الخبر وما وراء الخبر

إلى روح الشهيد: عيسى العكدة (أبو قاصف) ورفيقيه الشهيدين: أبو إسلام الرازحي وكامل العكدة (سلام الله عليهم): منظومة الأحجار

204

الشاعر / معاذ الجنيد

بسلاحكَ (الحَجَرِيّ) لا بالنارِيْ
أربكتَ حتى مَنطِقَ الأقدارِ
وسموتَ ثمّ سموتَ مُرتقياً إلى
أنْ غِبتَ كُلّياً عن الأنظارِ
فمن الغيومِ إلى النجومِ إلى السما
_تعلو_ إلى أن صرتَ عند الباري
بقدومك ابتسمَ النبيّ مُفاخِراً:
هذا الفتى يا ربّ من أنصاري
من موطن الإيمان.. مَن أحببتَهُم
ومزجتَ في أنوارهم أنواري
* * *
الطائراتُ تحرّجت من قصفها
ورأتكَ وحدكَ (قاصِفَ) الأعمارِ
مُذ شاءَ ربُّكَ أن يُقِيْمَك شاهِداً
عن آيةِ (الإتيانِ) و(الإظهارِ)
وبأن تصيرَ معَ رفيقكَ عِبرةً
فتدبّروها يا أولي الأبصارِ
زحَفَت لكسركما الجموعُ وأنتما
جبلانِ من عزمٍ ومن إصرارِ
جبلانِ جاءا من (وِصَاب) و(رَازِحٍ)
بشموخِ (صعدةَ) وانتماءِ (ذمارِ)
وبِبُندقية واحِدٍ جسّدتُما
معنى: ((أشداءٌ على الكفارِ))
برفيقك اجتمعت شجاعةُ (حمزةٍ)
وبِكَ انطلاقةُ (حيدر الكرارِ)
ورأيتَ نفسك عن سلاحك أعزلاً
ومُجرّداً حتى من المسمارِ
فوجدتَ إسدالَ الستارِ ضرورةً
وكشفتَ عن “منظومة الأحجارِ”
وتعطّلت لغةُ القنابِلِ واغتدا
حَجَرُ الطريق (مُوَجّهاً) و(حراري)
الأرضُ تحتكَ جُعبةٌ مفتوحةُ
والله فوقكَ عالِمُ الأسرارِ
قد قال: كوني يا حِجارةَ (ناطِعٍ)
ناراً وسجيلاً على الفُجّارِ
ألقيتها بالله فانبَجَسَ الردى
منها على الأعداءِ موتاً جارِي
طَلَعاتُ كفّكَ كُلّها جويّةٌ
مدعومةٌ بالواحدِ القهّارِ
وهجمتَ حين وجدتَ صاحبك ارتقى
ببسالةِ (النُخَعيّ) و(المختارِ)
فتقهقروا وتدافعوا وتصادموا
وتساقطوا وتلطّخوا بالعارِ
كانت بنادقُهُم مُعطّلةً _كما
يبدو_ ومفعولُ الحجارةِ ساري
من وقعها فرّوا وهُم زملاؤها
فغداً ((أولئك هُم وقودُ النارِ))
فرداً وقفتَ لصدّ من زحفوا.. وهم
مجموعةٌ.. لكن من الأصفارِ!!
كـَ(مُسدّساتِ الماء) كان سلاحهم
ويداكَ طائرةٌ بلا طيّارِ
مثّلتَ (موسى) والعصا صخريةٌ
وبدوتَ (عيسى) والزمانُ (حَوارِي)
ولمستَ ما لَمسَ النبيّ (محمدٌ)
من لُطفِ ربّكَ ((إذْ هُمَا في الغَارِ))
وهمستَ معتصما بمُخرِجِ (يونسٍ):
الله فوق حصارهم وحصاري
من دون أسلحةٍ!! وتبرزُ شامخاً!
ويُقاتلونك من وراء جدارِ
ولو انّ غيرك قد يُخيّر نفسهُ
ما بين تسليمٍ وبين فرارِ
لكنّ من ربطَ الإلهُ بقلبهِ
كالطود عند تعاظُمِ الأخطارِ
لو كان موقعكَ المُحاصَرُ رملةً
لهجمتَ بالأنيابِ والأظفارِ
ترمي.. ولم ترهُم.. وكنتَ تُصيبهُم!!
هل كنتَ مُتصِلاً مع الأقمارِ؟؟
كلا.. ولكنّي اتصلتُ بمن رَمَى
عنّي.. وأخفاني عن (الرادارِ)
من صيّرَ اللاشيء شيئاً في يدي
الله.. جلّ الله من جبّارِ
وغدوتَ من بعد الدفاع مُهاجِماً
بسلاح خصمك آخذاً بالثارِ
وجُرحتَ.. لكنْ بعد دحرِ سريّةٍ
عادت بلا ربحٍ ودونَ (ضمارِ)
فأمدّكَ الباري بفزعةِ (كاملٍ)
لله درّ أبيه من إعصارِ
من لم يزل مُتردّداً بهروبه
ألقى السلاحَ وجَدّ في الإدبارِ
ولأنّهُ مددٌ سماويّ.. أبَى
من أن يراهُ الناسُ في الأخبارِ
ما جاء إلا كي يعينك وارتقى
لجوارِ خالقهِ مع الأخيارِ
وكأنّ أرض الثائرين تعمّدت
لتقولَ عبر يديك للأشرارِ:
لو ينتهي الشعبُ العظيمُ بأسرِهِ؛
لاستنفرت لقتالكم أحجاري

أهملتَ أوسمة البطولة كلّها
ورجعتَ للجبهات ليثاً ضاري
وزهَى بكَ الشهداءُ.. والتَقَت الخُطى
عند الرسولِ.. ((فنِعْمَ عُقبَى الدارِ))