حاجة المرأة للإقتداء بسيدة نساء العالمين
بقلم | سكينة المناري
يبرز دور المرأة المؤمنة جلياً عبر التاريخ في تحمل المسؤولية الآلهية وفي مواجهة الظلم والطغيان في ظل الأنبياء والرسل وفي كل عصر . يبرز دورها مهماً في إقامة دين الله والقيام بالمهمة التي كُلفت بها وهي الإستخلاف في الأرض..
في عهد فرعون والظلم والإضطهاد والحالة المزرية والمهينة وأصناف العذاب والتجبر الذي كان يلاقيه بني إسرائيل من فرعون وأعوانه ، أراد الله أن ينقذهم من عذاب فرعون وأن يرفع عنهم ظلمه وطغيانه . لكن لم يكن هناك من الرجال من هو مؤهل لحمل المسؤولية . ولم يكن هناك من يمثل الإيمان الصادق الخالص لإنقاذهم من الحالة السيئة التي يعيشونها ؛ ففسدوا، وضلوا وانحرفوا .
فقط كانت هناك امرأة مؤهلة إيمانياً لبداية الفرج من عذاب فرعون لإستقامتها وإخلاصها.
آسيا بنت مزاحم امرأة فرعون التي تلقت النبي موسى من اليم وآمنت به وأسندت رضاعته لأمه، ذكرها القرآن الكريم كمثال للنساء المؤمنات وقال تعالى : {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} .
وكان فرعون يقتل كل مولود ذكر فأوحى الله إلى والدة النبي موسى : { وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ }. فجعل الله السيدة آسيا الحاضن الأول لتبليغ رسالة النبي موسى عليه السلام .
ومن مكانة المرأة عند الله عز وجل أن جعل لها قدوات خلد ذكرهن في آيات القرآن الكريم تتلى إلى يوم القيامة لتقتدي بهن وتسير على نهجن.
وإذا عدنا لنستذكر نموذج واحد كالسيدة فاطمة الزهراء عليها السلام فإننا نستذكر خيرة النساء وأم الأولياء ، فأننا نستذكر البيت النبوي ونستنشق عبقه المحمدي . فإذا ما أتينا إلى فاطمة الزهراء فإننا نأتي إلى بحر من العلم والفصاحة والبلاغة ونأتي إلى الكمال الإيماني والإنساني الذي وصلت إليه السيدة فاطمة البتول الزهراء التي كانت أحب إلى رسول الله وأقربهم إليهم . فقد كان رسول الله إذا دخلت فاطمة قام من مكانه تكريما لهت ،وكانت أول من يسلم عليها عند عودته وآخر من يسلم عليها عند خروجه.
كانت هي المواسية لرسول الله صلوات الله عليه وعلى آله بعد وفاة أمها خديجة عليها السلام وأحب إليه من الأخريات ليس لأنها ابنته أو عاطفته الأبوية حتى يلقبها”أم أبيها” بل كمال إيمانها وإخلاصها وتواضعها جعلها بهذة المكانة . فقال فيها ” فاطمة بضعة مني فمن أغضبها فقد أغضبني ومن أغضبني فقد أغضب الله”
كانت هي المؤمنة بحق ؛ فحين رأت بداية الإنحراف بعد وفاة أبيها غضبت وتألمت وهي ترى دين الله يحرف ويعبث به فخطبت بين الصحابة وأرشدت لكي يستقيموا ويعودوا إلى الطريق الصحيح لكنهم إنحرفوا وخالفوا وكانت بداية ضياع هذه الأمة.
غيبوا السيدة فاطمة وسيرتها أعداء الإسلام ؛ لأنهم يعلمون أن المرأة المسلمة لو سارت على نهج فاطمة واقتدت بها لشكلت عقبة أمام مخططاتهم . لأنهم يعلمون أن المرأة لو سلكت طريق فاطمة الزهراء لن تنجر وراء فسادهم ولن تخضع لإستهدافهم .
ومازالوا يدأبون لإستهدافها، لم يكتفوا بما قد وصلوا إليه من إنحطاط وتقليد وغزو فكري وأخلاقي ، لم يكتفوا بأن أوهموا المرأة بأنها ناقصة الحقوق مضطهده ممتهنة . لم يكتفوا بإفسادها عبر المسلسلات واللباس . ولم يكتفوا بأن جعلوها وسيلة للإفساد .
ولن يكتفوا إلا عندما يرونها تضل السبيل لأنهم كما قال الله تعالى { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّوا السَّبِيلَ} . ولن يكتفوا إلا عندما يرونها ضالة وأمَة لهم لتصبح تحت أقدامهم وتحت إرادتهم لاستعبادها.
فما أحوج المرأة المسلمة اليوم لتعود إلى سيرة فاطمة ، إلى نهج، فاطمة ، إلى أخلاق فاطمة، إلى صبر وجهاد فاطمة، إلى إيمانها، إلى وعيها، إلى شجاعتها ،إلى ثباتها وإخلاصها؛ ما أحوجها أن تتمسك بنهج فاطمة.
وأما الأعداء فإنهم يستخدمون كل الوسائل لإضلالها وإفسادها!
فما أحوجها والأعداء يسعون بكل قواهم أن يبعدوها عن طريق الحق عن الطريق المستقيم . فالمراة اليمنية في هذا العصر هي من جسدت معاني فاطمة بصمودها أمام الإستهداف العدواني بكل أنواع الحروب التي تسعى لإستهداف قيّمها وعزّتها ك”الحرب الناعمة”.
ولكنها تظل بحاجة ماسة للإقتداء الفاطمي الزينبي في زمان يغرق الناس فيه بالضلال والتيه؛ لتكون امرأة تقهر طغاة الأرض وتحطم أحلامهم الشيطانية.