الخبر وما وراء الخبر

“تدليل القاعدة كما لو كانت بقرة دنماركية”

124

بقلم /محمد عايش


 

من أعدموا الأسرى أمس في أبين ذبحاً وحرقاً وتفجيراً لأجسادهم، لأنهم أسرى “شماليون” أو “حوثيون” أو “جنود”..
هم أنفسهم من قتلوا اليوم في عدن القاضي محسن علوان وحُرّاسه، غيلةً، وهو “الجنوبي” غير المشوب بأية شائبة شمالية أو حوثية أو ماشابهها..!

هذه الجماعات لديها مشكلة “إدمان”؛ إدمان على القتل، لذلك ستقتل نفسها إن لم تجد ما تقتله، ولذلك ستقتل كل الصامتين تجاهها، ومن يدللونها الآن، فور احتياجها لقتلهم إشباعاً لإدمانها فقط.

لم تعد السعودية هي المظلة الوحيدة، دينياً وسياسيا وعسكريا، للقاعدة ومشتقاتها، معظم الأحزاب ومعظم أفراد النخب اليمنية باتوا مظلة فضفاضة لجماعات الإرهاب..
فالإرهاب لدى هؤلاء بات تارةً “مقاومة” وطنية، وتارة أخرى “مؤامرة” عفاشية، وتارة ثالثة مجرد “رد فعل” على الحوثيين و “الطائفية الحوثية”! (وهذا الفريق الثالث يرى في نفسه أعقل القوم وأكثرهم اتزاناً، مع أنه الأكثر ضياعا بين الأرجل بتبريره المتذاكي والدائم للإرهاب عبر رمي أسبابه على عواتق الخصوم السياسيين أو الأيديولوجيين، أومجاراة للدارج والسطحي فقط).

لو ارتكب الحوثيون واحداً بالمائة مما ارتكبته القاعدة في عدن وتعز حتى الآن، لكانوا قد مُزقوا في الإعلام وفي المواقف السياسية شر ممزق وعلى أيدي كل الأسماء المعروفة وغير المعروفة من الشخصيات والتيارات المخاصمة لهم أو الواقعة في فخ الفهم البايخ لمفهومي “الاستقلالية” و”الحياد”.

لو طالب الحوثيون فقط بمنع “الاختلاط” في الجامعات لكانوا قد زُفّوا، في فيسبوك وحده، بمليون هاشتاج مندد وساخر ومحتج وغاضب..
بينما القاعدة تمنع أو تسعى لمنع الاختلاط بأريحية في عدن، وستجد ناشطا “مدنيا” يعلق عليك في فيس بوك: وماله؟ الاختلاط أصلا حرام!
جرائم القاعدة وداعش، يا جمهور الكراهية والنزوات التصفوية، لا تصنع امتيازاً للحوثيين بما أنهم لايمارسون مثلها..
أن لا يذبح الحوثيون خصومهم فإن ذلك ليس ميزة ولا امتيازا .. فهذا أصلا هو السلوك الطبيعي للبشر، ولا ينبغي أن يكون السلوك الطبيعي شيئا يمنحك أفضلية أو تستحق عليه الشكر أصلا.
ارفعوا الصوت ضد الإرهاب مطمئنّين فلن تخدموا بذلك لا الحوثي ولا غير الحوثي، بل أنفسكم فقط..في حال احترمتم أنفسكم وأقلعتم عن مغالطتها طبعاً.

أو استمروا في ما تفعلونه الآن: تدليل القاعدة كما لو كانت القاعدة بقرة دنماركية.. ولكن سيكون عليكم في النهاية أن تشربوا من لبن بقرتكم هذه؛ قتلاً أحمر وموتا زعافا.
والدليل محسن علوان وغير محسن علوان (رحمهم الله جميعاً).. والقادم ألعن.