إسقاط الطائرة الروسية مؤشر لإتجاه المنطقة والعالم إلى حروب أكثر سخونة مما هي عليه الآن واليمن -لا سورية- قد تكون بوابة عبور الجيوش بإتجاه الصدام الكبير
بقلم/محمد محمد المقالح
نحن نعيش الحرب الباردة على المستوى الإقليمي والدولي ، ولكن الأحداث تتسارع إلى أن تأخذ بعدا أكثر سخونة ..
كان دخول السعودية في الحرب ضد اليمن وجر دول إقليمية ودولية عديده إليها ولو بالجيوش المشتراه – كمرتزقة – هو بداية الحروب الساخنة في المنطقة العربية والإسلامية ولكن المحدودة وكان هذا التدخل السعودي قد مثل أيضا مدخلا تصويغيا أكبر للتدخل الروسي الكبير في الحرب على الإرهاب في سورية .
رؤية روسيا لخطورة التواطؤ مع الإرهاب والصمت تجاه إتساع نطاقة في المنطقة والسماح لوجود دول إقليمية حاضنة له تم تأكيد صحتها بقوة في أحداث باريس الإرهابية الأخيرة ، وإمكان تكرارها في أكثر من بلد أوربي آخر..
ومع أن مؤشر إسقاط الطائرة الروسية بعمل إرهابي في سينا كان قد دق ناقوس الخطر على حركة الطيران المدني عبر العالم إلا أن الغرب لم يكن مهتما طالما والضحايا روس والمقصود به روسيا، إلى أن وقعت أحداث باريس الدموية وتلتها تهديدات جدية بأعمال مماثلة على بلجيكا هي التي جعلت أوروبا وربما العالم أمام جدية الخطر الداعشي العابر للقارات الفعلي وخطورة الدور الذي تمثله الدول الحاضنة للإرهاب الوهابي كالسعودية وتركيا وقطر..
بعد أحدث باريس الدموية والتي هزت الكيان الأوربي بكاملة تغير الموقف الفرنسي رأسا على عقب وبسرعة تسارعت المتغيرات الدراماتيكة في دول الإتحاد الأوروبي وإن بدرجات متفاوته وعلى أساس قرب الدولة الأوربية أو إبتعادها من السياسة الأمريكية تجاه هذا الملف أو بالأصح هذين الملفين ” الإرهاب – الهجرة”
بمعنى آخر وبدورة كاملة تحالفت فرنسا مع روسيا في الحرب ضد داعش وتلتها بقية دول الإتحاد الأوروبي التي بدت أولوياتها التعاون مع الرئيس السوري بشار الأسد لا إسقاطه..
ثم وبضغط من روسيا وفرنسا صدر القرار الأممي الهام والذي يعتبر من أخطر القرارات الأممية وأكثرها تأثيرا في الحرب على داعش وبإعتباره يمثل غطاء قانونيا وسياسيا للتدخل الروسي في سورية من ناحية و يمنح كل من روسيا وفرنسا ومن يريد التحالف معهما حق الضربات الجوية والتدخل البري خارج حدودهما وفي أي مكان آخر من العالم فضلا عن سورية وهي الرسالة الموجهة إلى دول إقليمية بعينها بينها تركيا كأكبر حواضن الإرهاب الداعشي بعد السعودية في المنطقة، خصوصا وقد نص القرار بوضوح على “داعش والنصرة” من ناحية وعلى حق أي دولة في التحالف في ضرب حواضن وتمويل الإرهاب في أي منطقة في العالم من ناحية أخرى ،وهو ما أثر على السعودية الراعية لداعش والسعودية الراعية للنصرة وغيرها من التنظيمات الإرهابية .
إسقاط الطائرة الروسية من قبل تركيا داخل الأراضي السورية إذا ليس سوى محاولة إمريكية تركية سعودية لإعادة خلط الأوراق في الساحة الأوروبية تحديدا وإعادة الإصطفافات الأوروبية إلى مربعها الأول، أي إبقاء أوروبا إلى جانب أمريكا وعبر حلف الناتو نفسه، خصوصا بعد أن بدأت تتشكل إصطفافات أوربية روسية ولو محدودة -بعد أحداث باريس بعيدا عن التوظيف الأمريكي وأداواته الإقليمية للإرهاب الداعشي في المنطقة ممثلة بتركيا وإسرائيل والسعودية وقطر .
إسقاط الطائرة الروسية من قبل تركيا من ناحية ومسارعتها إلى دعوة حلف الناتو لتدارس الرد الروسي من ناحية أخرى جاء إستباقا لأي رد روسي لم تكن سوى محاولة مكشوفة لإرباك أو إيقاف تحالفات الحرب على الإرهاب التي بدت جدية بعد أحداث باريس وبروكسل .
مطلوب من أوروبا إذا -وفقا للرؤية الأمريكية وأداوتها التركية- القطرية أن تستمر في الوقوف إلى جانب “أعدائها ” الاتراك والخليجيين بعيدا عن روسيا وتحالفاتها، والتغاضي عن الخطر الذي يمثله ملفي الإرهاب والهجرة وتداخل هذين الملفين على الأمن والإستقرار ومن ثم الإقتصاد الأوروبي مقابل العودة من جديد إلى إصطفافات ناتوية بقيادة أمريكية ومشاركة تركية وهذا هو أحد أهداف إسقاط الطائرة الروسية داخل الحدود السورية أو هذا أحد أهداف الحادث الذي يبدو متعمدا وإستفزازيا…
ولكن كيف ستسير الأحداث بعد ذلك ؟
هذا سيتوقف على رد فعل روسيا نفسها وما إذا كانت ستفضل المضي في الحرب على الإرهاب في سورية والعراق ومحاولة بناء تحالفات ثنائية وثلاثية تدريجية هادئة وغير إستفزازية لأمريكا وبالتالي تجاوز حدث إسقاط الطائرة والتقليل من شأنه ولو من باب التكتيك ؟
أم أنها – أي روسيا- ستعتبر إسقاط الطائرة جزء من حرب الإرهاب ضدها والموجه بقرار تركي سعودي قطري وبمواقفة ضمنية أمريكية إسرائلية مثله مثل إسقاط الطائرة المدنية في سينا ومثله مثل ما سبقه في الحروب الأمريكية الخليجية عليها في الشيشان و غير ذلك كثير .؟
لا إجابة جاهزة على ما ستتخذه روسيا من خيارات أو سياسات في الرد على تركيا ولكن ما يدفع روسيا إلى الأخذ بالخيار الأخير”الرد الصارم على تركيا” هو خشيتها من مكانية أن يعتبر تجاهلها أو تجاوزها لحادثتي سينا وإسقاط الطائرة في سوريا عمدا ومع سبق الإصرار والترصد تعبير عن حالة ضعف روسي ما يشجع كل الأطراف عليها وقد يسرع في إنتقال الأعمال الإرهابية الموجهة ضد الدور العسكري الروسي في سورية إلى الأرض الروسية نفسها عبر تفجيرات شبيهة لما حدث في باريس وهو تهديد جدي وعديد من المحللين يتوقعون حدوثه في موسكو أو غيرها من المدن الروسية في أي لحظة ولأسباب عديدة أهمها:رغبة الدول الراعية للإرهاب الداعشي في المنطقة وبينها السعودية في إيذاء روسيا ودفعها للإنكفاء بعيدا عن المصالح الحيوية للولايات المتحدة في المنطقة العربية…
الساعات والأيام القادمة ستكشف أي الخيارين ستمضي به روسيا ومعها المنطقة ،وفي كل الأحوال وأيا كانت ردود فعل روسيا على حادث إسقاط طائرتها في الحدود السورية فإن العالم وقبله المنطقة يتجهون إلى حرب أو حروب باردة ولكن أكثر سخونة وربما ساخنة جدا…
يبقى أن نقول إذا كانت حرب السعودية على اليمن وإشراك دول إقليمية عديدة بجيوشها الرسمية وإستخدامها كمرتزقة في هذه الحرب الظالمة وغير المبررة هي البداية للصراعات الأولى لحروب إقليمية متقنة بين جيوش إقليمية وعالمية كبيرة فإن اليمن حين يتسع نطاق هذه الحروب الإقليمية والعالمية ستكون بيضة القبان في كل ما يجري وسيجري من حروب واسعة ؟
أما لماذا فلأن اي محاولة روسة أوروبية وعالمبة لهزيمة الإرهاب العابر للقارات لن تتم إلا بإضعاف أو إسقاط النظام السعودي كأكبر حواضن الإرهاب الداعشي عبر العالم، ولن يتم ذلك إلا عبر البوابة اليمنة وقد فتحت
* اليمن أيها اليمنيون وصمود شعبه الإسطوري أمام عدوان همجي وبربري تشنه ” داعش الكبرى” منذ ثمانية أشهر أو يزيد بصمت وموافقة ومشاركة العالم هو اليمن نفسه الذي لن يكون هذه المرة مقبرة الجيوش الغازية بل وجسر العبور الوحيد للجيوش المتحاربة قبل الصدام الكبير…