الحرب التي تشنها دول التحالف على اليمن منذ تسعة أشهر لا تظهر عليها أية أعراض للحمل ولا للولادة، رغم انه يقال ان الحرب تلد حروبا اخرى.. يبدو أن حالة العقم أصبحت ظاهرة عربية، فمنذ بداية العدوان السعودي على اليمن كل شيء لم يتغير في موقف العرب.. تصحرت حتى مشاعر الأشقاء رغم إن مأساة الشعب اليمني من الفواجع التي لن تنساها البشرية.. المشهد نفسه.
اللاعبون لم يتغيروا.. الحكام.. المعارضون.. المثقفون.. الكتاب.. رجال الدين.. اليسار.. اليمين.. الوسط.. المنظمات الحقوقية.. الخ، غالبية هؤلاء –للأسف- لا يكترثون لما يتعرض له الشعب اليمني من إبادة وحشية.. بل انهم يستكثرون على الآلاف من أطفال ونساء اليمن الذين يشيعون يوميا إلى المقابر حتى كتابة مرثية في صحيفة مغمورة أو جملة تعاطف في هوامش بياناتهم التي لا تحصى ولا تعد.
ليت احدهم عمل ذلك ولو من باب إسقاط الواجب او حفاظا على روابط الدين والإخوة.. واللغة والدم.. وبحق العروبة.. ولو افترضنا ان هذه المسميات الجامدة كلها مازالت لها دلالات في قلوبهم.. فعلى الأقل كانوا قالوا شيئا لنصدق بأنهم مازالوا أحياء فعلا.. حتى ولو بموقف يعبرون فيه بنصف شجاعة مواقف الأجانب.. لذا فان صمت وتجاهل الأشقاء العرب لمأساة اليمن، أقسى وأمر واشد الما من نيران صواريخ وقذائف آل سعود والبشير وابن زايد ومن توحش معهم والتي تشوي أجساد الأبرياء ليل نهار.
لم أكن اصدق ان الأشقاء العرب يكرهون اليمنيين إلى هذا الحد، وإنهم لا يكترثون إن أبادتهم السعودية عن بكرة أبيهم.. وان السبب من وراء ذلك هو ارتفاع نسبة ترمومتر الغيرة أو النزعة العربية (التعصب القومي).. أو دفاعا عن الأمن القومي العربي، أو ان العدوان السعودي هو فعلا قرار عربي نهائي لمواجهة المد الفارسي المزعوم في مهد العرب.. اجزم ان هذه كلها مجرد تلفيقات وان الجميع يدركون إن ما تتعرض له اليمن لا علاقة له بهذا ابدا.
وان ما يحدث هو مؤامرة سعودية أخوانية تنفذ بعقلية وأدوات وهابية متخلفة ماتزال تعيش في القرون الوسطى وتسعى عبر اذرعها المسلحة (جماعات القاعدة والسلفيين والإخوان المسلمين والجنجاويد وداعش) إلى إنشاء الخلافة الوهابية في المنطقة العربية عبر تحالف العدوان الذي يبرز عضلاته على اليمن الفقير لترهيب بقية العرب وإخضاعهم لأهوائهم .
لقد كان اليمن وسيظل (مقبرة للغزاة) ولا يمكن ان تكون حديقة خلفية لا لأصحاب (قم) ولا لأصحاب (الدرعية).. فاليمنيون الذين يسطرون اروع ملاحم الصمود في وجه العدوان السعودي والحصار الجائر، لن يسمحوا للوهابيين ولا للفرس تدنيس أرضهم على الإطلاق.
فابحثوا عن أعذار اخرى لتبرير صمتكم.. اعترفوا بخذلانكم لأهلكم في اليمن الذين لم يبخلوا في أي يوم ان يقدموا دماءهم من أجلكم.. ستندمون مثل اخوة يوسف عليه السلام.. تجردتم من قيم الاخوة والدم وتتهمون شعباً عظيماً بالمجوسية تقربا من فرعون العصر.
نشعر بالحزن لانكم ستدفعون ثمن الصمت على هذه الجريمة أضعاف ما يدفعه الشعب اليمني من الدماء الطاهرة التي لن تذهب سدى, بل إن هذه الدماء تسقي شجرة الحرية لترتوي منها أجيال العرب.. فالشباب الذين يحملون الكلاشنكوف ويواجهون الطائرات والصواريخ الحديثة ويصدون جيوش اكثر من عشر دول وهم حفاة الأقدام ويواجهون بأجسادهم العارية الأسلحة المحرمة دوليا لا يمكن أن يهزموا.. فهؤلاء الشباب لا يدافعون عن اليمن فحسب وإنما عن كرامة وعزة وشموخ امة.. أنهم يسقطون شبح الخوف العالق في قلوب الاعراب المرتجفين.. ان عدم التفريط بالقيم والمبادئ السامية وبحرية واستقلال أي شعب هو الانتصار المجيد مهما افرط المعتدون في القتل، فموت كهذا اشرف من الحياة التي يتجرد فيها الإنسان العربي أو أي إنسان من قيمه ومبادئه وتسلب حريته وتصادر أراءه ومواقفه ويعيش اوضاع (خادمات المنازل).. نشفق على الأشقاء العرب الذين قبلوا بان يكونوا مجرد سلعة يخضعون مواقفهم لسياسة العرض والطلب مثلهم مثل براميل النفط .. وينطبق عليه قول اليهودي الوغد: (الوحيد الذي لا يغير مواقفه أبدا مدى الحياة هو الحمار فقط )..