سوء التغذية وجفاف الجلد واضحان.

كذلك عُلم أن أحد المرضى يعاني من كدمات واضحة في جسمه، خاصة في مناطق الظهر والبطن والفخذين، إضافة الى سوء التغذية بسبب نقص الطعام.

وفي وصف حالة مريض آخر، ورد في التقارير أن المعتقل لا يمكنه التحرك مطلقا بسبب جروح في الساقين إلى جانب ضعف عام في الجسم بسبب سوء التغذية ونقص السوائل، كما أنه يعاني من حروق شديدة في كامل الجسم، وحروق قديمة لم تشفَ تمامًا بسبب الإهمال الطبي، إضافة الى صعوبة في الحركة بسبب سوء تغذية حادّ ونقص عام في السوائل.