الخبر وما وراء الخبر

قمة أخرى معاقة ..” التعاون الخليجي” يواصل الاحتضار..

57

إبراهيم الوادعي.

على وقع صحوة العالم على جرائم السعودية وحليفتها الإمارات في اليمن، وفضيحة قتل وتقطيع الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلادة في إسطنبول، والقطيعة القائمة مع قطر، انعقدت قمة جديدة لدول مجلس التعاون الخليجي الذي يترنح منذ أكثر من عام بشكل غير مسبوق.

اتسمت قمة الرياض الخليجية بالأمس بأنها الأكثر استجداءا للحضور – لجهة قطر وتمثيل أعلى – والأقل حظا من حيث التغطية الإعلامية والتوقعات لنتائجها حتى من قبل الماكينة الإعلامية الهائلة لدول المنظومة الخليجية، وهي القمة الثانية على هذا المنوال بعد قمة الكويت الـ 38 وكادت تعصف بها الخلافات قبل ان تنعقد لساعات بتمثيل منخفض.

الرياض استبقت انعقاد القمة الخليجية ال 39 بمحاولة التقرب الى قطر عبر العفو عن أحد مواطنيها المحتجزين سبقها غزل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي يواجه نقمة دولية للاقتصاد القطري، ورغم ذلك فالقمة شهدت تمثيلا قطريا ضعيفا ورأس الوفد القطري وزير الدولة للشئون الخارجية، اكتفى فيها بتوزيع كلمته ، قبل ان توجه سهام الانتقاد الى بيان القمة.

وترى وسائل إعلام بأن الرياض كانت تطمح إلى تهدئة مع قطر وتحييد ماكينتها الإعلامية بغية امتصاص بعض من النقمة الدولية على خلفيات ملفات حرب اليمن وقتل خاشقجي وتصدير الإرهاب، وهي ملفات لعبت عليها الدوحة بشكل ألم الرياض للرد على المقاطعة، ولايبدو إنها تريد خسارة هذه المكاسب بمصالحة فرضتها ظروف قسرية تمر بها الرياض.

وبحسب مراقبين فإن الرياض تخطئ مرة أخرى في طريق الحل بالاتكاء على جسد ميت، فالحل في اليمن لا يكون إلا عبر التوقف عن العدوان ورفع الحصار، والإقرار بأن اليمن تغير ما بعد 21 سبتمبر 2014م ولم يعد ملفا يتوارثه أمراء آل سعود.

وفي الشأن الداخلي يرى هؤلاء أن تفرد عائلة بمصير شعب بأكمله لم يعد ممكنا أو منطقيا ولا بد من البحث عن صيغة مشاركة للشعب في السلطة تضمن استقرار النظام وبقاء المملكة.

وفي هذا الصدد تقول مراكز دراسات غربية بينها أمريكية إن المملكة السعودية تائهة في مواجهة مخاوفها وأن إيران لا تمثل الخطر الحقيقي على بقاء المملكة السعودية بالنظر إلى حجم المخاطر الداخلية المتربصة بها وقد لا تبقيها قائمة بحلول 2023م على أبعد تقدير، ويقول مركز مجلس العلاقات الخارجية الامريكية ان العائلة المالكة السعودية نفسها وبشكل يثير الاستغراب تسرع بشكل خطير من انهيار المملكة.

وأن استمرار استنزاف الخزينة السعودية في الحرب على اليمن على وجه التحديد وفي سوريا ومناطق أخرى تشهد نزاعات في ظل انخفاض أسعار النفط ستؤدي حتما الى فشل رؤية 2030 التي أطلقتها الرياض وبالتالي انهيار المملكة برمتها.

الازمة مع قطر ليست الوحيدة التي تعصف بمنظومة دول الخليج للتعاون والرياض طرفا أساسيا فيها، فهناك الخلاف الحاد بين السعودية والكويت حول حقول النفط المشتركة بلغ حد الصدام العسكري، والتدخل السعودي في البحرين، والاتهامات الموجهة لعمان، ناهيك الخلافات البينية الأخرى بلغت الفضاء، فهناك القمر القطري سهيل سات والاماراتي ياه سات وأخيرا الرياض اطلقت قمرين خاصين بها .

وقد لايكون مبالغا فيه ان تشهد فترة الرئاسة العمانية اعلان وفاة مجلس التعاون الخليجي بعد 39 عاما على انشائه،وربما فترة الرئاسة الإماراتية للمجلس في الدورة الأربعين على ابعد تقدير، بالنظر الى اتساع الخرق بين دول المنظومة بينيا وإزاء ملفات حساسة كاليمن وسوريا ، والتحالفات الناشئة في المنطقة .

تأييد وزير الدولة الاماراتي للشئون الخارجية أنور قرقاش لمقال بصحيفة الشرق الأوسط يتسائل فيه كاتبه عن الوقت المناسب لانهاء مجلس التعاون الخليجي رسميا، وإعادة تغريده على صفحته قبل ان يقوم لاحقا بحذف التغريدة هو أحدث هذه المؤشرات وقد سبقه انشاء مجلس تعاون ثنائي سعودي اماراتي.

مغادرة الدوحة باتت مسألة اختيار التوقيت المناسب، وانفراط العقد الخليجي هو الاخر مرهون بالوقت ومن يقدم على الخطوة الاولى، هذا ما يمكن استخلاصه من قمة معاقة لم يهتم بها حتى اباؤها ، ومجلس لم يعد محبوبا من “دوله”.