الخبر وما وراء الخبر

ذمار ونجاح الإحتفائية البكر: من هنا مر ضيوف رسول الله..(تقرير+صور)

302

ذمار نيوز| خاص| تقارير | فؤاد الجنيد، 12 ربيع الأول 1440هـ، الموافق 20 نوفمبر 2018م.

في طوفان بشري أخضر تضلله تلك الغمام التي ظللت صاحب الذكرى يوماً من الزمان، وفي أجواء مفعمة بالإيمان واليقين وخشوع الزاهدين وتبتلات العاشقين وإخلاص المحبين، نقشت محافظة ذمار بأجساد أبنائها في تراب ساحة جامعة ذمار صورة خالدة لم تسعفها المساحة رغم سعتها أن تصنع إطاراً يحدد زواياها الأربع لإكتضاضها بضيوف خير من وطئ الثرى بقدميه، ولازدحام حجاج أبي الزهراء في رشف رحيق محبته المختوم، ختامه مسك، وفي ذلك تنافس المتنافسون في ساحات أُخر، يتوسدون سحائب عبق الذكرى ويتوضأون ببريق النور وهم يطوفون طواف الحنين في ساحة الإحتفاء الذماري الطاهر، مشهد مهيب تحفه ملائكة من صلى عليه وملائكته، وأمر في قرآنه وآياته أمرا بدأ فيه بنفسه، وثنى بالملائكة المسبحة بقدسه، وثلث بالمؤمنين من جنه وإنسه، فقال ولم يزل قائلا عليما، تعظيما لأمر نبيه وتكريما، إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما.

محشر أخضر

سيق الذين أحبوا رسول الله إلى الساحة زمرا زمرا، وتقدمت طلائعهم افواجا افواجا، وكان للإعداد العظيم والتنظيم السليم ثماره في حضرة الإستقبال الزاهي المتوشح بالبهاء، مرور سلس، واصطفاف سهل، وتموضع صائب، وترتيب مدهش، وكأنما الحشود يممت وجهها للصلاة في طواريد مزهرة بالإنتظام، فاتحة كتابهم لبيك رسول الله، وقبلتهم المنصة العالية الواسعة التي اطعمتهم من جوع وآمنتهم من خوف، غذت أرواحهم من موائد المصطفى الربانية شهية المذاق، متعددة الأطباق، ووهبتهم من الثقة بالله والتمسك بحبله عروة وثقى لا انفصام لها، ومن الوعد الحق زاد وراحلة، ومن حسن الظن بنصر الله طاقة متجددة عظيمة يتوكأون عليها ويهشون بها على قضيتهم ولهم فيها مآرب أخرى، لن يكون أولها الصمود والثبات ولا اخرها عناق الركن اليماني والبنادق على الأكتاف.

استهلال ضوء المولد

منذ الساعات الأولى من صباح الثلاثاء الاستثنائي بدأت أفواج محبي رسول الله بالتدفق إلى محافظة ذمار من مداخلها الواسعة، وفي استقبالهم لجان أعدت لذلك كخلايا النحل، وبعد تناول وجبة الغداء في ضيافة المدينة المحمية بالله كانت ساحة جامعة ذمار على موعد مع احتضان عشرات الآلاف بين ذراعيها وهم ملبين لرسول الله، ومتحدين الظروف والصعاب التي فرضها العدوان الغاشم على البلاد للعام الرابع على التوالي، ومتجاوزين الحصار المطبق جوا وبرا وبحرا، مباركين مولد خير البرية ومباركين انتصارات أحفاده في جبهات الرجولة والإباء الحيدري، وداعين بالموت للهيمنة الأمريكية والإسرائيلية التي سينتهي عتوها وتغرب غطرستها في مغرب يوم قريب على أيديهم طال الزمن أو قصر.

إستضافة متميزة

إعدادات مركزة للفعالية وتجهيزات قل نظيرها، تكللت بالنجاح والتوفيق رغم باكورتها الأولى، فيها قسمت الساحة على مربعات متعددة باسقاطات هندسية دقيقة وفريدة، وحددت لكل فئة من الوفود جغرافيا معينة بإشراف لجان تنظيمية وأمنية أوكلت إليها المهام والاختصاصات الكفيلة بتميز الإستضافة ونجاح الإحتفائية، مربعات لكبار الضيوف ومربعات لضيوف المحافظات ومربعات لضيوف المديريات، وأخرى لكبار السن وأخرى للجرحى، ومربعات للإعلاميين وثانية للأكاديميين وثالثة للشخصيات الأمنية ورابعة للإجتماعية وخامسة وسادسة وسابعة..تصنيف وتوصيف وصف بأنه الأول من نوعه في تأريخ الحشد والجمع للمناسبات في الأماكن المفتوحة، بينما خصصت ساحة أخرى لصيقة بساحة الإحتفال خصصت النساء وبداخلها مربعات بنفس التوصيف والتنسيق السابق، وتوزعت اللجان الصحية بمخيماتها الطبية في زوايا الساحة طولا وعرضا، وتفرغت اللجان الإعلامية بحركتها الحرة لتغطية الإحتفال بمهنيتها واحترافها ترافقها عربات النقل الحي والمباشر التي ما فتأت تواكب الحدث وتجاري لحظاته بتغطية مباشرة ثرية باللقاءات والمقابلات والمداخلات حتى آخر دقيقة من مراسيم الإبتهاج الأخضر.

برنامج المناسبة

بدأت الفعالية الإحتفائية بآي من الذكر الحكيم، تلاها كلمة ترحيبية لمحافظ المحافظة الشيخ محمد حسين المقدشي عبر فيها عن سعادة محافظة ذمار بهذه الاستضافة التي تعد تشريفا لها كونها الأولى في تأريخ الإحتفال بهذه المناسبة العظيمة، مجددا العهد على أن ذمار ستبقى في طليعة المحافظات التي تقف في صف الوطن وتقدم التضحيات والمواقف المشرفة، وترفد الجبهات بالمال والرجال، شاكرا لضيوف رسول الله هذا التوافد والحضور، ومجددا الترحيب بهم بين اخوانهم في محافظة ذمار.

وفي مساحة شعرية للمناسبة ألقى الشاعر أمين الجوفي قصيدة شعرية مجلجلة هزت المشاعر واوقدت العزائم وحركت أمواج الحضور تهليلا وتكبيرا، بعدها أضفت فرقة الإمام علي بذمار نسائم من اللحن الشجي في اوبريت انشادي أعطى لهذه المناسبة العظيمة حقها من التعظيم والتبجيل.

وفي كلمة المناسبة التى ألقاها رئيس اللجنة التحضيرية للإحتفال مشرف المحافظة الأستاذ فاضل الشرقي، رحب بالحضور الذين تقاطروا من كل ارجاء المحافظة والمحافظات الأخرى تجسيدا لولائهم وحبهم لنبيهم العظيم، وتعظيما لهذه الذكرى الخالدة التي غيرت مجرى البشرية بمولد مخرج الناس من الظلمات إلى النور، مؤكدا أن الإنتماء لنبي الأمة ليس انتماء اجوفا، بل انتماء حقيقيا بما يحمله من قيم وسلوكيات، وذلك مشروط بالإقتداء والولاء والتآسي والتطبيق لما جاء به هذا النبي الكريم، مشيرا إلى أن الغزو الثقافي والفكري الذي دأبت دول الكفر والنفاق على نشره عبر اختراقها تيارات داخل الشعوب قد فشل فشلا ذريعا أمام يقظة هذه الأمة وتحرر وعيها والتفافها حول نبيها وقائدها المصطفى عليه وآله أفضل الصلاة والسلام، مجددا ترحيبه بضيوف رسول الله في ذمار وشاكرا كل الجهود التي كرست من أجل نجاح مميز لهذه المناسبة العظيمة.

بدوره خاطب وزير العدل أحمد عقبات الجموع المحتشدة في الساحة الذمارية بأن هذا الحشد الهائل والكبير ليس بغريب على أبناء ذمار الذين يثبتون يوما بعد يوم بأنهم رجال المواقف والعطاء، وأن حشدهم برهان كافٍ على صدق ولائهم وانتمائهم، ورسالة قوية لقوى العدوان بأن من يحتشد اليوم لساحات الاحتفال لن يتوانى عن الاحتشاد في ساحات الجهاد والكفاح.

بعد ذلك كانت الحشود الكبيرة على موعد مع إطلالة العلم وخطاب القائد السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله عبر شاشة كبيرة أعدت لذلك النقل المباشر واختارت مكانها لتجاور المنصة الرئيسية للإحتفال.

مسك الختام

أكدت محافظة ذمار بأبنائها ورجالها ونسائها في احتفال اليوم أن اليمني ارادة لا تقهر، وصلابة لا تكسر، وأنهم باتوا رقماً صعباً يزاحمون وينافسون ويتفوقون، وأن لعنة العدوان والحصار لن تنال من صمودهم وثباتهم وعزيمتهم واصرارهم مهما بالغ العدوان في جرمه وافرط في غيه وقبحه، وأن اليمنيون ماضون في الانتصار لقضيتهم ومظلوميتهم مهما صمت العالم الأخرس، ومهما ملأت الإنسانية خزائنها من صرر المال وبراميل النفط، فالكرامة والحرية كيان يمني لا يتجزأ، والعزة والشرف والكبرياء والإباء مفردات يحويها قاموس اليمنيين وحدهم لا شريك لهم، وذاك وسام ثقيل لا تقوى على حمله الصدور.