ترامب يثني على السعودية.. إذا عُرف السبب بطل العجب
بقلم / إسماعيل المحاقري
“هنيئاً لأمريكا والعالم وشكراً للسعودية”
هكذا علق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على انخفاض أسعار النفط شاكرا المملكة لأول مرة منذ توليه الحكم على هذا الاجراء، وهو الذي لا يألو جهدا ولا يفوّت فرصة لتذكير مواليه السعوديين بأنهم بدون الولايات المتحدة لا شيء، وأن سلطتهم لن تصمد أكثر من أسبوعين على أكثر تقدير.
ورغم أن انخفاض اسعار النفط من 82 دولارا إلى 54 دولارا أشبه بخفض ضريبي كبير لأمريكا بحسب ترامب في إحدى تغريداته على مواقع التواصل الإجتماعي إلا أن الأخير يرى ذلك غير كافٍ كونه لا يلبي الحاجة الأمريكية ولا يدعم اقتصادها بالشكل اللازم، فعلى السعودية أن تخفض أكثر وأكثر.
أوامر ترامبية نافذة ليست بتمنيات أو دعوات موجهة للسعودية التي باتت علاقتها بأمريكا عارية تماما وخالية من أي لغة تحتمها الدبلوماسية والشراكة كما يحلو للنظام السعودي الترويج له.
ومن أجل المصالح الأمريكية و”إسرائيل” يقول الرئيس الأمريكي في أول بيان رسمي للبيت الأبيض بشأن قضية خاشقجي إن واشنطن تعتزم أن تظل شريكا راسخا للسعودية، علم ابن سلمان بمقتل الصحفي السعودي أم لم يعلم، الأهم هو بيع المواقف بقدر ما تدفع والكونغرس حر في الذهاب في اتجاه مختلف.
والسعودية محاطة بسياج من الضغوط الدولية والمواقف المنددة المطالبة بمعاقبتها على خلفية قضية قتل خاشقجي، وكذا الملفات التي راكمها بن سلمان واستعصى حلها كتبعات عدوانه على اليمن، وليس ببعيد أن يتجلى الكرم السعودي في خفض أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها، ولن يجد ولي عهد السعودية سبيلا للفكاك من هذه الأزمة والإبقاء على أحلامه في تولي عرش المملكة سوى تسريع عجلة التطبيع مع كيان العدو الصهيوني.
وفي كل الأحوال تبقى العلاقة بين واشنطن والرياض مجرد علاقة تعاقدات يملي فيها القوي على الضعيف بمنطق التابع والمتبوع، ولأن أمريكا أولا بالنسبة لترامب فلن يتخلى عن مئات مليارات الدولارات ويدع الأمر يذهب لروسيا والصين.
وبالطبع فالسعودية ليست الصين ولا روسيا وهي بالنسبة لأمريكا بنك استثماري وبقرة حلوب متى ما جف ضرعها وجب ذبحها، والوقت على ما يبدو لم يحن بعد، لكن دولا كثيرة تخالف رأي ترامب ترى أن رأسا في المملكه قد أينع وحان قطافه.
وكما يشعر الرئيس الأمريكي بالغبطة والارتياح بإهاناته المتكررة لحكام السعودية ودول الخليج واضعا علاقة بلاده بهذه الدول في مكانها الصحيح، كذلك لا تخفي إدارته اليوم أن قرار السلم والحرب في اليمن بيد واشنطن، وأن الرياض وأبو ظبي مجرد أدوات وظيفية في خدمة مشروع الهيمنة الأمريكي، إضافة إلى ما يقدمونه من أموال طائلة هي بالنسبة لترامب ثمن حمايتهم والدفاع عن سلطتهم.
خلال الأسابيع الماضية بدا وزير الحرب الأمريكي جيم ماتيس مهتما بسياسة بلاده الخارجية والأزمة الإنسانية في اليمن أكثر من وزير الخارجية مايك بومبيو، إذ جدد التأكيد أن محادثات السلام بين “الاطراف اليمنية” ستنعقد بالسويد مطلع كانون الأول/ ديسمبر، وهو الموعد الذي سبق وأن حدده قبيل تصعيد العدوان في الساحل الغربي بأيام.
وقال ماتيس للصحفيين إن السعودية والإمارات أوقفتا العمليات الهجومية حول مدينة الحديدة الساحلية، وإن جبهات القتال لم تتغير خلال الثلاثة الأيام الماضية على الرغم من بعض الاشتباكات وأضاف: إذا كنتم تريدون إنهاء الحرب في اليمن فعليكم العمل مع السعودية.
تصريحات وزير الحرب الأمريكي قد لا تبدو محرجة لدول العدوان بشقيها السعودي والإماراتي وحسب، بل وللأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن مارتن غريفت الذي لم يكد ينهي زيارته إلى العاصمة صنعاء إلا وثمة من حدد موعد المشاورات ورسم خارطة طريقها.
هذا الأمر حمل رئيس “الثورية العليا” محمد علي الحوثي للتعبير عن أمله في أن تحمل أجندة زيارة المبعوث الدولي مقترحات بناءة لا تخضع لإملاءات أو رسائل من دول العدوان، باعثا برسالة لغريفت بأن لا يكرر ما فشل فيه سلفه من قبل.