الخبر وما وراء الخبر

الأسلحة البريطانية.. ترخيص حكومي مفتوح لقتل الشعب اليمني

39

أشارت صحيفةٌ غربيةٌ إلى تواطؤ الحكومة البريطانية في جرائم الحرب التي يرتكبُها تحالفُ العدوان بقيادة السعوديّة بحق الشعب اليمني منذ 4 سنوات، وذلك من خلال منحها تراخيصَ مفتوحة لاستيراد الأسلحة بعيداً عن أنظار المنظمات غير الحكومية ومراقبة الصادرات في لندن.

ونشرت صحيفة “الجارديان” البريطانية في عددها الصادر، أمس الأول تقريراً صحفياً باسم “رود اوستن” يتحدث عن الدور البريطاني في حرب اليمن ومشاركة الحكومة في قتل اليمنيين، كما يدعوها لوقف بيع الأسلحة للسعوديّة، حيث كشف التقرير عن إحصائيات مبيعات الأسلحة إلى الرياض من أجل استخدامها في قتل المدنيين باليمن.

وأوضح التقرير أن الحكومة البريطانية سمحت بتسليم 18.107 تراخيص مفتوحة للأسلحة والمعدات المزدوجة الغرض بين عامي 2015 وَ2017، دون الكشف عن الكميات أو القيمة المطلوبة، تضمنت تلك الصفقات طائرة ايركرافت التي تقدر قيمتها 2 مليار جنيه استرليني، وكذا طائرة يوروفايتر تايفون التي تبلغ قيمتها 2.5 مليار جنيه استرليني. سواء بشكل فردي أو عن طريق وسيط.

ولفتت “الغارديان” إلى دراسة أعدتها منظمات بريطانية غير حكومية حول تحليل الأزمة في اليمن، حيث طالبت تلك الدراسة الحكومة بوقف بيع الأسلحة للدول المتورطة بجرائم حرب وانتهاكات حقوق الإنسان وعلى رأسها السعوديّة، وأكّــدت الدراسة افتقارها إلى التفاصيل المتعلقة بحجم وكمية مبيعات الأسلحة، وذلك لوجود أخطاء واسعة في استراتيجية الحكومة البريطانية المتعلقة بمبيعات الأسلحة.

من جانبه قال الناشط الحقوقي البريطاني “روي إيزبيستر” من منظمة “سافير وورلد”، وهو أحد الذين اشتركوا في كتابة التقرير: إن النظام السعوديّ يقوم في اليمن بانتهاك القانون الدولي مراراً وتكراراً، موضحاً أنه للآن يتم تجاهلُ أصوات تلك المنظمات من قبل الحكومة البريطانية التي ستقتبس من عملهم حجةً لمناظرتها في البلدان الأخرى عند حاجتها لذلك.

وأضاف “إيزبيستر” في تقريره أن أَكْبَــر فشل في نظام مراقبة الصادرات في المملكة المتحدة وهو استعدادُ الحكومة البريطانية لتزويد تحالف العدوان التي تقودها السعوديّة والإمارات على اليمن بمختلف أنواع الأسلحة، والتي لم يكن لدى اللجان المعنية بضوابط تصدير الأسلحة أي شيء تقريبًا حول هذا الموضوع في العام الماضي، مبيناً أن اليمن غائبة تماماً؛ بسببِ ولم تذكر في التحقيق الحالي، ونحن في حيرة من الأمر لفهم السبب، مبيناً أن الإبلاغ عن استخدام التراخيص المفتوحة غير كافي كلياً؛ لأَنَّ نوعَ وكميات المعدات يعد لغزاً، مضيفاً: نحن لا نتحدث هنا عن عدد قليل من المكسرات والمسامير بل عن حاويات مليئة بمكونات الطائرات المقاتلة الخطرة ونحن لا نعرف شيئاً عنها ولم تخبرنا الحكومة أي شيء عنها وهذا ليس جيداً تماماً.

وهاجم التقريرُ الحكومةَ البريطانية في ادعائها بأن نظام مراقبة الصادرات في المملكة المتحدة هو “أنه بين أفضل الأنظمة وأَكْثَــرها قوةً في العالم، داعياً إياها إلى المقارنة مع دول مثل ألمانيا، حيث يوجد “نهج أَكْثَــر تقييداً وخضوعاً للمساءلة” لإمدادات الأسلحة إلى اليمن، متسائلاً عن سبب فشل المجلس الاقتصادي والاجتماعي باستمرار في محاسبة الحكومة.

بدوره، أكّــد النائبُ عن حزب العمال البريطاني “ويد راسل مويل” تضامنَه مع المنظمات غير الحكومية في قلقها من أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي غير فعالٍ في محاسبة الحكومة على مخالفتها الروتينية لضوابط تصدير الأسلحة الخاصة بها، منوّهاً إلى أنه أمرٌ محترمٌ للغاية بالنسبة للحكومة التي ترفض حتى أَكْثَــر التوصيات تكرارا، معبّراً عن أمله في أن يعملَ الأعضاء هذا العام معاً لدفع الحكومة من أجل إجراء إصلاح جذري للترخيص والتطبيق والمراجعة.

ووفقاً لصحيفة “الغارديان” البريطانية، فإن الإحصائيات الرسمية للأمم المتحدة إلى أن عدد المدنيين الذين أزهقت أرواحهم في اليمن؛ بسببِ العدوان السعوديّ في مارس 2018، 5992 شهيداً، إضافة إلى 10470 شخصًا آخرين في عداد الجرحى، وقالت لجنة مراقبة الأسلحة: إن الأرقام لم تأخذ في الحسبان الوفيات الناجمة عن سوء التغذية والأمراض، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع عدد الوفيات إلى ما بين 56000 وَ80000 شخص، كما تطرقت الإحصائيات إلى الدمار الذي لحق البنية التحتية في اليمن، حيث كشفت الأرقام أن 3362 غارة جوية نفذت في 2018، 420 غارة جوية استهدفت مناطقَ سكنية، وَ231 غارة جوية استهدفت مناطق مزروعة، وَ95 غارة جوية استهدفت حافلات مدنية أو مركبات، وَ57 غارة جوية استهدفت مرافق تربوية أو أسوقا شعبية، كما تم القصفُ على المرافق الطبية بعشر غارات واثنتان استهدفت مخيمات المنظمات غير الحكومية، وأشار التقرير إلى أن 75 حادثاً فقط من أصل 1015 ناجماً من الغارات التي أثّرت على البنية التحتية قد قام بتحليلها فريق التحقيق المشترك في الحوادث، داعياً إلى إجراء تحقيق دولي أَكْثَــر شمولاً في مثل هذه الهجمات، مبيناً أن أَكْثَــرَ من 24 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى مساعدات إنسانية، نصفهم تقريباً من الأطفال، ولا يزال نقص الغذاء يؤثر على 16 مليون شخص.

واحتوت الدراسة البريطاني على مجموعة من التوصيات أبرزها العمل على التنظيم بشكل أَكْبَــر لشركات “صفيح النحاس” التي تساعدُ في التوسط في صفقات الأسلحة بينما يظل المساهمون والمدراء “غير مرئيين” لسلطات المملكة المتحدة. وكثيراً ما يستخدمون لإخفاء ممارسات الفساد بما في ذلك دفع الرشاوى والاحتيال، مطالباً بإجراء تحقيقات أَكْثَــر شفافية في انتهاكات قانون مراقبة الأسلحة، مشيراً إلى أن لدى المملكة المتحدة سجلاً سيئاً من الملاحقة القضائية، حيث غالباً ما تتم إحالة القضايا المعقدة إلى مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطرة ليتم التحقيق في وقت لاحق؛ بسببِ “مصالح الأمن القومي” غير المعلنة. وحثت الدراسةُ على المزيد من الرقابة والمشاركة من قبل وزارة التنمية الدولية في منح تراخيص تصدير الأسلحة؛ لأَنَّ المعلومات التي تم تمريرُها إلى الإدَارَة من قبل وكالات الإغاثة العاملة في مناطق النزاع يجب أن تمكّنها من تقييم تأثير الأسلحة التي توفّرها المملكة المتحدة بشكل كامل في الوقت الحاضر، مبيناً أن التراخيص المفتوحة تتطلب فقط من البائع إخطار الحكومة بعدد عمليات التسليم التي تم إجراؤها وليس الكمية أو النوع.

كما أوصى معدو الدراسة بأن على الحكومة أن تمتثل لتقريرها السنوي الخاص بحقوق الإنسان الصادر عن وزارة الخارجية البريطانية عن طريق إنهاء بيع الأسلحة إلى البلدان التي تقوم بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان وعلى رأسها السعوديّة والإمارات، لافتين إلى إحصاءات قدّمتها منظمة العمل غير الحكومية المعنية بالعنف المسلح، بين عامي 2008 وَ2017 كشفت عن منح الحكومة البريطانية تراخيص تصدير أسلحة تبلغ قيمتها 12 مليار جنيه إسترليني إلى هذه البلدان، مع تراخيص إضافية للاستخدامات الثنائية (العسكريّة وغير العسكريّة) بقيمة 10 مليارات جنيه إسترليني هذه التراخيص لدول على قائمة المراقبة لوزارة الخارجية البريطانية.