من وأروع ما كتب عن الشهيد ابو قاصف.
بقلم الدكتور || مصباح الهمداني
حينما تقف على ضفاف الحرب اليمنية/العالمية لابد أن تتملكك الدهشة وتحيط بكل حواسك تضاريس الذهول…
ستتساءل ويحق لك السؤال..بل ألف سؤال وسؤال حول صمود شعب محاصر تحاربه 16 دولة ومعها أمريكا وإسرائيل وبريطانيا ..وتراه على وشك توديع السنة الرابعة وهو شكيم الإرادة، قوي العزيمة، صلب المجابهات، مندفع للمواجهات، مشمر للساحات، معطاء للجبهات…
لن أرهقك في سرد أسرار قوة الجيش واللجان ولن آخذ وقتك في الحديث عن خطط وخبرات وعلوم القائد…
لكني سأحدثك عن نموذج واحد لملايين النماذج، وقبل الحديث عنه، فلتسمح لي أن أذكرك أو آخذ بيدك إلى اليوتيوب وتشاهد بأم عينك كيف يقوم الجنود السعوديون بكسر أصابعهم أو بجرح أقدامهم لكي يهربوا من الجبهات ولا يعودوا إليها..
لكن رجال الرجال مختلفون جدا وفوق جدا ألف جدا؛ هل تتذكرون؛ عيسى علي (أبو قاصف) ذلك الفتى الذي واجه العشرات بالحجارة، وما إن اسشهد رفيقه حتى أخذ سلاح أحد المرتزقة القتلى وهزمهم وحده، وطردهم شر طردة،بعد أن قتل وجرح منهم الكثير.
لقد عاد بعد تلك الملحمة، عودة الأبطال، واستقبل استقبال الفاتحين، وحظي بلقاء رئيس اللجان الثورية، ثم رئيس الجمهورية، ومنح وسام الشجاعة، ورقى إلى ملازم أول…
لقد حمل الأوسمة والشهادات والرتبة العسكرية، ووضعها في بيتهم المتواضع، ولم يرض بهذه المنزلة التي وصل إليها ولم يرق له أنه أصبح مشهورا وتحفه الجماهير في كل مكان لتأخذ معه صورة أو تضع على يده قبله…
لقد ترك أبو قاصف كل هذا وحمل سلاحه الهدية الجديد مودعا والديه وأهله وأقاربه وانطلق ثانية إلى ساحات المجد الأبدي، والحضور الأسطوري، والبأس الإيماني، والميدان المحمدي، والتاريخ اليمني…
عاد عيسى صاحب البأس ليلقن الأعداء الأجناس؛
دروسا مفيدة وصورا جديدة لمعاني الدفاع عن الوطن، وحقائق أكيدة عن فداء العرض بالبدن…
وأخيرا نال عيسى ما تمنى، وحمل الوسام بيده اليمنى، لقد قذف في قلوب الأعداء الرعب والرصاص والقنابل والحجارة، ثم عانق الحلم بكل خلية في جسده…
لقد استشهد أبو قاصف أمام عدسة الإعلام الحربي مرات ومرات، ولكن التاج الإلهي والمنحة الربانية لم تتحقق بالمعنى الأكيد إلا في معركته الأخيرة والتي اختار مكانها وحدد زمانها ..
لترتقي روحه الطاهرة ملفوفة بأكاليل الإخلاص وعطور الصدق وديباج الإيمان..
رحم الله عيسى فقد سجل تاريخا لن ينسى..
وإلى القائد العلم ووالديه وأهله كل التحية والتقدير والاحترام..
فمن ربى أبا قاصف؛لن يصفه واصف.
وإلى الأعداء البلهاء الأغبياء الأذلاء السفهاء الجبناء:
قارنوا بين عيسى وألف ألف عيسى ، وبين الهاربين من جنودكم وستدركون سبب الإنتصارات في كل جبهة..وسترون بلا شك ولا ريب أن النصر اليماني قاب قوسين أو أدنى وأن كل يوم يمر تزدادون تدهورا وتمزقا وتشرذما وخيانة ويزداد رجال الرجال بأسا ونصرا وتمكينا وبسالة.