محمية عتمة في ذمار: فردوس الأرائك الخضراء.
ذمار نيوز | خاص | إستطلاع: فؤاد الجنيد 28 ربيع ثاني 1440هـ الموافق 4 يناير، 2019م
عندما تفتح الطبيعة ستار الجمال والجلال، يبدأ العرض الأخضر الآسر، وتستهوي القلوب المشاهد والمناظر المسبحة بحمد خالقها، هناك في محمية عتمة بذمار تمتزج زرقة السماء بخضرة الأرض، ويعزف الريح لحن الترويح على ايقاعات حفيف الورق وخرير الماء، وتشارك العصافير والطيور كورال سيمفيونية الفرادة والسحر، لا صوت يعلو هناك على صوت المتعة والدهشة والرهبة، ويبقى الصمت أبلغ لغة للجمال، فالصمت في حرم الجمال جمال.
مراتع الجمال
على بعد 58كم غرباً من محافظة ذمار، تفترش مديرية عتمة بساط الطبيعة الأخضر، وتتقلد سبائك الأصالة والتاريخ على جيدها الأبيض الفاتن، كواحدة من أهم المحميات الطبيعية اليمنية، ولها مقوماتها ومميزاتها التي جعلتها تتربع على صدارة الجغرافيا الساحرة، فتنوعها البيئي والحيوي أكسبها طبيعة خلابة ومعالم سياحية فريدة تأسر القلوب، وهو ما أهلها لأن تصبح وجهة رئيسية لعشاق جمال الطبيعة خصوصا في فصلي الربيع والصيف.، وقبلة الزوار من كل محافظات السعيدة حيث النقاهة والاستجمام، واستراق ساعات مستقطعة من الحياة تنتقل فيها الحواس إلى عالم لا نظير له في الدلال والكمال ومحاريب الجمال.
السحر لا يتجزأ
تملك مديرية عتمة مفاتن عدة في جسدها البكر، واجزاؤها تنافس قلبها في التكوين والتشكيل الإلهي البديع، فهناك سماه وحمير وبني بحر والسٌمل ورازح، وهناك سلاسل جبلية يقل ارتفاعها كلما اتجهنا غرباً حيث تمثل امتداداً للمرتفعات الغربية المتجهة نحو المناطق السهلية الساحلية والتي يتراوح ارتفاعها بين 920- 2800 متر عن مستوى سطح البحر، وقد أكسبها هذا الموقع مناخاً متميزاً يساعد على سقوط الأمطار في فصل الصيف والتي تصل إلى حوالي 800 ملم في العام.
سندس أخضر
يشكل الغطاء النباتي نسبة 85% من إجمالي المساحة، حيث تحتل المدرجات الزراعية الجبلية حوالي 50% منها، والباقي تغطيه الأحراش والغابات والمراعي الطبيعية والتي تمثل 30%، وتشتهر المنطقة بطبيعتها الساحرة واخضرارها الدائم طوال العام، واحتواء المراعي فيها والغابات والأحراش على أنواع من الأشجار والنباتات الطبية والعطرية النادرة بالإضافة إلى بعض الحيوانات والطيور النادرة. ودفعت الكثير من العوامل الطبيعية والبيئية الإنسان اليمني إلى استيطان هذه المنطقة منذ آلاف السنين نظراً لما تتمتع به من خصوبة التربة والإنتاجية العالية للمحاصيل الزراعية وجودة المراعي والغابات الكثيفة والمعدلات الجيدة لهطول الأمطار، إضافة إلى العيون والغيول المائية التي تنتشر في عدد من أرجاء المنطقة.
أوتاد شمّاء
تمتاز محمية عتمة بجبالها الشاهقة التي تمتطيها المدرجات الزراعية والمراعي، إضافة إلى الغابات الكثيرة والوديان المنتشرة في معظم أجزاء المديرية ولاسيما منحدرات الجبال حيث مصبات السيول والأمطار وشلالات الينابيع، والغيول المائية المتدفقة على مدار العام والتي تشكل روافد أساسية لوادي رماع من الشمال والشمال الشرقي ووادي زبيد من الغرب والجنوب الغربي.
المعالم التاريخية
في زوايا مديرية عتمة العديد من المعالم التاريخية والأثرية التي تجسد أصالة الإنسان اليمني وحكمته وقوته وبراءة فطرته، وتؤكد أيضا دخول المديرية في أتون صراعات عدة دفعت الإنسان إلى اختيار مساكن في اعالي الجبال، والتخندق خلف قلاع وحصون لتحميه من نوائب الصراع، ومن أبرز تلك القلاع الشامخة التي ما زالت محتفظة بقوامها حتى الآن: قلعة ابزار، قلعة سماه، قلعة بني أسد، قلعة السيد، وقلعة ضورة. وتنتشر الحصون في كل زوايا عتمة في كبرياء وشموخ، مثل حصن حيدر، حصن الذاهبي، حصن خطفة، حصن المصنعة، حصن يدهل، حصن الحمراء، حصن مخيمن، حصن اللكمة، حصن نوفان، حصن الكتف، حصن بني سويد، حصن المقرانة، حصن نجمين، حصن الحدادي، حصن البحري، حصن الشرم، حصن الكام، حصن باحظ، حصن المشر، حصن المنظوف، حصن رصب، حصن المقنزعة، وحصن الحصين، والتي جميعها تمثل شواهد تاريخية حية تؤكد ارتباط مديرية عتمة بالحضارات اليمنية القديمة.
حمامات طبيعية وثروات معدنية
تتميز مديرية عتمة بالعديد من العوامل الطبيعية الهامة التي تجعلها أكثر جذبا للزوار والسياح، فلديها حمام مقفد، وحمام السبلة الطبيعيين، ولم تقتصر الكنوز في عتمة على الغطاء النباتي في هذه المحمية فحسب، فقد كشفت دراسات وأبحاث بيولوجية أجرتها فرق متخصصة عن وجود مؤشرات لتوافر معادن عديدة في جبال المحمية أبرزها الذهب والفضة والحديد سيما في جبل “العَمل”، وكل هذه العوامل وغيرها تشكل مقومات هامة لجذب السياح المحليين والعرب والأجانب سواء للسياحة البيئية أو السياحة الأثرية والتاريخية.