الخبر وما وراء الخبر

الأسلحة الفرنسية تقتل الشعب اليمني

49

ذمار نيوز.|تقارير | المسيرة| 29 جماد أول 1440هـ الموافق 4 فبراير، 2019م

تناولت إحدى وسائل الإعلام الفرنسية الأوضاعَ الإنسانية الصعبة والمأساوية التي تعيشُها اليمنُ على مدى أربع سنوات جرّاء استمرار العدوان والحصار الذي يشنه النظامان السعودي وَالإماراتي، معتبرة ما يجري بأنها “حربٌ قذرة” تحاك على اليمن بعيداً عن الأقلام وعدسات الكاميرا والميكروفونات، مشيرةً إلى أن هذا العدوان حصد أرواح أكثرَ من 10 آلاف مواطن، وتسبب بانعدام الأمن الغذائي والصحي لأكثرَ من 20 مليون يمني.

ونشرت إذاعة فرانس كولتور “franceculture” الفرنسية تحقيقاً صحفياً أعده الصحفي ” بينوا كولومبا”، تطرق إلى العلاقات الفرنسية التجارية طويلة الأمد مع النظام السعودي الذي يعد ثاني أكبر عميل لدى قصر الإليزيه الفرنسي في مجال بيع الأسلحة خلال السنوات الماضية، حيث بلغت قيمة المبيعات 11 مليار يورو هي حصيلة صفقات التسليح على مدى السنوات التسع الماضية، مضيفة أن الإمارات هي أيضاً عميل مهم آخر تربطُه علاقاتٌ وثيقة جداً مع فرنسا في المجال العسكري، حيث كان أبرزها اتّفاق الدفاع وتثبيت القاعدة العسكرية الفرنسية الدائمة في أبو ظبي التي تم افتتاحها في العام 2009، لافتة إلى أن صفقات التسلح الفرنسي بدأت منذ تسعينيات القرن الماضي، مثل صفقات بيع دبابات لوكليرك التي تتهافت الإمارات على اقتنائها وتستخدمها حالياً في حربها على اليمن، كما تم بيع طائرات ميراج 2000 أَيْضاً من قبل شركة داسو للطيران إلى أبو ظبي قبل بداية العدوان على اليمن، كما تم بيع أنظمة الاستهداف والمراقبة من شركة تاليز.

وكشفت الإذاعةُ الفرنسية عن وجود خمسة عشر مصدراً لأسلحة فرنسية قد شاركت في العدوان على اليمن وفقاً لتقرير صادر عن مرصد التسلح الذي نشر في أبريل 2018 وهي ” مركبات، مدرعة خفيفة، ومروحيات نقل، وطائرات استطلاع بدون طيار، وبنادق قنص، وفرقاطات، وزوارق دورية لدعم السفن الحربية، وطائرات ناقلة، وقذائف الهاون وغيرها”، موضحةً أن ملف بيع الأسلحة الفرنسي ظل موضعَ جدل داخل قصر الإليزيه، بعد أن تجاهلَ الرئيس الفرنسي “فرانسوا هولاند” نصائحَ وزير الخارجية “جان مارك آيرولت” فيما يخص صفقات بيع الأسلحة للنظام السعودي أوائل العام 2017، حيث أعطى الرئيس ضوءَه الأخضر لإصدار تراخيص إدارية يقضي ببيع الأسلحة للرياض، الأمر الذي جعلها تستخدمُ هذه الأسلحة الفرنسية ضد المدنيين باليمن.

وأضاف التحقيقُ الذي نشرته إذاعة فرانس كولتور “franceculture” أن السلطات الفرنسية تواصلُ إصدارَ تراخيص توقيع عقود تسليح جديدة للإمارات وبيعها “طرادات طراز جوويند “2500 التي صمّمتها مجموعة نافال الصناعية المتخصصة في مجال الدفاع البحري والطاقة البحرية المتجدّدة، بالإضافة إلى السعودية التي زوّدتها فرنسا مؤخّراً بزوارقَ بحرية عسكرية متطورة، كما تم تسليمُها شاحناتٍ مجهّزة بنظام مدفعي من نوع قيصر الجديدة من مجموعة نيكستر للصناعات العسكرية والتي يبلغ مداها 40 كيلو متراً قامت الرياض بوضعها على طول الحدود مع اليمن، وتقدم فرنسا الدعم اللوجستي للسعودية والإمارات عبر الأقمار الصناعية والأسلحة الرقمية من خلال الشركة الفرنسية “ايركوم” المتخصصة في بيع تكنولوجيا مراقبة الاتصالات.

ولفتت الإذاعة الفرنسية إلى أن الصفقات العسكرية لا تقتصرُ فقط على بيع الأسلحة بل يتم تزويد السعودية والإمارات بكافة أشكال الدعم الفني وَالتقني من قطع الغيار، وفنيي التدريب، وتحديث المعدات، والصيانة وإعادة التأهيل التشغيلي، ونقلت عن “هيلين ليجي” المتخصصة في قضايا التسلح القول: إن هذه الدعم العسكري الذي تقدمه فرنسا للسعوديين والجنود الإماراتيين يشكل جريمة حرب؛ كون تلك الأسلحة يتم استخدامها ضد المدنيين في اليمن، مؤكّــدة أن الجرائم والانتهاكات التي يمارسها تحالف العدوان في مختلف أنحاء اليمن تندرج تحت بند جرائم الحرب وفقاً للتقرير الذي أعده فريق الخبراء المكلف من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

وبيّن التحقيقُ الذي أعده “بينوا كولومبا” أن الغاراتِ الجويةَ التي تشنها السعودية والإمارات على اليمن هي السببُ في سقوط أكبر عدد من الضحايا المدنيين بشكل مباشر، مبيناً أن تحالفَ العدوان جعل الأهدافَ المدنية مثل “مواكب التشييع، وحفلات الزفاف، والمستشفيات والمرافق الصحية، والمباني السكانية والأحياء المأهولة بالسكان” في مرمى نيرانه بالرغم أنه لم يكن فيها أي هدف عسكري مشروع، الأمر الذي دفع جمعية ” ASER ” الفرنسية تتقدمُ بطلب إلى محكمة باريس والذي طالبت من خلاله تعليق تراخيص التصدير للمواد الحربية إلى البلدان المشاركة في العدوان على اليمن، وفيما رفض نائب حاكم ولاية غارون العليا “سيباستيان ندوت” إنشاءَ لجنة تحقيق برلمانية بشأن صفقات بيع الأسلحة في اليمن، دعا “إيريك إلوين” -حقوقي من منظمة العفو الدولية في فرنسا- إلى ضرورة أن تعملَ باريسُ على تعزيز النقاش المتناقض حول هذا الموضوع، وأن يصبح ملف مبيعات الأسلحة موضوعاً مطروحاً للنقاش خلال الانتخابات الرئاسية.