الأزمة الإنسانية في اليمن الى تفاقم.. والأمم المتحدة تواصل تعداد الضحايا
اسماعيل المحاقري
نحو مزيد من التأزيم والتعقيد تتجه الأوضاع الاقتصادية في اليمن عموماً ومحافظة الحديدة على وجه الخصوص في ظل إصرار تحالف العدوان بقطبيه السعودي ـ الإماراتي وبغطاء وإيعاز أمريكي على التصعيد العسكري في الساحل الغربي في محاولة يائسة لقطع شريان الحياة المتبقي لملايين اليمنيين الرافضين للوصاية والتبعية الخارجية.
ومع تعثر الحملات العسكرية في هذا المحور لجأ تحالف العدوان إلى تشديد الحصار وتضييق الخناق على ميناء الحديدة إمعانا في قتل وتجويع الشعب اليمني اذ أكدت مصادر في الميناء أن بوارج العدوان احتجزت قبل أيام سفينة محملة بالمشتقات النفطية وعرقلت وصول ثلاث أخريات بعد أن أوقفتها في جيبوتي ومنعتها من المغادرة بالرغم من إكمالها اجراءات الأمم المتحدة وأخذ التصريحات اللازمة للعبور.
وفي المعاناة لا فرق بين المحافظات اليمنية شمالا وجنوبا، فالحرب الاقتصادية القذرة التي يمارسها العدوان، تدخل مرحلة جديدة وتمثل نقطة تحول سيكون من المستحيل منع وقوع خسائر كبيرة في الأرواح نتيجة انتشار المجاعة في جميع أنحاء البلاد بحسب توصيف وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة “مارك لوكوك” في إحاطته التي قدمها قبل أيام إلى مجلس اليمن بشأن الأزمة الإنسانية القاتمة في اليمن والتي تعد الأسوأ في العالم بشهادته وشهادة آخرين من المسؤولين الأمميين. وإضافة إلى ما حصره من أضرار وقدمه من أرقام وإحصائيات إلى مجلس الأمن تشير إلى أن غالبية الشعب اليمني يعانون من الانعدام الشديد للأمن الغذائي، أوضح “لوكوك” أن الواردات التجارية إلى ميناء الحديدة لم تسترد بعد عافيتها بعد الإغلاق الذي فرضه التحالف في نوفمبر الماضي، وهو ما فاقم من المعاناة الإنسانية وشكل إلى جانب التصعيد العسكري حول الحديدة تهديدا حقيقيا لعمليات الإغاثة كونه يخنق شريان الحياة الذي تعتمد عليه هذه العمليات والأسواق التجارية.
ومن دون أي استجابات عملية للحد من تدهور الأوضاع في اليمن لا تكاد تنقطع مواقف وتحذيرات الامم المتحدة من كارثة إنسانية وشيكة ليس آخرها تصريحات منسقة الشؤون الإنسانية “ليزا غراندي” في فعالية انعقدت بمكتب الأمم المتحدة عشية بدء المداولات العامة للدورة الثالثة والسبعين للجمعية العامة إذ أكدت أن ثلاثة أرباع السكان في اليمن و 80% من الأطفال يحتاجون إلى الحماية والمساعدة محذرة في الوقت ذاته من تراجع قيمة العملة اليمنية واحتمال أن يبلغ سعر الدولار الواحد ألف ريال يمني اذا استمرت الاتجاهات الحالية، وهو ما قد يجعل من 12 مليون مواطن يواجهون خطر التضور جوعا. كما دعت إلى فتح المطارات وإيجاد جسر طبي وإنساني لإنقاذ المرضى والتخفيف من المعاناة.
وتتمحور الأسباب الحقيقية خلف هذه الأزمة الآخذة في التصاعد حول العدوان وإجراءاته العبثية وعملياته العسكرية المستمرة منذ ما يقارب أربعة أعوام وحول حصاره الجائر وسيطرة الإمارات والسعودية على الموانئ والمنافذ البرية والبحرية.
ودون أدنى اعتبارات إنسانية أو أخلاقية وتجاهلا لكل الدعوات المطالبة بتحييد الاقتصاد، لا تكاد نيران الاشتباكات في خطوط النار بالساحل الغربي تهدأ إلا وتشكل طائرات العدوان بأنواعها المختلفة مظلة تجسسية لرصد حركة الناس وقتلهم وضرب مساكنهم وطرقهم تقطيعا للأوصال ومحاولة لعزل مدينة الحديدة عن باقي المدن اليمنية.
ومن لم يمت من المدنيين النازحين في كثير من الأحيان بالغارات والقصف المدفعي، قتل باستهداف صوامع الغلال ومطاحن البحر الأحمر وكل مقومات الحياة، التي باتت تشكل هدفا مشروعا لمرتزق عميل يحرض، وغازٍ يعتقد أن ذلك كفيل بتهجير الناس وإخضاعهم في مخالفة وتحد صارخ للقوانين والأعراف الدولية والإنسانية.
وأبعد من ذلك وأنكى، التهديد الضمني لدول العدوان بتشديد الحصار على اليمنيين ومضاعفة المأساة الإنسانية القائمة كورقة ضغط في إطار محاولتها احتلال مدينة الحديدة بإقرار وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، بارتباط الأزمة الإنسانية القائمة في اليمن بالأهداف التي يريد التحالف تحقيقها حيث قال “حقائق نكررها لأن البعد الإنساني للأزمة مرتبط بمعالجة الجانب السياسي”.
وخارج السرب تغرد حكومة الفار هادي، حبيسة الفساد والارتهان إذ انكر وزير خارجيتها المدعو خالد اليماني وجود أزمة إنسانية في اليمن متجاهلاً تقارير المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة مهاجما لها.
وقال اليماني في مداخلة لقناة “سكاي نيوز” التي تبث من الإمارات إن استخدام ورقة الجانب الإنساني في اليمن هو للابتزاز والتهويل وليس التعاطي مع حقيقة على الأرض.
ويدرك المجتمع الدولي كما الأمم المتحدة أن الخروج من الازمة الانسانية والاقتصادية في اليمن، يتطلب ايقاف العدوان ورفع الحصار الجائر وكبح جماح دول تمارس حرب إبادة جماعية من دون أن تستثني أحدا.
وباعتبار التصعيد الاقتصادي ورقة العدوان الأخيرة لتركيع وإخضاع الشعب اليمني فإنه ثمة تدابير وصفها رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط بالمزعجة سيتم اتخاذها من باب المسؤولية الأخلاقية في حال استمرار قوى العدوان في سياستها التجويعية، وعليها أن تتحمل تبعاتها، ولا عدوان إلا على الظالمين.