الخبر وما وراء الخبر

خطاب الأستاذ فاضل الشرقي في ذكرى الثورة الرابعة: دلالات بحجم الثورة والوطن.

140

بقلم / فؤاد الجنيد

في الاحتفالية التي أحيتها ذمار بمناسبة الذكرى الرابعة لثورة الـ21 من سبتمبر المجيدة، كان لمشرف عام المحافظة الأستاذ فاضل الشرقي كلمة هامة حوت جملة من الخطوط العريضة التي تستدعي التوقف عندها، كون الرجل من تلاميذ الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي، وواحد ممن وضعوا اللبنات الأولى للمسيرة القرآنية، وقبل هذا وذاك هو رفيق درب الرئيس الشهيد صالح الصماد في كل المراحل والظروف التي انتهت بإنتخابه رئيساً للبلاد، وأيضاً درب الأستاذ مهدي المشاط الرئيس الحالي الذي رغم انشغاله بعمله ومسئولياته؛ إلا أن اتصاله دائم ومباشر بالأستاذ الشرقي وكل ما يدور في المحافظة، وبالتالي فإن كل ما يقوله مشرف عام المحافظة سواء في المناسبات أو غيرها ليست مجرد خطابات تقتضيها الحاجة الآنية حسب طبيعة المناسبة أو حيثيات الحدث، بل هي محددات ومؤشرات لسياسة متكاملة تنتهجها قيادة أنصار الله في قيادة وإدارة البلاد، بما في ذلك السياسات الخارجية والمواقف الرسمية التي تحمل صفة البلاد سلماً وحرباً، وهو ما يجعلنا ندقق في محتوى الخطاب وفحواه، والغوص في اغواره على ضوء اسقاط مفرداته سياسياً وعسكرياً، ومن خلال ذلك نستشف ملامح الواقع والقادم في معركة التحرير ودحر قوى العدوان وادواتها على كل المستويات.
لا ينكر أحد أن هذا العدوان الغاشم لم يكن ليأتي لو لم تولد ثورة الـ21 من سبتمبر وتجتث ازلامه وعملائه وتقذفهم إلى مزبلة التأريخ، وهو ما يدعو للتساؤل: هل كانت هذه الثورة تدرك ذلك، وهل حسبت الحسابات واعدت العدة لتطورات ما بعد الثورة لاسيما في المجال العسكري، وفي خطاب الأستاذ الشرقي نجد اجابات ضمنية لهذا التساؤل في قوله: “أن ثورة الـ21 من سبتمبر هي التي جاءت لتصحيح مسار كل الثورات وهي الوحيدة التي لم تتلقَ اي دعم خارجي، وخرج فيها الناس جائعين وحفاة”، مضيفاً: “لقد كان دعم الثورة من الشعب ومخزونها من الأحرار في هذا البلد”.
هنا يتجلى إيمان الشرقي وهو إيمان كل قيادات الثورة وكل الأحرار، أن إي ثورة حقيقية تولد من رحم الشعب للتحرر من الإستبداد والوصاية لن يكن لها أدنى دعم خارجي من بلدان الوصاية التي ترى مصيرها في هذا الزخم الثوري، وأن هذه البلدان مثلما فقدت سلطتها وسيطرتها على القرار السياسي الداخلي لن تسكت عن ذلك، وستفتعل ألف طريقة وذريعة للإنتقام من هذه الثورة وستحاول طمسها وفرملة منجزاتها وتشويه مخرجاتها، ما يعني أن الثورة محمية برجالها، وأنها قد أعدت لمثل هذه الإحتمالات التي ستواجهها بعد نجاحها.
وعن أركان هذه الثورة ومداميكها يقول الشرقي: “عند بداية انطلاقة ثورة الـ21 من سبتمبر كانت مكتملة الأركان، ويرجع سبب ذلك إلى وجود قيادة وحضور شعبي وقبلي وسياسي ومنظمات مجتمع مدني”. من هنا يؤكد لنا “الشرقي” تلميحاً وتصريحاً أن الحضور الشعبي والمجتمعي والقبلي الذي نشهد نفيره في صد العدوان ماهو إلا امتداد طبيعي لتلك الحاضنة الثورية التي التفت حول الثورة عن إيمان وقناعة وحاجة للخروج مما كانت عليه البلاد من اعوجاج في المسارين السياسي والاقتصادي، وهو ما يؤكده الأستاذ الشرقي عندما قال: “ان الثورة جاءت في وقت كانت اليمن في أشد الحاجة إليها، ومرت بعدة مراحل منها التصعيد ضد حكومة الإنقاذ الوطني، مشيراً إلى استمرارية الفعل الثوري حتى “دحر الغزاة والمحتلين” وجازماً أن “مواجهة العدوان مستمرة طالما أستمر هذا العدوان”.
وفي سياق حديثه عن محافظة ذمار وأبنائها الأحرار الذين كانوا في مقدمة الصفوف سواء في الجبهات أو الساحات، نجد ربطاً مباشراً بين الثورة والجبهة، ففي مستهل خطابه كان شكره للحضور شكراً يحمل أبعاداً مختلفة، فهو يرى أن الظروف الإقتصادية والأزمة المالية التي يفتعلها العدوان قد فشلت فشلاً ذريعاً في تثبيط الأحرار والنيل من ثبات المجاهدين، ويرى في حضورهم الكبير والمهيب صفعة قوية للعدوان ومرتزقته الذين راهنوا على تلاشي حاضنة الثورة ومخرجاتها، وبالعودة إلى الربط المباشر بين الثورة والجبهة فإننا نجده في قوله: “إن من ملأوا الساحات وصنعوا الثورة، وملأوا الجبهات بالمقاتلين وصنعوا الإنتصار، ليسو بعاجزين على أن يملأوا قاعة واسعة أو ميدان رحيب”، وفي هذا الحديث ما يؤكد أن الثورة والجبهة نسختان لروح واحدة، وأن أعداء الثورة بالأمس هم أنفسهم أعداء الوطن اليوم، ومن صنعوا الثورة بالأمس هم من يدافعون عن الوطن اليوم ويقدمون أرواحهم رخيصة في سبيل الدين والحرية والاستقلال.