عرقلة الوفد الوطني وغباء تحالف العدوان
بقلم/ محمد المنصور
تحالف العدوان السعودي الأمريكي لا يريد السلام العادل والمشرف كنهاية للأزمة اليمنية التي افتعلها وأدواته منذ ثورة 2011م، فالتصعيد العسكري في مختلف الجبهات وفي مقدمتها جبهة الساحل الذي سبق موعد إعلان مشاورات جنيف مؤشر قوي على حقيقة العدوان وتوجهاته.
تأزيم الوضع الاقتصادي والمعيشي وضرب العملة الوطنية من قبل تحالف العدوان ومرتزقته كان من مقدمات مشاورات جنيف في محاولة لابتزاز الوفد الوطني المفاوض والضغط عليه.
عرقلة توجه الوفد الوطني لمشاورات جنيف من قبل تحالف العدوان ورفضه قيام طائرة عمانية بنقل الجرحى والوفد الوطني المفاوض ، وعدم منح الوفد ضمانات بالعودة الى صنعاء مؤشر آخر إلى سوء نوايا السعودية ودول تحالف العدوان إزاء الوفد الوطني الذي تعرض سابقا للعرقلة والمنع من العودة عقب مشاورات الكويت وغيرها، وهو ما تنبه له الوفد الوطني هذه المرة مما أربك خطة العدوان المبيتة لإهانة الوفد الوطني وربما تعريض حياتهم للخطر كما أشيع إعلاميا خلال اليومين الماضيين.
إصرار الوفد الوطني على مطالبه المحقة كان امتحانا لقدرة المبعوث الأممي على الإيفاء بتلك المطالب والضمانات البسيطة وهو ما يبدو ان المبعوث الأممي جريفيت قد فشل فيه . موقف الوفد الوطني لفت أنظار العالم إلى قضية الحصار الظالم غير المبرر وغير المشروع على اليمن الذي يعد بحسب تقارير الامم المتحدة جريمة حرب.
الوفد الوطني المفاوض ينطلق من حقيقة الصمود الشعبي اليمني القوي بوجه العدوان، الرافض تقديم أي تنازلات للعدوان تخل بثوابت الحرية والكرامة واستقلال القرار الوطني.
من ناحية أخرى فإن إصرار السعودية والتحالف على مواقفه العدائية ضد الوفد الوطني قد انعكست سلبا على مهمة المبعوث الأممي وعلى المشاورات المتوقعة ذاتها.
قوى تحالف العدوان ولا شك أظهرت سوء نواياها للأمم المتحدة والوفد الوطني وحاولت قلب الحقائق واستثمار عرقلة الوفد الوطني لإطلاق حملة تضليل سياسية وإعلامية مفادها رفض الوفد الوطني المفاوض السفر إلى جنيف والزعم بأنه يسعى لإفشال المشاورات في حين أن العكس هو الصحيح.
في الحقيقة أن الخاسر من عرقلة الوفد الوطني هو تحالف العدوان السعودي الأمريكي الإماراتي لماذا ؟
لأنه وببساطة أظهر نفسه بمظهر العصابات الخارجة على القانون التي تمارس أعمال القرصنة والإرهاب والحصار بحق دولة ذات سيادة.
حسنا ظهر التحالف في المشهد كطرف يسيطر على أجواء اليمن وموانئه ومطاراته دون مشروعية مطلقا ، وبمنعه الوفد الوطني المفاوض من المغادرة رغم التنسيق المسبق مع الأمم المتحدة برهن التحالف انه يضرب بالأمم المتحدة عرض الحائط.
أرادت السعودية ومرتزقتها أن يستثمروا مشاورات جنيف سياسيا وإعلاميا وإنسانيا جنيف لمجرد انعقادها لكن وبدون مشاركة الوفد الوطني فلا إمكانية لاستثمار الحدث ، فوفد ما يسمى بالشرعية لا يمكن أن يؤدي دوره التمثيلي في المشهد بدون وفد صنعاء .
مشاورات جنيف تأتي كحاجة ملحة لما يسمى المجتمع الدولي ودول تحالف العدوان للتخفف من اعباء الأزمة الإنسانية في اليمن وما أدى إليه العدوان السعودي الأمريكي الإماراتي التحالفي المجرم من كوارث وتبعات على الشعب اليمني والأطفال والنساء والمرضى إلخ.
تقرير لجنة خبراء مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة – وما سبقته من تقارير إنسانية -أظهر جانبا من بشاعة وإجرامية العدوان على اليمن الذي ترتكبه السعودية والإمارات والدول التي تمدهم بالسلاح والدعم وفي مقدمتها أمريكا.
أشار التقرير إلى قادة السعودية والإمارات بوصفهم مرتكبي جرائم حرب يجب محاسبتهم وللمرة الأولى، وأثار اهتماما إعلاميا وحقوقيا هاما وتفاعلا لا يزال مستمرا .
كانت المشاورات في جنيف بالتالي فرصة لتسويق مزاعم تحالف الشر والعدوان السعودي الأمريكي بأنه ليس طرفا في المشكلة اليمنية وبأن المشكلة داخليه في الأساس ، وبأنه حريص على السلام الخ .
مشاورات جنيف هي كذلك فرصة لإعادة إنتاج ما يسمى الشرعية أمام العالم برغم انها تفسخت وتلاشت في الواقع الشعبي وأصبحت مرفوضة في كل المناطق التي يزعمونها محررة ولم تعد تمثل سوى مجموعة اللصوص والخونة وعملاء السعودية والإمارات.
من جهة أخرى فإن مجرد انعقاد مشاورات جنيف هي بمثابة مؤشر نجاح لجهود المبعوث الأممي جريفيت الذي فشل حتى الآن في وضع الأزمة اليمنية في المسار السياسي الصحيح وما يزال يدور في فلك الرؤية السعودية الأمريكية للأزمة اليمنية واعتبارها صراعا داخليا بين ما يسمى بالشرعية والمتمردين، وبالتالي فإن العدوان السعودي الأمريكي التحالفي والحصار هو نتيجة للأزمة وليس السبب الرئيسي فيها.
كل المؤشرات التي تسبق مشاورات جنيف لا توحي بنجاحها وبالتالي فإن عرقلة العدوان السعودي الأمريكي التحالفي لسفر الوفد الوطني هو تحصيل حاصل لواقع دولي واقليمي مختل لصالح قوى الهيمنة الاستعمارية الأمريكية البريطانية وأدواتها السعودية الاماراتية، وقدر الشعب اليمني العظيم اليوم أن يواصل التصدي للنظام الدولي المختل لصالح قوى العدوان وان يجعل من صموده مثلا وانموذجا للشعوب التي تبحث عن الحرية والعدالة والاستقلال.