مقام الخلود
ذمار نيوز | مقالات 18 جماد أول 1440هـ الموافق 24 يناير، 2019م
بقلم | وليدالحسام
كادت الأمة الإسلامية بعربها وعجمها أن تنسى المعنى الفعلي والدلالي للوسام الإلهي الذي يُمنح للمجاهدين في سبيل الله وذلك الوسام هو (الشهادة) التى حاول أعداء دين الله أن يمحوها ويفقدوها معانيها السامية وكذلك قيمتها المقدسة التي تتجلى من خلال دلالاتها القرآنية كما وصفها وعظّمها الله _ تعالى _ في القرآن الكريم .
في مراحل سابقة لهذه المرحلة كانت معاني الشهادة وقِيَمها وقداستها غائبة بنسبة كبيرة عن وعي المجتمع بسبب تدجين الأمة من قبل الأنظمة العميلة للأعداء ، وحتى أولئك الذين تفانوا بتضحياتهم ونوياهم صادقة ومخلصة في الدفاع عن الوطن ربما لم يكن لديهم قدرٌ من الوعي بمستوى يليق بقيمة الشهادة وعَظمتها ، ولم يكن لمصيرهم دلالاته الدينية والوطنية السامية لأنهم كانوا جنوداً لدى أنظمةٍ عميلة تستظل بتسلط أعداء العرب والمسلمين وهيمنة طغاة الأرض وأشرر العالم .
الشهادة نتيجة عظيمة وتكريم إلهي إزاء كل عمل أو إنجاز ذي مقاصد قرآنية ودينية وإنسانية ووطنية وتحقق ذلك الإنجاز وفق منهاج الهدى ورؤى أعلامه العظماء ، وهي الفوز والارتقاء إلى الخلود ونتيجةُ العهد الذي صدقه المؤمنون تولياً لله ورسوله وأوليائه وسيراً في سبيله بالجهاد الروحي والبدني وبمستوى عالٍ من الوعي القرآني والثقة بالله والصبر والمرابطة والاستبسال والتضحية والإخلاص والأخلاق والقيم وبكل ما ينتصر للحق ويقيم العدالة ويؤسس لتكوين أمة قوية يقودها أولياء الله ، وهذا هو ما يعيشه شعبنا اليمني اليوم واقعاً حقيقياً عظيماً بتفاصيله وهو يزف على ركاب العزة مواكبَ العظماء من خيرة رجاله الذين نذروا أنفسهم في سبيل الله انتصاراً للحق ودفاعاً عن الدين والأرض والعرض باذلين أرواحهم بإيمان راسخ ليرتقوا إلى الخلود شهداء عندربهم يرزقون .
التربية القرآنية كان لها دورها الكبير في نشأة شهدائنا العظماء ، ومن خلال تتببع سِيرَاتهم نجد صفحاتها بيضاء مشرقةً بالمواقف العظيمة ومسطرةً بالخطوات الإيمانية ومزهرةً بالقيم النبيلة ، كلهم بلا استثناء عاشوا عظماء وارتقوا عظماء ، فحق لهم أن يكون مدارس هداية على دروب العزة والكرمة.
شهداؤنا ليسوا من طبقة أوفئة بل قائدنا العلم شهيد ورئيسنا المجاهد شهيد وعالمنا ومسؤولنا وإعلامينا ومنشدنا وشاعرنا وأديبنا وطبيبنا ومهندسنا ومعلمنا وجندينا ومجاهدنا وطلابنا شهداء، وحتى لاعب كرة القدم شهيد ، والمرأة شهيدة ،، شهداؤنا من أحفاد الكرار والأشتر وعمار وبلال وغيرهم ممن جمعهم الهدى فساروا على طريق الحق ونالوا شرف الفوز ليكونوا عند الله أحياء خالدين تطوف علينا أرواحهم بالمدد والعزيمة والصبر والصمود والثبات أناء الليل وأطراف النهار .
فسلام الله على أرواحهم الطاهرة ودمائهم الزكية .. وهنيئاً لهم مقام الخلود .