بنك الضرار في عدن وسُبل فك الارتباط ووضع حد لتلاعبه بالعملة الوطنية!
بقلم / ماجد الغيلي
نسمع كثيرا في هذه الآونة مصطلح “تحييد الاقتصاد”، والذي يعني عدم وضع الاقتصاد في دائرة الاستهداف كون ذلك يترتب عليه استهداف لكل المدنيين وكل المواطنين وليس فقط من هم مشاركين في القتال في أرض المعركة، ولكن هل الطرف الآخر الذي يقال له هذا سيصغي له! هل سيقبل بأن يتم تحييد الاقتصاد وهو من فرض حصار على كافة المستويات برا وبحرا وجوا، هل سيقبل وهو من نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن؟ هل سيقبل وهو يريد أن يتحكم بكل ما من شأنه إضعاف الطرف الآخر المناوئ له؟ هل سيقبل وهو مرتهن للخارج الذي يفرض عليه إملاءات وأجندات لتنفيذها فيما يخص ملف الاقتصاد؟ الجواب، لا، لن يقبل، لن يتم تحييد الاقتصاد إذا كان العدو سيتمكن من خلاله من إضعاف نفوذ الطرف المناوئ له، لن يقبل وهو يرى في ذلك حلا لإفشال حكم الطرف الآخر وإضعافه وتمزيقه وتفتيته، ولو ترتب على ذلك عقاب جماعي لعموم الشعب، فقاعدة الضرورات تبيح المحظورات من الأساسيات التي ينطلق العدو منها.
وقد تابعنا أن محافظ البنك المركزي في عدن المرتزق محمد زمام صرح يوم الخميس بإيعاز من السعودي والإماراتي بأن المفترض والسعر العادل لقيمة الدولار أن يكون 450 ريال والسعودي 120 ريال، حيث جاء ذلك التصريح المشؤوم بعد أن شهد الدولار والريال السعودي تراجعا كبيرا لاقى استبشارا في أوساط المواطنين، حيث تراجع الدولار إلى 380 ريال يمني، والريال السعودي إلى 80 ريال يمني، الأمر الذي لم يعجب العدوان وحكومة الارتزاق، فسارع المدعو زمام بذلك التصريح الذي ينم عن حقد وعمالة وغباء وخبث في ذات الوقت، ففي حين يستبشر الشعب بتراجع الدولار ويرتاح لذلك مؤملا أن يصل إلى سعره الطبيعي المعروف بـ250 ريال للدولار الواحد، نجد حكومة المرتزقة لا يعجبها ذلك ولا تسعى لما فيه مصلحة الشعب سواء في الجنوب أو في الشمال؟ فقط تحب التحكم في مقدرات وثروات وموارد هذا الشعب بالطريقة التي يراها ويريدها السعودي والإماراتي، وهذه كارثة وبلاء يعم الشعب بكله، ولا يستثني أحدا بمن فيهم المرتزقة أنفسهم.
وكانت اللجنة الاقتصادية العليا في صنعاء قد أكدت في مؤتمر صحفي قبيل تصريح زمام بيوم واحد أن بالإمكان أن يتراجع الدولار إلى 300 ريال إذا وضع العدوان والمرتزقة أيديهم عن الاقتصاد وتم تحييد الاقتصاد من قبلهم، الأمر الذي لم يعجب العدوان والمرتزقة أن يحسب ذلك إنجازا للجنة الاقتصادية العليا، علما بأن تراجع الدولار لم يكن بيدها ولا هي أسهمت بشيء في تراجعه، ولكن مجرد تنبئها بذلك استنادا على معلومات جعل المرتزق زمام يسارع بتصريح بما هو مفترض لقيمة الدولار والريال السعودي أن يكون، وهذا الموقف من قبل المرتزقة أكد ما كانت ذهبت إليه اللجنة الاقتصادية في صنعاء أن الدولار ارتفاعه إلى 800 ريال لم يكن طبيعيا، بعكس رجوعه، لأنه يفترض به أن يرجع لما كان عليه، مشيرة أن سبب ارتفاعه ورجوعه هي سياسات قوى العدوان ولا علاقة للاقتصاد بذلك.
فما هو السبيل إذن لفك الارتباط ببنك المرتزقة الذي فشل بالقيام بمهامه في دفع رواتب الموظفين، وفشل في ضبط الصرافين والمتلاعبين وفشل في القيام بدوره الحيادي بدون تمييز، وفشل على كافة المستويات، هذا البنك اليوم أصبح يستخدم من جانب العدوان والمرتزقة لإضعاف صمود اليمنيين وعقابهم في لقمة عيشهم، هذا البنك أصبح بنكا ضرارا وتفريقا بين اليمنيين، بنك يعمل بطيش وتهور وغباء وخبث، بنك يقال عنه أنه استقبل وديعة من هنا أو من هناك، ولا نرى أثر هذه الوديعة سوى في إعلام الطرف المعادي، فلا هو دفع المرتبات بناء على تلك الوديعة، ولا هو حسّن الوضع المعيشي، بل استُخدم للنقمة من اليمنيين شمالا وجنوبا، فكم مرات شهدنا خروج مظاهرات واحتجاجات وإحراق إطارات في محافظات جنوبية على خلفية الفساد الاقتصادي الذي تقف خلفه أدوات العدوان في الرياض وأبو ظبي!
في رأيي السبيل لفك الارتباك ببنك الضرار في عدن هو بعدة إجراءات مهمة جدا:
أولا: عدم الاعتراف به، والتعامل فقط مع البنك المركزي بصنعاء وإبلاغ الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية والدولية والتجار ورجال المال والأعمال والمانحين والداعمين في الداخل والخارج بذلك، وليكن للخارجية اليمنية دور في ذلك ودعمه بقدر المستطاع وتفعيله بالشكل المطلوب في ضبط الصرافين والتفرد بشراء وبيع أي عملات صعبة.
ثانيا: تفعيل الريال الالكتروني بشكل محدود مبدئيا وليكن على مستوى الأمانة ومحافظة صنعاء لاختبار التجربة، على أن يتم اتخاذ الإجراءات المناسبة والضامنة لسير تلك العملية بنجاح ومن ثم توسيعها شيئا فشيئا لتشمل باقي المحافظة التي تقع تحت سلطة المجلس السياسي الأعلى في صنعاء.
ثالثا: لتقوية ودعم الإجراء الأول والثاني يجب الاهتمام بجانب الزراعة بشكل أساسي وبدعوى الضرورة في العاصمة صنعاء والمحافظات، وأن تُفتح لهذه الجبهة مراكز خاصة بها ويتم تدريب المهتمين والمتطوعين للعمل في جانب الزراعة من قبل الجهات الرسمية في الدولة وعلى رأسها وزارة الزراعة والري بالتعاون والتنسيق مع التجار ورجال المال والأعمال، فالمرحلة تستدعي من الجميع المشاركة بما في وسعهم للوصول للاكتفاء الذاتي في الجانب الزراعي.
رابعا: الاهتمام بشكل كبير بالإنتاج المحلي والاستغناء عما أمكن عن استيراد المواد الغير ضرورية التي بالإمكان صنعها وإنتاجها محليا، وهذا هو الآخر يحتاج أن يتم إيلاؤه الاهتمام والعناية الكبيرة من جانب الجهات الرسمية وعلى رأسها وزارة الصناعة والتجارة وبتعاون التجار ورجال المال والأعمال ودعم وتدريب المهتمين والمتطوعين في هذا الجانب.
خامسا: فرض سلطة أمر واقع في الجانب الاقتصادي، واعتبار مسألة “تحييد الاقتصاد” مسألة ضرورية نحن من نصنعها، وبناء على مشروع الشهيد الرئيس صالح الصماد “يد تبني ويد تحمي”، فاقتصادنا نحن من نبنيه ونحن من نحميه في نفس الوقت، ونحن من نحيده من مكر ومؤامرات الأعداء، ولا ننتظر ممن يقتلنا بدم بارد وفي العلن وعلى مرأى ومسمع العالم ويستبيح أرضنا وينتهك عرضنا ويريد فرض الوصاية علينا أنه هو من سيقوم بتحييد اقتصادنا ولا يستهدفه، اقتصادنا نحن نحميه بدمنا، ونحن نبنيه بأيدينا، ونحن أيضا من نفرط فيه أو نسلم زمامه إن شئنا لمن يرتبكون فينا أبشع الجرائم، فالاعتراف ببنك الضّرار في عدن وتجميد البنك المركزي في صنعاء هو ما يريده الأعداء منا، ليكونوا أوصياء ليس على أرضنا التي قد احتلوها فحسب، بل على لقمة عيشنا، وليتهم يكتفون عند ذلك الحد، بل يسعون أيضا للسيطرة والاستيلاء على ميناء الحديدة ليُحكمون الطوق علينا من كل اتجاه، فإن جمدنا بنكنا المعترف به والذي كان يصرف المرتبات في أول عام من العدوان بدون تمييز، إن جمدناه واعترفنا ببنك عدن الذي يمررون علينا منه مؤامراتهم، ويقررون عبره كيف يكون سعر الصرف، ويتحكمون به صعودا وهبوطا، فإننا نكون بذلك قد خنا مشروع الشهيد الصماد الذي قدم دمه وروحه من أجل إرسائه والنهضة باليمن على كل المستويات.
سادسا وأخيرا: على اللجنة الاقتصادية العليا في صنعاء إبداء الأفكار والرؤى والبدائل والحلول وكذا رسم الخطط الممكنة والسريعة المساندة لما ذكرناه، والبدء بالتنفيذ بثقة وبصيرة، فمن جد وجد ومن زرع حصد، ومكر أولئك هو يبور.