الخبر وما وراء الخبر

النفط يواصل الهبوط: ضغوط ترامب تؤلم الرياض

47

واصل إنتاج السعودية القياسي، في ظل زيادة المخزونات الأميركية، الضغط على أسعار النفط، التي تراجعت، أمس، إلى نحو 60 دولاراً، فيما يترقب المتعاملون، نتيجة اجتماع مجموعة العشرين في بوينس آيرس نهاية الشهر الجاري، وكذلك نتيجة اجتماع منظمة «أوبك» السنوي الثاني، في الـ6 من كانون الأول/ ديسمبر المقبل، في فيينا، لمناقشة اتفاق تمديد خفض الإنتاج من أجل دعم الأسعار المتراجعة.

السعودية، أكبر منتج للنفط في «أوبك»، وأكبر مُصدّر للنفط في العالم، تريد سعراً أعلى من الحالي، غير أن الرياض تتعرّض لضغوط من الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي طلب من المملكة الامتناع عن خفض الإنتاج، والمساهمة في دفع أسعار الخام لمزيد من الهبوط. وأخذت هذه الضغوط مفعولها على الرياض، منذ جريمة اغتيال الصحافي السعودي، جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده في إسطنبول، حين بدأت تظهر تخمة في المعروض، أفقدت أسعار النفط نحو ثلث قيمتها، من مستواها المرتفع البالغ 85 دولاراً، بعد أن وصل إنتاج المملكة إلى أعلى مستوياته في الشهر الجاري، إذ ضخت المملكة منذ بداية تشرين الثاني/ نوفمبر، ما بين 11.1 مليون إلى 11.3 مليون برميل يومياً، في ظل ضعف الأسواق المالية عموماً، ما دفع بترامب، الأسبوع الماضي، إلى شكر السعودية على خفض الأسعار، في تغريدة في «تويتر»، لكنه طالبها بالمزيد.

لكن المزيد من الهبوط في أسعار النفط، كما يشتهي ترامب، يعيد المملكة إلى مرحلة العام 2015، حين أدى الهجوم الأميركي (الطلب) على قطاع النفط، إلى انخفاض الأسعار من 100 دولار للبرميل في منتصف عام 2014، لغاية 40 دولاراً. حينها، اضطرت الرياض إلى إعادة النظر في مواردها المالية، بعد أن تضاعف عجز ميزانيتها إلى 100 مليار دولار في العام المذكور (15٪ من الناتج المحلي الإجمالي)، ما دفع صندوق النقد الدولي إلى التحذير حينها من احتمالية فقدان بعض دول الخليج، لا سيما السعودية، احتياطياتها النقدية في غضون خمس سنوات، إذا استمرت الأسعار منخفضة. والحال نفسه اليوم، ففي تقرير حديث لمؤسسة «كابيتال إيكونومكس» البريطانية للأبحاث والدراسات الاقتصادية، أشار الخبراء إلى أن السعودية، قد تضطر إلى استخدام مدخراتها من العملات الأجنبية، لعقد من الزمان، كي تظل قادرة على تمويل الفجوة بين صادراتها ووارداتها، في حال تراجع الأسعار إلى 30 دولاراً للبرميل.

إزاء هذا الواقع، تسعى السعودية إلى إعادة رفع الأسعار، وقالت إنها ستؤيد خفض الإنتاج في اجتماع المنظمة الأسبوع المقبل، لكنها اشترطت «جبهة موحدة» في شأن إنتاج النفط، وهو ما أعلنه وزير الطاقة، خالد الفالح، أمس، بالقول إن بلاده «لن تخفض إنتاج النفط وحدها لتحقيق الاستقرار في السوق». لكن روسيا ونيجيريا، قالتا إنه من السابق لأوانه الإشارة إلى ما إذا كانتا ستشاركان في أي قيود للإنتاج. صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية، أشارت في هذا السياق، أمس، إلى أنه «سيتم بحث صيغة جديدة لسوق النفط في (اجتماع) فيينا»، موضحةً أن «التعاون النفطي بين روسيا والسعودية بات شيئاً من الماضي»، في ظل استجابة الرياض لضغوط ترامب، وزيادة إنتاجها، على رغم انخفاض الأسعار العالمية، مشيرة إلى أن ترامب «وجد المفتاح لإدارة أسعار النفط العالمية. فالتهديد بفرض عقوبات شخصية أميركية على ولي العهد، بسبب اغتيال المعارض خاشقجي، حوّل الرياض إلى منتج نفطي مطيع».