ضغوط سعودية على تونس بشأن اليمن
أثار تحفظ تونس عن التصويت في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لصالح التمديد لعمل خبراء التحقيق الدوليين في اليمن موجة استياء عارمة خاصة وأن رئيس لجنة الخبراء هو التونسي كمال الجندوبي. إذ يبدو أن الأمر يتعلق بسابقة تاريخية تونسية وعالمية، إذ لم يحصل أن عرقلت دولة في السابق عمل لجنة يرأسها حامل لجنسيتها ومن المفروض أنه يعمل لتلميع صورتها.
وتعددت التأويلات بشأن سبب هذا السلوك الغريب من الديبلوماسية التونسية، فذهب البعض إلى تفسير الأمر بالفوضى الحاصلة في البلاد والتي جعلت القرار مشتتا بين عديد الجهات الفاعلة في المشهد التونسي. وفسر البعض الأمر بوجود هواة على رأس الديبلوماسية بعد أن باتت تعيينات الولاءات وترضيات المحاصصة هي الأساس في تونس، وبات معيار الكفاءة مستبعدا من عديد المواقع الهامة والحساسة.
ضغط سعودي
لعل الواضح والبين هو أن الحكومة التونسية استجابت لضغوط السعوديين الرافضين لوجود هذه اللجنة من الأساس بالرغم من عدم فعاليتها وعدم جديتها في إيقاف الجرح النازف في اليمن والإنتهاكات السعودية المستمرة لحقوق الإنسان في موطن بلقيس. فلا شيء يفسر حصول هذه السابقة الغريبة، أي الامتناع عن التصويت على التمديد لعمل لجنة يرأسها مواطن الدولة الممتنعة، سوى دخول السعودية على الخط مباشرة وضغطها على الحكومة التونسية.
ولعل الغريب في الأمر أن السعودية ليست سخية مع تونس بالقدر الذي يجعل التونسيين يرهنون قرارهم السيادي بسهولة ويتخلون عن ثوابت ديبلومسياتهم، التي ساندت على الدوام حركات التحرر والمضطهدين، إرضاء لها. فهي لا تقدم لتونس ما تقدم للمغرب ومصر على سبيل المثال وكذا لتركيا أردوغان التي نالت في السنوات الأخيرة من الهبات من الرياض ما يحل مشاكل تونس عن بكرة أبيها.
ثمن بخس
في هذا الإطار ترى الناشطة الحقوقية والسياسية التونسية آمنة الشابي في حديثها لموقع “العهد” الإخباري أنه “انتهى الزمن، الذي كان يطرد فيه الزعيم التونسي الراحل الحبيب بورقيبة أميرا سعوديا من بلاده لأنه أهان نادل مقهى تونسي وأساء معاملته”.
وتضيف الشابي قائلة “لقد تخلينا كدولة عن اليمن النازف الذي ينتظر من أشقائه الكثير لينهض ويعود إلى سيرته الأولى لكننا للأسف خذلناه وتخلينا عنه حين كان في أمس الحاجة إلينا. ولم نكتف بذلك بل تخلينا عن قرارنا السيادي وظهرنا إلى العالم بمظهر القوم التبع الذين لا يعرفون غير إطاعة الأوامر”.
العهد