“لبيك يا رسول الله”
بقلم | سام الهمداني.
تحدث الكثير عن شخصية النبي والرسول محمد صلى الله عليه وعلى آله حديثاً يعانق السماء ويكسر الأساطير، كتب عنه من آمن برسالته ومن لم يؤمن، تصدر أعظم شخصية وقائد عرفه التاريخ، ولكن ما جاء في الكتاب عن أفضل الأحباب وفي أبلغ خطاب يكفي لأن تقف الأقلام راكعة لإعجاز الحرف وبلاغة التعبير، فكثيرة هي الآيات التي تحدثت عن النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله حديثاً له حلاوة وعليه طلاوة ويعلو ولا يعلى عليه، حديثاً لا يفترى ولا يتبعه الغاوون، فقال عز من قائل عن خلقه الكريم:(وإنك لعلى خلقٍ عظيم).
فما أقصرها من عبارات ولكن ما أبلغها وأجملها من كلمات، فقد استخدم حرف الجر(على) دون غيره من الحروف؛ كونه يدل على الإستعلاء أي أن خلق محمد فوق كل خلق كيف لا وقد كان خلقه القرآن، ثم وصف خلقه بالعظيم فقد بلغ منتهى الكمال الأخلاقي قولاً وعملاً.
ويقول الله عز وجل عنه:(لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم). ففي هذا السياق ترغب الروح لعناق الحرف وجزالة اللفظ وبراعة الأسلوب، في هذا السياق الإيجاز والإعجاز، فالتعبير بالفعل الماضي (جاء) وسبوقه بالتأكيد الحرفي(لقد) يلائم سياق المعنى المعبر عن أهمية وعظمة الرسالة المحمدية، وهدفها السامي والرفيع، وسر الاختيار والاصطفاء للنبي والرسول محمد صلى الله عليه وعلى آله.
وتتعدد الأساليب التركيبية تعدداً يكشف قداسة البيان القرآني، إذ جاء أسلوب التنكيرفي(رسول) دلالة لتعظيم خير البشرية، وتبرز القيادة الناجحة والشعور بالمسؤولية في قوله:(عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم). إذ يعز عليه إعراض قومه عن الإسلام ويكشف التصوير البياني في(عزيز عليه) عن شدة تحمله لإعراض قومه، وهذا هو منتهى الشعور بالمسؤولية، وفي الوقت الذي يعز عليه إعراض قومه هو حريص عليهم من العذاب الشديد، ولما كان الخطاب للمؤمنين برسالته قدم الجار والمجرور بالمؤمنين للاختصاص بالرأفة والرحمة؛ إكراماً لهم دون غيرهم، كما أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله أرسل رحمة للعالمين، ولذا تقدمت صفة الرأفة على الرحمة زيادة في الدلالة والاختصاص.
ويقول الله تعالى عن مقامه الرفيع المتجدد بتجدد ذكره على ألستنا إلى أن تقوم الساعة:( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً). فسر اختيار الفعل( يصلون)له دلالته المتجددة والمستمرة، إذ لو كان الفعل ماضياً(صلوا) لاختلف المعنى تماماً، ف(يصلون) يدل على الدوام والاستمرار والتجدد، هذا الدوام والاستمرار من الله وملائكته وهذا شرف عظيم لنا أمة محمد فاللهم صلي على محمد وعلى آله في كل وقت وحين، ومن يومنا هذا إلى يوم البعث والنشور.
وفي ميلاد محمد صلى الله عليه وعلى آله نجدد العهد والولاء ونختم القلوب بالمحبة والوفاء، ونقول الموت للعملاء والنصر للأولياء…