الخبر وما وراء الخبر

 أزمة الغاز المنزلي في ذمار: تعددت الأسباب والمعاناة واحدة.

123

ذمار نيوز|تحقيقات| فؤاد الجنيد، الثلاثاء 4 ربيع الثاني 1440هـ، الموافق 11ديسمبر 2018م.

اختفت إسطوانة الغاز المنزلي من السوق المحلية في محافظة ذمار بصورة مفاجئه قبل أيام وارتفع سعر الاسطوانة الواحدة في السوق السوداء إلى سبعة ألاف ريال، والبعض الآخر اوصلها إلى ما يزيد عن عشرة ألاف ريال، في الوقت الذي تؤكد فيه التصريحات الرسمية لحكومة الإنقاذ في صنعاء أن السعر الرسمي لأسطوانة الغاز ثلاثة آلاف ريال فقط، الأمر الذي جعل المواطنون في المحافظة يتساءلون عن المسؤول عن هذه الأزمة الحادة والكبيرة، وعن أسباب إختفاء الغاز بشكل مباغت ومفاجئ من السوق المحلية؟، ومن هو المستفيد من اختلاق هكذا أزمة في هكذا ظرف، ويبقى التساؤل الأبرز: هل اتخذت إجراءت بحق المتسبيين بهذه المعاناة التي زادت السيء سوء، وفاقمت الحالة المعيشية للمواطن اليمني في ظل الحرب والحصار؟، وهل بات المواطن اليمني سلعة رخيصة لتجار الجشع والفساد والإحتكار.؟

وكالات مغلقة

محطات تعبئة الغاز ومحلات بيعه في مدينة ذمار أوصدت أبوابها وفتحت أسواق لتجارة الحطب الذي بات البديل الإجباري لمواصلة الحياة لألاف الأسر، وإجراءات توزيع الغاز عبر العقال ونقاط البيع الرسمية بسعر ثلاثة ألاف ريال باتت محدودة لمن إستطاع إليها سبيلا، حيث تتراص مئات من الأسطوانات التي تعود ملكيتها للمواطنين، الذين يضطرون إلى الإنتظار لعدة أيام أملاً في أن يحصلوا على إسطوانة واحدة من الغاز المنزلي، بعد أن انعدم بشكل شبه كلي من السوق المحلية.

الرواية الرسمية

تعلل الرواية الرسمية أزمة الغاز المنزلي إلى حدوث عطل في جزء من محطة الغاز في صافر، الأمر الذي جعل السلطات في مأرب تقليص حصة محافظة ذمار إلى النصف بنسبة 50%، وهذا بدوره فاقم المشكلة ولم تستطع الشركة في ذمار تلبية حجم الإحتياج والطلب من مادة الغاز المنزلي.
وتضيف الرواية أن ناقلات الغاز محصورة على أصحاب محافظة مأرب، ويطلبون مبالغ كبيرة تكاليف النقل مستغلين بذلك احتكارهم لإمتلاك ناقلات ومقطورات الغاز دون سواهم، ناهيك عن القطاعات القبلية الموجودة في كل أجزاء الطريق.

رواية أخرى

تذهب رواية أخرى إلى اختزال الأزمة في قوالب سياسية، فمحافظة ذمار تقع تحت سيطرة حكومة صنعاء، ومندوب المحافظة للغاز ينتمي إلى حزب سياسي موالي للعدوان، ولا تعترف سلطات مأرب إلا به، لذلك يتحكم هذا الشخص النافذ بالتصرف المطلق في حصة ذمار حسب هواه لتحقيق أهداف سياسية سعيا منه لتفاقم الوضع المعيشي والإنساني. وتضيف مصادر هذه الرواية أن اللجنة المكلفة بموضوع الغاز من قبل محافظ المحافظة قامت بإجراءات شخصية دفعت بالمعنيين في مأرب إلى التلاعب بحصة ذمار من الغاز وايقافها أحيانا لعرقلة عمل اللجنة المكلفة وافشال مساعيها لحلحلة أزمة الغاز المنزلي.

مزاجية عقال الحارات

يشكو العديد من أبناء المدينة من عدم الشفافية والعدالة في توزيع مادة الغاز المنزلي من قبل عقال الحارات، بل البعض منهم اتهم العقال رسميا بزيادة معاناة الناس وعدم الصرف العادل حسب القسائم الموزعة وعدد الأسر في كل حارة، ويضيف أبناء المدينة أن بعض العقال يوفرون عدد من اسطوانات الغاز لبيعها لمقربين منهم أو للمطاعم والمحلات، كل ذلك على حساب حصة المواطن المغلوب الذي لا يجد من ينصفه أو يسمع صوته.
وأوضح مواطنون مقربون من شركة الغاز، أن الشركة تمنح أمانة العاصمة جزء من حصة ذمار رغم احتياج المدينة لحصتها التي لم تعد كافية لتغطية الاحتياج والطلب لهذه المادة، خصوصا مع تزايد أعداد الأسر النازحة إلى مدينة ذمار من المحافظات الأخرى.

أداة قتل بطيئة

جميلة منصور إحدى النساء الأربعينيات تقول بحرقة أن انعدام الغاز وسيله لقتل المواطنيين والتضييق على حياتهم، وتؤكد انها لجأت الى الحطب لإطعام أطفالها وطهي طعامهم، وأن معيشتها اضحت غاية في الصعوبة كون زوجها مغترب ولا يوجد معها من يقف في طوابير الغاز الطويلة للحصول على بضع لترات تكفي لأيام قليلة، وأنها باتت تفكر في مغادرة المدين إلى مكان آخر تبدو فيه الحياة أكثر يسرا وحالا.

مسؤولية أممية

أما المواطن سليمان عاطف فيرى أن الأزمة الخانقة لمادة أساسية، التي يعتمد عليها غالبية الشعب اليمني في معيشتهم لاسيما الخبز وطهي الطعام أصبح موتا بطيئا للأسر التي لا تجد ماتأكله إلا بصعوبة بالغة، وأن انعدام الغاز جعلهم يفقدون الأمل في حياة كريمة، وحمل عاطف المجتمع الدولي المسؤولية في هذه الكارثة التي حولت حياة المواطنين إلى جحيم آخر بجانب القصف اليومي المباشر الذي يستهدف المدنيين ومصادر رزقهم.

مسك الختام

هذه الآراء تجعل من وجود حل عاجل لمشكلة إنعدام الغاز المنزلي وإحتكاره بحاجة إلى إستشعار المسؤولية الوطنية والإنسانية والأخلاقية من قبل كل الأطراف الضالعين في تفاقم مأساة اليمنيين والتضييق عليهم، وصناعة أزمات لوأد ماتبقى من أمل في الحياة وصمود وثبات في وجه الظروف التي رافقت العدوان والحصار على البلد المظلوم، وعلى السلطات المختصة القيام بواجباتها وضبط المتلاعبين والمخالفين لإنصاف اليسير من معاناة المواطن المسكين الذي لا يجد شيء يخسره بعد الآن.