الخبر وما وراء الخبر

ما أشبهَ اليمنَ بفلسطين عند كلب الحراسة الأمريكي!

54

بقلم. د| أحمد الصعدي

‏تنتهجُ الإداراتُ الأمريكيةُ المتعاقبةُ سياسةً ثابتةً نحو الكيان الصهيوني والكيان السعوديّ وإنِ اختلفت الدوافعُ والغايات.

وعبّر ساسة أمريكيون في مناسباتٍ عدة عن خصوصية وثبات الالتزام الأمريكي بحماية الكيان الصهيوني وضمان تفوقه على كُـلّ محيطه، ومنهم كونداليزا رايس -وزيرة خارجية ومستشارة أمن قومي سابقة في إدارة بوش الابن- التي عبّرت عن هذا الموقف ولكن بأسلوب فلسفي فقالت: “إن أمن إسرائيل معيارٌ مطلق”.

ليس الكيانُ السعوديّ بمكانة وأهميّة الكيان الصهيوني ولا يعني وجودُه معياراً مطلقاً للولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن ما يملكُه من احتياطات النفط هو ما يجعلُه في عين الاهتمام الأمريكي، لكن ليس الكيان السعوديّ بحد ذاته كما هو شأنُ الكيان الصهيوني بل الكيان “النفطي”، يضاف إليه الدور المحوري السعوديّ في خدمة أغراض السياسة الأمريكية العدائية في المنطقة وخارجها، وقد عبّر عن مكانة ووظيفة الكيان السعوديّ الرئيس الحالي دونالد ترامب بصراحة لا تعوزُها الوقاحةُ وهي وقاحةٌ في محلها.

هذه الفوارقُ بين ما يعنيه الكيانان الصهيوني والسعوديّ للإمبريالية الأمريكية لا تعني فوارقَ في مواقفِ الإدارة من ضحايا هذين الكيانين العدوانيين، وهم الشعب الفلسطيني والشعب اليمني، فبعد كُـلّ جريمة يرتكبُها الكيان الصهيوني بحق الفلسطينيين يقفُ كلبُ الحراسة الأمريكي ضد كُـلّ نقد مدافعاً عن المجرم، وإذا طلب الفلسطينيون أَوْ أية جهة أخرى تدخُّلَ مجلس الأمن لإدانة الإجرام الصهيوني أَوْ اتّخاذ أي قرار يؤيدُ حقَّ الشعب الفلسطيني نبَحَ كلب الحراسة محذراً: إن عرض الموضوع على مجلس الأمن يعيقُ التسويةَ السلمية أَوْ يعقّد محادثات السلام أَوْ يزيدُ الأوضاعَ سوءاً، أَوْ لا يساعد على التوصل إلى الحَـلّ السلمي المنتظر، أَوْ يخدم المتطرفين الفلسطينيين وإيران.

هذه النغمةُ نسمعُها اليومَ في تبرير مواصَلة العدوان الإجرامي على اليمن. فبعد عدة تعديلات على مشروع القرار الذي أعدته بريطانيا بوصفها مسؤولةَ قلم اليمن في مجلس الأمن وهي أحد أركان ((رباعية)) العدوان لتقديمه إلى مجلس الأمن، وبعدَ إجراء التعديلات التي تُرضي القاتلَ السعوديّ والإماراتي، ورغم أنه لا ينُصُّ صراحةً على إنهاء العدوان رفضت الإدارة الأمريكية طرحه على المجلس مستخدمةً الذريعةَ نفسَها التي تتذرع بها في رفض عرض جرائم الكيان الصهيوني على مجلس الأمن.

قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بأنه وإدارته ووزير الدفاع ماتيس متفقون أن مشروعَ القرار البريطاني يقوِّضُ العمليةَ السلمية! وهكذا يصبحُ وقف ُالحرب عائقاً أمام وقف الحرب، وهو ضربٌ من الديماغوجية (التلاعب بالألفاظ)، لكن تصريحَ الوزير المذكور أضاف شيئاً مهماً وواضحاً عندما قال: نحن على وشك السماح لمبعوث الأمم المتحدة، مارتن غريفيث بجمع الأطراف في ديسمبر، وهذا يعني أن الإدارة الأمريكية لم تكن تسمحُ للمبعوث الأممي بجمع الأطراف وأن العراقيلَ تأتي منها لا من الأطراف اليمنية؛ لأَنَّها هي من يُمسِكُ أداةَ التحكم بتحالف العدوان ومرتزِقته.

هكذا يفتك الكيان الصهيوني بالشعب الفلسطيني وكلب الحراسة الأمريكي ينبح في وجه كُـلّ من يحتج أَوْ يطلُبُ تدخُّلَ مجلس الأمن لمنع قتل الفلسطينيين، وبنفس الحماس والذرائع يحرص هذا الكلب الأمين على مواصَلة قتل اليمنيين ومحاصَرتهم ويرفُضُ كُـلّ دعوةٍ لوقف الحرب؛ كونها بنظره تُعيقُ العمليةَ السلمية.

ما أشبهَ إجرامَ الكيان السعوديّ بإجرام الكيان الصهيوني!!، وما أشبهَ اليمنَ بفلسطين بوصفهما ضحيتين لكيانين عدوانيين يحرُسُهما كلبٌ أمينٌ ويزوِّدُهما بكل وسائل الإجرام.