الخبر وما وراء الخبر

 عودوا لوعيكم والسلام..

81

 

بقلم/ ابراهيم يحيى الديلمي
لعل السبب الرئيسي في إطالة أمد العدوان يعود إلى قلة البصيرة وضحالة الوعي بخطورة وحقيقة ما يجري لدى الكثير من مؤيدي العدوان الذين كانوا في مقدمة من ضاقوا ذرعا من هذه الحرب العدوانية التي فرضت علينا من قبل دول الاستكبار العالمي أمريكا وإسرائيل وأدواتهما من الأنظمة العربية الموالية لها.

هؤلاء المؤيدون للعدوان سواءً أكان تأييدهم بقصد أو بدون قصد مع أن قولي بدون قصد تنفيه تجليات الحقيقة التي لم تعد تخفى على أحد ممن يحملون ولو مثقال ذرة صغيرة من الوعي والبصيرة، على أساس أن دول تحالف العدوان باتت اليوم تلعب على المكشوف وباتت أهدافها من عدوانها على اليمن واضحة وجلية لكل ذي عقل، وأول هذه الأهداف الاحتلال والبسط على الأراضي اليمنية والسيطرة على ثروات اليمن والهيمنة على قراره وسيادته وصولا إلى التجويع وانتهاءً بتركيع الشعب كله بلا تمييز.

البعض مثلا تراه في الوقت الذي وصل فيه إلى ذروة سخطه وغضبه وإحباطه وعدم رضاه على الوضع السيئ الذي بات وبتنا جميعا نعيشه اليوم وبلا تمييز، إلا أنه مازال من أشد المؤيدين للعدوان الذي يعد السبب الوحيد فيما نعانيه، ليس هذا وحسب بل ويرمي بكل نتائجه وتبعاته على الحوثيين فقط، وذلك من منطلق النكاية بالحوثيين وبغضه الشديد لهم والنابع من قصر وعيه وإدراكه وضحالة إلمامه بالأحداث والوقائع وبأن هناك حدود حمراء للكراهية والبغضاء لا يجوز القفز عليها وتعديها، إذ كيف لأي إنسان عاقل أن يؤيد احتلالا وعدوانا على بلده وشعبه لمجرد أنه لا يحب فلانا!! ثم هل تأييده هذا نابع في الحقيقة من حبه وإخلاصه لوطنه وشعبه؟ أم نابع فقط من مشاعر البغض والكراهية الكامنة فيه، لشريحة واسعة من أبناء شعبه؟ وهل تعد الكراهية لشريحة مجتمعية ما معيارا لتدمير بلد بأكمله؟ مع أن الواقع يقول إن هذا العدوان لا يستهدف مكون أنصار الله فقط وإنما يستهدف الشعب اليمني بأكمله.

هنا تكمن الأزمة الحادة في تدني درجات الوعي لدى عقلية الكثير من المؤيدين للعدوان والتي أنتجتها التعبئة الإعلامية المضللة لتحالف العدوان، إذ أن نجاح العدوان في صنع أزمة وعي يعد أخطر أثرا وتأثيرا من صنع كل الأزمات التي مررنا وما زلنا نمر بها حتى اليوم.

نحن لو بحثنا عن الأسباب المشروعة لتنامي مشاعر البغض والكراهية لدى أولئك المؤيدين فلن نجد سببا منطقيا يبرر لنا تلك المشاعر أويكون كافيا للقناعة بمشروعيتها، ما عدا سبب منطقي واحد وهو سبب لا يبررها ولا يشرعنها، يتمثل في التعبئة المضللة التي يقابلها الوعي القاصر وسطحية التفكير التي خلفتها جملة من العوامل أحدها سياسات النظام السابق التي ساعدت عبر عشرات السنين على تغييب وطمس الوعي الكامل والنظيف كأساس لاستمراره، وإنتاج وعي قاصر وناقص بات اليوم يختزن في طياته الكثير من المبادئ المنحرفة والأكاذيب التحريضية والمضللة التي لا أساس لها من الصحة، كالتحرير والانقلاب والشرعية وغيرها، والتي دأب تحالف العدوان على توظيفها واستغلالها بالشكل الذي يخدم مصلحته وبالشكل الذي تتقبلها عقول أولئك نتيجة انعدام الوعي والإدراك بحقيقة ما يجري، الأمر الذي جعل الاحتلال في عقلية المؤيدين للعدوان تحريرا والثورة انقلابا واللا شرعية شرعية، بينما لو تجرد أولئك المؤيدون من ضغائنهم وتأملوا في تلك المصطلحات وأسقطوها على الواقع لوجدوا أن المعتدين هم المحتلون وليس المنتمون للأرض وهم مهندسو الانقلاب على الثورة والدولة ومخرجات الحوار وليس الثوار الذين التزموا بالاتفاقات التي وقعت فيما بينهم وبين بقية المكونات السياسية، وهم الذين أجهضوا الشرعية التي انتهت أصلا بعد بلوغها السن المحدد في مبادرتهم التآمرية.

وهنا أقول للمؤيدين للعدوان ومن يقاتلون معه، لقد كنتم على مدى ثلاثة أعوام ونيف تتطلعون للتحرر من قيود الوهم واليوم بات الإماراتي محتلا لمعظم موانئكم وجزركم التي لا يوجد في أغلبها أي أثر لمحتل وطني واحد، اليوم بات السعودي يخطط لمد أنابيب نفطه عبر أراضيكم دون رادع أو خجل، فما هي المنفعة التي جنيتموها لشعبكم من تأييدكم للعدوان على الوطن والشعب؟ هل كنتم من قبل عبيدا وتحررتم اليوم؟ هل نجحتم في فرض دولة مستقلة وقوية لاتخضع للوصاية؟ هل أصبحتم أصحاب قرار وسيادة؟

انتم برغم ما فعلتموه ستظلون إخوة لنا فهل حان الوقت لمراجعة وتصحيح حساباتكم؟ هل حان الوقت لتصحيح مسار مواقفكم؟ هل حان الوقت لأن تحرروا أنفسكم من الارتهان والتبعية للخارج؟ هل حان الوقت لتصفية نفوسكم من الكراهية والبغض للأخر الذي يستحيل عليكم إقصاؤه والاتجاه في مسار الشراكة دون تهميش أو إقصاء؟ هل حان الوقت لأن تستفيدوا وتتعظوا من دروس الماضي وتحسنوا نياتكم تجاه وطنكم المكلوم الذي لم يجن من وراء حماقاتكم إلا الدمار والخراب؟ هل حان الوقت لأن تكفوا أيديكم على الأقل عن المدافعين عنه وأن تتجهوا معهم للدفاع عنه جنبا إلى جنب إذا تبقت فيكم ولو ذرة من الوطنية؟ أنتم إن بقيتم على مواقفكم السلبية هذه فلن تربحوا شيئا ستخسرون الكثير وستكونون السبب الأكبر في ازدياد معاناتنا ومأسينا لأن سيئاتكم لن تكون وبالا عليكم فقط وإنما ستعم الجميع بلا استثناء.

عودوا لوعيكم والسلام.