الخبر وما وراء الخبر

في تحقيق صحفي للمسيرة حول مقتل أحد أفراد حراسة جامعة صنعاء: خلايا مؤامرة الفوضى تغرس خنجر الغدر في جسد الشهيد المسوري

104

المسيرة: تحقيق: نوح جلاس

لطالما كشفت التضحياتُ الجسيمةُ التي بذلها شعبُنا عن قُبح ودناءة قوى العدوان، وما زالت دماءُ الأَحْــرَار تتفجّرُ؛ لتكشفَ الصورَ الحقيقية التي يحاول العدوانُ التعتيمَ عليها بالقناعات المخادعة، وهذه المرّة وباستخدام الاستمالات العاطفية الإنسانية، حاول العدوُّ تحقيقَ شيء من وراء حربه الاقتصادية؛ لتقدِّمَ الأجهزةُ الأمنيةُ شهيداً فضح دمُه مُخَطّطَ الأعداء وعكس الصورةَ الحقيقيةَ للجياع والمتعطشين لدماء الشعب اليمني.

وبعد أن حاولَ العدوّ بشتى السبل الممكنة احتلال البلد وعلى وجه الخصوص العاصمة صنعاءَ لإسقاط الدولة كاملة تحت قبضته، باءت جميع مساعيه بالفشل الذريع، ولعل آخر محاولة له كانت مطلع ديسمبر الماضي والتي كان مصيرها كما باقي المؤامرات هو الفشل.

العدوُّ منذ تلك الفترة وهو يخطّط داخلَ غرف العمليات لمؤامرات أُخْــرَى فكانت الحرب الناعمة وما اندرج تحتها من مشاريعَ ومسمياتٍ مثل: رياح السلام – ابتسامتي سلاحي – الرياح الباردة… إلخ.. هي الخيار الآخر ولكنها باءت بالفشل.

ومع اشتداد الحرب الاقتصادية التي يشنها العدوّ والتي تمثّلت في انهيار العُـملة وارتفاع الأسعار وانعدام المشتقات النفطية وغيرها من الجوانب التي فاقمت من معاناة المواطن، خطط العدوّ لإثارة زوبعة داخل العاصمة صنعاء يسعى من خلالها لإضعاف التماسك الداخلي، وخطط لتمريرها من تحت لافتات ما أسماه “ثورة الجياع”، والتي كانت فيها اليقظة الأمنية سيد الموقف.

هذه الثورة التي خطط لها العدوُّ وروج لها المقيمون في فنادق الرياض والقاهرة وأبو ظبي كانت على موعدٍ مع اليقظة الأمنية العالية للأجهزة الأمنية ووعي المواطن الذي بات يعرف كُـلّ ما يخطّط له العدوّ، حَيْــثُ توجهوا جميعاً إلى حَيْــثُ قررت خلايا العدوان في صنعاء تفجيرَ الوضع منها وبالتحديد في ميدان التحرير وساحة جامعة صنعاء.

الخروجُ الشعبيّ الثائر ضد التجويع والانتشار الأمني المصاحب له

في صباح السبت الماضي 6 أكتوبر، خرج أَحْــرَارُ اليمن لتنظيم وقفات احتجاجية تندّدُ باستمرار العدوان والحصار؛ تأكيداً على مواصَلة الصمود والاندفاع للجبهات للتصدي للعدوان وحربه الاقتصادية الظالمة، ومواصَلة الثورة ضد التجويع والاحتلال.

الخروجُ المشرِّفُ لأَحْــرَار الشعب اليمني في معظم أحياء العاصمة صنعاء رافقه انتشارٌ أمني بما يحول دون ترك أية ثغرة للعدوّ وأدواته في الداخل؛ لإشعال الفوضى في العاصمة والعبث بأمنها واستقرارها، لا سيما بعد أن وزّع الإعْــلَام الأمني تسجيلاً مصوراً لأحد أخطر المتورطين في التخابر مع العدوان، والذي أقرّ بوجود مُخَطّط كبير؛ لإشعال الفوضى في صنعاء من خلف يافطات “ثورة الجياع”.

جامعةُ صنعاء التي راهن عليها العدوّ لإطلاق شرارة الفوضى

أقيمت بساحة جامعة صنعاء، السبتَ الماضيَ، وقفةٌ احتجاجيةٌ طلابية وشعبيّة؛ للتنديد بالحرب الاقتصادية والرفض القاطع لسياسَات التجويع التي ينتهجُها تحالُفُ العدوان، في حين كانت أجهزة الأمن الخَاصَّـة بجامعة صنعاء قد نشرت أفرادها على داخل الجامعة وعلى البوابات الرئيسية لتنظيم دخول الطلاب المنتسبين للجامعة.

حراسةُ جامعة صنعاء أحكمت السيطرةَ على عملية الدخول للحَرَم الجامعي عن طريق إبراز الداخلين للبطاقة الجامعية أَوْ أية وثائق أُخْــرَى تُثبِتُ أحقية دخولَ الحرم الجامعي؛ للحَــدِّ من دخول خلايا العدوان والإضرار بمصلحة الطلاب، وهو إجراءٌ طبيعي تزامن مع الوقفات الاحتجاجية من جانب والدعوات التي أطلقها العدوان لإحداث فوضى بذريعة ما يسمى “ثورة الجياع”.

في المقابل كان هناك عددٌ كبيرٌ من الشرطة النسائية والمتطوّعات من أسر الشهداء لتنظيم دخول الطالبات بالشكل المماثل لدى الجانب الآخر.

خلايا مُخَطّط “ثورة الجياع” تقتل أحد أفراد حراسة جامعة صنعاء

وفي حين فشل أحدُ عناصر خلايا العدوان المتحَـرّكة تحت غطاء ثورة الجياع من اقتحام الحَرَم الجامعي؛ لتحقيق الغَرَضِ الذي جاء من أجله، أقدم على إخراج خنجر قاتل وغرسه في بطن أحد أفراد الحراسة الخَاصَّـة بجامعة صنعاء يدعى “سامي المسوري”، وحاول الفرار، إلا أن اليقظةَ الأمنيةَ كانت حاضرةً وتم إلقاء القبض عليه، فيما قامَ أفراد الحراسة بإسعاف المجني عليه إلى أحد مستشفيات أمانة العاصمة المحيطة بالجامعة والذي فارق الدنيا بعد ساعاتٍ من إسعافه.

ومع الاستنفار الأمني حاول البعضُ استغلالَ الوضع وحاول تصويرَ عمليات دخول الطلاب والطالبات لتوظيفها إعْــلَامياً بطريقة زائفة تغطّي على حقيقة غرض الانتشار الأمني، ولكن اليقظة الأمنية ما زالت حاضرةً، وتمت السيطرةُ على كُـلّ المحاولات الهادفة لتوظيف الوضع إعْــلَامياً؛ لتكونَ الحصيلة هي وجود عناصر من مختلف الجنسين جاءت لأداء غرض خطط له القابعون في عواصم دول العدوان.

إعْــلَامُ العدوان يستغلّ الحدث بعد فشله في تنفيذ الغرض

قوى العدوان كانت تراقِبُ الوضعَ عن كثب وكلُّها أملٌ في تحقيق شيء، إلا أنها جرت أذيالَ الخيبة على ظهرها بعد تفوّق اليقظة الأمنية لأَحْــرَار الشعب على الخلايا العدوانية التي جعلت من استمالة العاطفة عنواناً لتحَـرّكها؛ ليأتي الدورُ على وسائل الإعْــلَام وبقية الأبواق الأُخْــرَى لمحاولة تحقيق أي شيء ممّا تبقى من مُخَطّطهم الذي تحطّم على صخرة الأَحْــرَار والحرائر.

حيث أعلنت بعضُ وسائل الإعْــلَام التابعة للعدوان أن الأجهزةَ الأمنيةَ تعتدي على الطلاب والمدنيين وتقمعُهم، وزعمت أن المجني عليه “الشهيد المسوري” كان أحد عناصر ما أسمته “ثورة الجياع”.

أمن الجامعة: قاتلُ الشهيد المسوري ليس طالباً

قامت صحيفة المسيرة بالنزول إلى جامعة صنعاء والتقت أفرادَ الحراسة الخَاصَّـة ومسؤول الأمن بالجامعة؛ للحصول على معلومات تفصيلية حول مقتل زميلهم على أيدي أحد عناصر العدوان.

وفي تصريحاتٍ خَاصَّـةٍ، أكّــد مسؤولو الأمن في جامعة صنعاء أن القاتلَ لم يكن من المنتسبين للجامعة، لافتين إلى أن هناك خليةً كبيرةً تقفُ خلفه تتم متابعتها.

وفي الحديث عن تفاصيل الغدر بالشهيد المسوري، لفت زميل الشهيد، الجندي في الشرطة الراجلة الخَاصَّـة بتأمين جامعة صنعاء “طارق صوفان” في حديثه لصحيفة المسيرة أنه كان برفقة زميله “الشهيد سامي المسوري” يقومان بتمشيط أمني للحَرَم الجامعي وأثناء عودتهما إلى البوابة الرئيسية للجامعة تعرَّضَ “المسوري” لطعنة غادرة بخنجر “سمكي” على الجنب الأيمن من بطنه.

وأوضح “صوفان” أن زميلَه الشهيد وقع على الأرض متأثراً بالطعنة التي مزّقت الكلى اليُمنى، فيما تم القبضُ على الجاني بعد أمتار من موقع الحادثة محاولاً الهرب.

وواصل “صوفان” حديثَه للمسيرة: زميلي الشهيد نهض وقام ليركبَ على الدراجة النارية وهو ينادينا لنسفعه، فسارعنا لإسعافه على الدراجة النارية، وفور وصولنا إلى بوابة المستشفى نطق زميلُنا الشهادتين وفقد الوعي”.

فشل محاولات الأطباء: النزيف مستمرّ والطعنة قاتلة

وقال “طارق صوفان” بأنهم وفور وصولهم المستشفى أدخلوا زميلهم إلى غرفة العمليات، وسط نزيف متدفّق، متابعاً: طلب منا الأطباء أكثرَ من 14 قربة دم، إلا أن النزيفَ لم يتوقف رغم إجراء عملية جراحية لذلك، مشيراً إلى أن زميلهم كان يفقد الوعي بعد كُـلّ عملية انعاش.

وأضاف زملاءُ الشهيد أنهم استعانوا بمستشفى السبعين للحصول على قِرَب دم إضافية وصفائح، غير أن حالةَ زميلهم لم تشهد تحسُّناً، لافتين إلى أن الأطباءَ حاولوا بكل الطرق إيقافَ النزيف، إلّا أن الطعنة كانت قاتلةً بكل المقاييس؛ ليفارِقَ على إثرها الحياةَ في الساعة التاسعة من مساء ذات اليوم “السبت”.

أسرة المسوري: الشهيد كان مثالاً في الإخلاص والالتزام

تحدّث شقيقُ الشهيد “رضوان المسوري” لصحيفة المسيرة، مشيراً إلى أن أخاه سامي كان بمثابة الأب وكان السنَدَ للأسرة على الرغم من أنه الأصغر بين إخوته.

وأضاف أن الشهيدَ كان يحُثُّهم دوماً على فعل الخير والوقوف أمام مؤامرات الأعداء التي تحاكُ ضد الوطن، لافتين إلى أنه كان يقودُ عمليات تأمين للحي الذي يسكنونه، في كُـلّ المناسبات.

وعن تلقيهم نبأَ ما حدث لأخيهم أوضح “رضوان المسوري” أنهم فوجئوا بخبر إسعاف أخيهم، مبيناً أنهم لم يصدقوا خبرَ تعرُّضه لطعنة؛ وذلك لتعامله الحسن مع الناس وسلوكه الخلوق في أداء مهامه.

وأشار إلى أن نبأَ استشهاد أخيه كان موجعاً للغاية؛ كونه سند الأسرة، مؤكّداً أنه ورغم الضربة الموجعة التي تلقوها، إلا أنها لم تُثْنِهم عن مواصلة السير على دربه في الدفاع عن الدين والوطن.

نجل الشهيد: هل الدفاع عن الوطن ذنبُ أبي ليُقتل؟

وخلال لقاء صحيفة المسيرة بأسرة الشهيد، تحدث الابن الأكبر للشهيد “يوسف سامي المسوري” البالغ من العمر 11 عاماً والألم يعصرُ روحَه: “لماذا قتلوا أبي؟ هل لأنه يؤدّي واجبَه الوطني؟ أم لأنه منع عناصرَ العدوان من تنفيذ مُخَطّطهم الإجرامي؟”.

وأكّــد نجلُ الشهيد أنه سيقتص من قاتل أبيه وممن خطّط للمؤامرة التي كان فيها أبوه شجاعاً وقدّم روحَه رخيصةً في سبيل التصدي لها، محاولاً أخذَ السلاح من أحد أقاربه للذهاب لأخذ الثأر من القاتل، ليقفَ الجميعُ لمواساته وتهدئته.

زملاء الشهيد: استشهادُ سامي فخرٌ للأجهزة الأمنية وجانب من تضحياتها

أكّــد أفرادُ ومسؤولو جامعة صنعاءَ لصحيفة المسيرة أن الشهيدَ “سامي المسوري” كان مخلصاً لوطنه ومحباً لعمله الذي يخدُمُ من خلاله المواطنين، مشيرين إلى أنه كان يمثل نموذجاً لرجل الأمن الواعي والأمين والمحنك.

كما أكّــدوا أن استشهادَه يمثّلُ عزةً وكرامةً له وللأجهزة الأمنية، كما أنه خسارةٌ على الحرم الجامعي والجهاز الأمني.

الشهيد في سطور

هذا وحصلت صحيفة المسيرة خلال لقائها بالحرس الجامعي على معلومات خَاصَّـة عن الشهيد وهي على النحو التالي:

اسم الشهيد: سامي علي يحيى صالح المسوري – 34 عاماً.

من أبناء مديرية خولان الطيال – قرية “مسور” – يسكن في أمانة العاصمة صنعاء مع أسرته.

متزوج ولديه ثلاثة أطفال “يوسف 11 عَاماً – سُلاف 9 أعوام – أُسيد 3 أعوام”.

الرقم العسكريّ: 131146 – خريج مدرسة الشرطة الدفعة الثانية 2001.

الأعمال التي أوكلت إليه:

مساعد أمن الشرطة الراجلة – مساعد حركة الشرطة الراجلة – مساعد الدوريات الداخلية بجامعة صنعاء.

مكان الاستشهاد: تعرض لطعنة غادرة بجامعة صنعاء أدّت إلى استشهاده داخل مستشفى الكويت الجامعي بتأريخ 6/10/2018.

بطاقة القاتل

كما حصلت المسيرة على معلومات من الأجهزة الأمنية على القاتل وهي على النحو التالي:

الاسم: علي عبدالله صالح عاطف – 22 عاماً.

من أبناء خولان الطيال – يسكن في أمانة العاصمة – محتجز لدى الأجهزة الأمنية.

الإدانة: الاعتداء بخنجر قاتل على أحد أفراد حراسة جامعة صنعاء