الخبر وما وراء الخبر

المستضعَـفون هم المنتصِرون…

107

بقلم/ عدنان الجنيد


إنَّ مَــن يستقرئُ آياتِ القرآنِ الكريم لَــسوف يجدُ بأن المستضعفين لهم الظهورُ في نهاية أمرهم، وأنَّ عاقبةَ صبرهم النصرُ على أعدائهم من المجرمين والظالمين الذين قاموا بظلمهم واستبدادهم.. وحتى تأريخُ الأمم السابقة واللاحقة نجدُ فيه بأن المستضعفين هم المنتصرون حتى وإن تأخر نصرهم..

وأقصد بالمستضعفين هم: أتباعُ الحق في كُلّ زمان ومكان الذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً، بل يطالبون بإنهاء الظلم والفساد ونشر العدل، ليحلَّ الأمن والأمان لكل شعوب الأرض، ولعدم وجود وسائل القوة التي تمكّنهم من تحقيق الأهداف التي يسعون إلى تحقيقها نجدهم يتعرّضون لأنواع الاستبداد والاضطهاد من قبل الحكومات المتسلطة والدول المتجبرة، إلا أن بنهايةِ صبرهم وكفاحهم يكونُ النصر حليفاً لهم، وذلك بتأييد الله لهم.

هؤلاء هم المستضعفون، سواءٌ أكانوا أتباعَ الأنبياء والرسل أو أتباعَ دُعاة الحق والحرية أو أتباع الفلاسفة والحكماء أو أصحاب قضية عادلة أو مشروع إنساني يخدُمُ الإنسانية وينشلها من أوحال الصفات الشهوانية والحيوانية.. بل وأية طائفة مضطهدة من قبل الظالمين بدون أي ذنب اقترفته فهي طائفة مستضعفة والعاقبة ستكون لها. ولقد ذكر الله تعالى طائفةَ بني إسرائيل وكيف تم اضطهادُها واستضعافها من قبل الطاغية فرعون قال تعالى (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ)، فهذا الظالم الطاغي في كُلّ زمن يعلو بفساده ويتجبّرُ باضطهاده ويقوم بتفريق شعبه بنشر الطائفية والمناطقية حتى يتم التقاتُلُ فيما بينهم ومن ثم تضعف قوتهم فلا يستطيعون القيام بأي عمل ضده، بل وبعض الطغاة يزيد في جرمه وفساده فيقوم بتذبيح أبناء شعبه عن طريق الدواعش ويقوم باستبقاء النساء للخدمة ولنكاح المجاهدة.. لكن الله تعالى يمكن بالنصر للطائفة المستضعفة كما حدث لبني إسرائيل فقد أظفرهم الله بالنصر على فرعون في نهاية الأمر وكذلك جميع الطوائف المستضعفة كان لهم الفوز والظفر كما قال تعالى (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ. وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ). وكذلك إذا ما استقرأنا سيرة نبينا سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم من بداية بعثته إلى أن لحق بالرفيق الأعلى نجد بأن أتباعه من المسلمين كانوا في بداية البعثة قلَّةً قليلة مستضعفة، وقد واجهوا من قريش أصناف العذاب، ولكن الله تعالى مَنَّ عليهم بالنصر والظفر بعد الهجرة النبوية ومكن لهم الأرض قال تعالى (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ). وهكذا نجد حركة أنصار الله كانت في بداية أمرها قلة قليلة يخافون أن يتخطفهم الناس؛ لأن الناس كانوا جميعاً ضدهم، بل وتكالب عليهم الداخل والخارج وضربوا أرضهم وقصفوا بيوتهم، والكل يعلم ما جرى لهم في الحروب الست الظالمة.. ومع كُلّ ذلك أيّدهم الله، فانتصروا ورزقهم من الطيبات بما غنموه من الأسلحة السعودية والأمريكية.

وانتشرت سيرتهم القرآنية بفضل صدقهم وعقائدهم الإيمانية وأصبح الشعب اليمني كله مع أنصار الله.. حيث قام هذا الشعبُ بجميع فئاته وأطيافه بثورة عظيمة هي ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر 2014م، هذه الثورة التي أيقظت مضاجع الظالمين وأزعجت نفوس المستكبرين. وما يحدث الآن من هذا القصف السعوأمريكي على بلادنا الجمهورية اليمنية إلا بسبب نجاح هذه الثورة المباركة.. إن هذا الشعبَ المستضعف الذي تكالبت لضربه أمريكا وإسرائيلُ وحلفاؤهم السعودية وبعض الدول العربية مع مرتزقتهم في الداخل ومع تأييد دول العالم، ها هو ينتصر ولو لم يكن إلا صموده الأسطوري أمام العدوان الغاشم لكان كافياً في انتصاره، فكيف وجيشه الباسل واللجان الشعبية المساندة له قد حقّق أروع الملاحم وأعظم الانتصارات التي أذهلت دول العالم، سواء في الجبهات الحدودية والسيطرة على بعض المناطق في العمق السعودي أو الجبهات الداخلية، وتطهير واسترداد الكثير من المناطق التي كانت تحت سيطرة الدواعش، ناهيك عن تدمير بوارج وزوارق العدوان؟!. هناك تدخُّلاتٌ إلهيةٌ وتأييداتٌ ربانية حدثت للجيش اليمني وشعبه العظيم؛ بسبب صدق الشعب وإخلاص المجاهدين قال تعالى (كم من فئةٍ قليلةٍ غلبت فئةً كثيرةً بإذن الله).