الخبر وما وراء الخبر

آل سعود يستجدون بريطانيا لهروب مشرّف من اليمن

229
بقلم/ حمزة الحنسا

لا ينفكّ وزير خارجية السعودية عادل الجبير، يهدّد بالخَيار العسكري في سوريا. يعرف الجبير أن أحداً في العالم لا يأخذ تهديداته على محمل الجدّ. يعرف أن الزمن تجاوز مرحلة عرض العضلات من جانب واحد في سوريا.

في الأساس، يُدرك رأس الدبلوماسية السعودية أن وضع المملكة ما بعد دخولها الى اليمن لا يسرّ صديقاً ولا عدواً، فكيف به ما بعد دخول روسيا الى سوريا ومرحلة ما بعد إسقاط السوخوي؟ تواصِل العائلة الحاكمة في السعودية إرسال إشارات القوة.

هذا ظاهرياً وعبر التصريحات والبيانات الإعلامية.. كإدراج شخصيات ومؤسسات لحزب الله على لائحة الإرهاب مثلاً. لكن في العمق، فَعَلَ العدوان الذي تشنّه السعودية على اليمن فعلته. قَلبَ الجيش اليمني وأنصار الله سحر السعودية عليها وعلى تحالفها المتعدّد الجنسيات.

المكابرة السعودية لم تعد تجدي نفعاً، فالخسائر أكثر من أن تُعدّ أو أن تحصى، وصبر واشنطن قد نفذ.

 

بعيداً عن عنتريات الجبير وخبريات “العربية”، تؤكّد مصادر لـ”العهد الاخباري” ما كشفه المغرّد السعودي الشهير “مجتهد” بالأمس، من أن ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، أبلغ الوسيط العُماني أنه مستعد لوقف الحرب على اليمن بشرطين فقط،

أولاً الابتعاد عن حدود المملكة والتي بات يسيطر عليها أنصار الله واللجان الشعبية بشكل كبير وبعمق بالغ.

ثانياً ضمان عدم التعرّض للرئيس الفار عبد ربه منصور هادي وحكومته في عدن.

المصادر المعنية بالملف توضح أن ما كشفه “مجتهد” بالأمس ليس كل الحقيقة.

تقول إن موفداً بريطانياً حطّ في إيران قبل أيام، وأبلغ المسؤولين فيها رسالة سعودية مفادها أن ولي العهد السعودي محمد بن نايف، وولي ولي العهد محمد بن سلمان، باتا على استعداد تمام لإيقاف حربهما على اليمن وشعبه، بعدما أدركا أن لا نتيجة منها.

طلب الوسيط البريطاني من الطرف الإيراني مهلة زمنية للمحمدَين لترتيب “وقف مُشرّف” للنار في اليمن.

تقول المصادر إن واشنطن في أجواء هذا العرض الي سيُبَلّغ الى الحوثيين عبر الجانب الإيراني.

إذن، الأميركيون على دراية بالعرض السعودي. في الأصل، تقول المصادر إن الأميركيين غاضبون من آداء السعوديين السيء في اليمن، خصوصاً بعدما فوّتوا أكثر من فرصة ومناسبة لتحسين ظروفهم على الأرض، فيما الطرف اليمني الموالي لهم لا يملك أي تأثير عسكري أو سياسي لتغيير مسار الأحداث هناك.

آخر المُهَل التي أعطاها الأميركيون للسعوديين في اليمن كانت في تعز بناءً على طلب سعودي – إماراتي. كان الشرط الأميركي أنّ تعز ستكون آخر محاولة للسعودية ومَن معها لتحسين أوضاعهم قبل الذهاب الى التسوية، سواء نجحت هذه المحاولة أم فشلت، خصوصاً بعدما فشل السعوديين في الصمود في مأرب.

اليوم، وضع السعودية وحلفائها في تعز سيء جداً.. في الأساس لا يوجد وضع للسعودية في تعز. اشتباك حزب الإصلاح الإخواني والقوات الإماراتية – حلفاء السعودية – خير شاهد ودليل على الفشل هناك.

لم يكن ما تقدّم كل ما حمله الوسيط البريطاني الى طهران. أبلغ البريطانيون الإيرانيين أيضاً أن محمد بن سلمان تحديداً يريد بعض الوقت لتسوية عدد من المشاكل التي يعاني منها، إنْ كان في الحكم أو في مشاريعه الاقتصادية.

البريطانيون من جهتهم حثّوا الإيرانيين على تشجيع الحوثيين على قبول وقف إطلاق النار والانسحاب من الأراضي السعودية، مقابل وعود باعتراف دولي بهم كقوة فاعلة في اليمن في مرحلة ما بعد العدوان، مع ما يعنيه هذا الاعتراف من دور للحوثيين في أية حكومة مقبلة تقرر مصير اليمن.

الى هنا انتهى العرض السعودي عبر الوسيط البريطاني. لكن الإيرانيين لم يتوقفوا عن استقبال الوسطاء والعروض. الإماراتيون بدورهم كانوا على تواصل مع طهران فيما خصّ الحرب على اليمن.

تواصَل الإماراتيون مباشرة مع المسؤولين الإيرانيين. أبلغوهم أن الحرب في اليمن لم تكن على أجندتهم يوماً، وهي ليست كذلك اليوم أيضاً، على الرغم من كل ما أدّوه من أدوار فيها. الإماراتيون قالوا إن دخولهم الحرب كان بدافع إرضاء الأخت الكبيرة (السعودية).

أما اليوم، وفيما هذه الأخت تهمّ بمغادرة أرض المعركة، فإن الإماراتيين وجدوا أنفسهم الأولَى بترتيب خروج مشرّف من أرض المعركة.

لذا، أبلغ الإماراتيون الحوثيين عبر الإيرانيين بنيّتهم الإنسحاب قريباً من اليمن.

هُم لأجل ذلك، خفّضوا عديد قواتهم من عدّة آلاف الى بضعة مئات.

طلب “عِيال بن زايد” من الحوثيين عدم ضربهم ريثما رتّبوا خروجهم قريباً من بلاد اليمن.

وفقاً لما تقدّم، يبدو جلياً أن اليمن مقبل على مرحلة جديدة قريباً. خصوصاً أن السعوديين والإماراتيين ربطوا تنفيذ ما عرضوه بمهل زمنية محدّدة بآجال قصيرة.

انطلاقاً من هذا الوضع المستجد، فإن ملفات إقليمية كثيرة أقل أهمية بالنسبة للسعوديين، ستشهد حلحلة، على قاعدة العطاء والأخذ، بصرف النظر عمّا إذا كانت “عطاءات” السعودية لا تزال غالية الثمن في السوق الإقليمية والدولية.