الخبر وما وراء الخبر

الكيانات الطارئة وصفقة القرن

48

بقلم / إبراهيم السراجي

لا غرابةَ أنه في ظل الواقع الذي تعيشُه الأمتان العربية والإسْلَامية، أن نجدَ الكياناتِ الطارئةَ المتمثّلة بالدول الخليجية والكيان الصهيوني، تعملُ على تقريرِ مصائر شعوب الحضارات الضاربة في التأريخ، كما هو الحالُ اليومَ في فلسطين واليمن.

نشهدُ هذه الأيامَ هرولةً خليجيةً غيرَ مسبوقةٍ للتطبيع مع الكيان الصهيوني؛ باعتبار كُـلِّ تلك الكيانات الطارئة على المنطقة محمياتٍ أمريكيةً، غير أن الفرقَ الوحيدَ هو أن الدولَ الخليجيةَ تلعَبُ فيها دورَ الخادم الأمريكي لمصالح الكيان الصهيوني الابن المدلّل لواشنطن؛ ولذلك نلاحِظُ كيف أن الدولَ الخليجية تعيشُ خلافاتٍ عاصفةً فيما بينها كالأزمة القائمة مع قطر، أَوْ الخلافات السعوديّة الكويتية على حقول النفط، أَوْ الخلافات السعوديّة الإماراتية من جهةٍ مع سلطنة عُمان وجزء منها يتجسّدُ في الذي يحدث في محافظة المهرة اليمنية، لكن تلك الدول مجتمعةً لا خلافَ بينها على التطبيع مع إسرائيل.

بل إن التطبيعَ مع الكيان الصهيوني بات نقطةَ الالتقاء الرئيسة التي تجمعُ دولَ الخليج، فوزيرُ الخارجية السعوديّ عادل الجبير قال في مؤتمر المنامة قبل أَيَّـام بحضور وزير الدفاع الأمريكي: إن الخلافاتِ مع قطر لن تؤثرَ على إنشاء “تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي”، هذا التحالُفُ الذي يُطلَقُ عليه إعلامياً “الناتو العربي” أعلنت عنهُ الإدارَة الأمريكية الحالية ويفترَضُ أن يجمعَ دولَ الخليج وإسرائيل بقيادة أمريكا تحت مسمى “محاربة إيران”.

والواضحُ أن الولايات المتحدة الأمريكية صنعت الخلافاتِ والأخطارَ المحدقةَ بدول الخليج من بعضها البعض وعادت لتقول لملوك تلك الدول إنه لا خلاصَ من تلك الأخطار إلا بالتوجه نحو إسرائيل لتمريرِ ما بات يُعرَفُ بـ “صفقة القرن” التي تقْضِي بتصفية القضية الفلسطينية وليس حلها؛ ولذلك لم يجد الرئيسُ الأمريكي دونالد ترامب حَرَجاً في تبرير دفاعه عن النظام السعوديّ بشأن قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي بالقول: إن “السعوديّةَ قامت بأمور جيدةٍ تجاهَ إسرائيل وتقوم بتمويلِ أشياءَ كثيرة”، وبالتالي يلخص ترامب علاقتَه بدول الخليج بمستوى ما تقدمه من خدمات لإسرائيل وحجم ما تقدمه من أموال لبلاده.

والأمرُ هُنا ليس مجرّد استنتاج، فرئيسُ الوزراء القطري السابق حَمَد بن جاسم قال في مقابلة مع التلفزيون القطري قبل عدة أشهر بأنهم ذهبوا إلى واشنطن في عام 1995 إبّان محاولة الانقلاب الثانية في قطر التي قادتها السعوديّةُ والإماراتُ لإعادة الأمير المعزول “خليفة آل ثاني” وطلبوا من أمريكا المساعدةَ وأن الأخيرة قالت إن عليهم التوجهَ نحو إسرائيل؛ لكي يحظَى النظامُ القطري بالحماية، وبالفعل، كما يقول حمد بن جاسم، تم فتحُ مكتب تنسيق تجاري لإسرائيل في الدوحة وبعدها استقرّت الأمور للنظام.

اليومَ تريدُ أمريكا بهذه الكيانات الخليجية الطارئة أن تقدِّمَ خدمةً للكيان الإسرائيلي؛ لتصفية القضية الفلسطينية وإعادة اليمن إلى الوِصاية الأمريكية.