الخبر وما وراء الخبر

أبعاد استراتيجية كبيرة لاستهداف ” صماد2″ شركة أرامكو

61

قال خبراء اقتصاديون ومتابعون للحرب العدوانية التي تشنها السعودية ودول التحالف على اليمن إن استهداف مواقع اقتصادية استراتيجية داخل العاصمة الرياض أو حتى خارجها، يضع أغلب المستشارين والمهندسين والفنيين الأجانب، والعاملين حكما في إدارة وتشغيل تلك المواقع في دائرة الخطر شبه الأكيد، الأمر الذي لن ترتاح له حكوماتهم، والتي سوف تضغط، إمّا لسحبهم وما لذلك من تأثير سلبي عميق على منظومة النفط والمال في المملكة، أو تجنيبهم تلك الأخطار بممارسة ضغوط دبلوماسية ودولية على قيادة المملكة لوقف الحرب أو للسير بالمفاوضات وبالتسويات السلمية والسياسية.

وبحسب الخبراء والمتابعين فإن استهداف تلك المواقع الاستراتيجية مثل شركة «ارامكو» أو غيرها، سوف يخلق توترا في منظومة الإدارة والعمل والإنتاج حكما، الأمر الذي سوف يخفّض منسوب إنتاج منشآت صناعة النفط وتصديره، وهذا لا يمكن أن تهضمه الشركات العالمية المتعاقدة مع ارامكو أو مع غيرها، لأسباب تتعلق بتوازن السوق وعجلة الإنتاج والتجارة، وحيث أن لهذه الشركات تأثيراً قوياً على حكوماتها ، سوف تضغط الأخيرة لوقف الحرب ولإبعاد خطر انخفاض منسوب أعمال شركاتها وأسواقها بشكل عام.

نتائج “صماد 2”

هذا يأتي في سياق البعد الإستراتيجي لاستهداف شركة «ارامكو» في الرياض بصاروخ موجه أطلقته صماد 2، والذي ربما يتجاوز ما ذُكر أعلاه تحت هذا العنوان، ما حققه الجيش واللجان الشعبية اليمنية من نتيجة لافتة وصادمة، في تطوير سلاح استراتيجي، يأتي من ضمن اختصاص وقدرات دول كبرى قادرة ومتمكنة، وليس من اختصاص دولة فقيرة محاصرة، تتعرض لحرب واسعة ومدمرة، مثل اليمن الجريح .

وأفادت صحيفة “وول ستريت جورنال”عن توقف المملكة العربية السعودية عن طرح أسهم شركة النفط الحكومية السعودية “أرامكو” للاكتتاب العام، معتبرة أن ذلك قد يخيب آمال المستثمرين الدوليين، ويثير شكوكاً حول نجاعة خطط ولي العهد محمد بن سلمان آل سعود لتعزيز اقتصاد بلاده.

ومشروع الاكتتاب، الذي يعتبر جوهر الخطط الاقتصادية الحكومية للابتعاد عن النفط “رؤية 2030م”، أثار شكوك المسؤولين الحكوميين والأشخاص المقربين من العملية حول إمكانية المضي قدماً في المشروع، بحسب الصحيفة الأمريكية.

وأضافت وول ستريت جورنال إن من المفترض أن يكون طرح أسهم “أرامكو” للاكتتاب العام حجر الزاوية في خطة المملكة نحو تقليل اعتماد اقتصادها على النفط.

وبموجب ما كان مخططاً سينجم عن الاكتتاب “أكبر شركة مدرجة في أسواق المال العالمية”، وهي فرصة تتطلع إليها أكبر الشركات المالية في “وول ستريت”. غير أن الشكوك تبلورت في الأشهر الأخيرة، وذلك بعد عامين من العمل على إعداد عملاق النفط لأول اكتتاب في تاريخها.

تأجيل اكتتاب

ويقول مسؤولون سعوديون وأشخاص مطلعون على العملية إن الشركة والبلاد غير مستعدتين ببساطة للاكتتاب العام، الذي قد يقدر بـ100 مليار دولار، ولكنه سيجر وراءه تدقيقاً غير مسبوق إلى جوهرة التاج الاقتصادي في المملكة، وفق الصحيفة.

وتعقيباً على الاكتتاب العام، قال أحد كبار التنفيذيين في شركة أرامكو: “الكل على يقين تماماً أنه لن يحدث”، في حين رفض متحدث باسم “أرامكو” التعليق، كما لم يرد ممثلو وزارة الطاقة السعودية والحكومة على أسئلة الصحيفة الأمريكية.

وأول من اقترح موضوع طرح أسهم العملاق السعودي للاكتتاب هو ولي العهد محمد بن سلمان في يناير 2016م، على أن الاكتتاب كان مقرراِ العام الماضي، لكن المشروع تأجل مرات عدة.

وبحسب الصحيفة، يقول مسؤولون سعوديون إنهم توصلوا إلى نتيجة مفادها أن الإدراج في بورصة كبيرة مثل نيويورك، أو لندن أو هونغ كونغ، قد ينطوي على الكثير من المخاطر القانونية؛ ممَّا يعرّض “أرامكو” إلى قضايا قانونية أمام المساهمين.

وقال المسؤولون إن الشركة تراجعت أيضاً عن الاهتمام بخطة احتياطية، لإدراج جزء صغير فقط من أسهم الشركة في سوق الأوراق المالية السعودية (تداول).

ويحاول المسؤولون السعوديون، وفق الصحيفة الأمريكية، الحصول على تقييم بقيمة تريليوني دولار لشركة أرامكو، ومن شأن هذا الإدراج الصغير أن يطغى على “تداول”، التي تبلغ قيمتها السوقية نحو 523 مليار دولار.

وأشارت “وول ستريت جورنال” إلى أن القرار كله بيد بن سلمان، مضيفة أنه لا يزال بإمكانه المضي قدماً في الاكتتاب العام، إذ يمثل طرح نحو 5 % من “أرامكو” ركيزة أساسية في رؤيته “لمملكة أكثر حداثة موجهة نحو اقتصاد السوق”، ممَّا يوفر تدفق رأس المال إلى السعوديين للاستثمار في القطاعات غير النفطية.

ورغم خبرتهم السابقة في حروب اليمن “الفاشلة”، لم يتوقع المسؤولون العسكريون والسياسيون في السعودية أن يتحول التدخل إلى ورطة كبرى تكلفهم الكثير على الصعيد العسكري والاقتصادي، واستنزافاً مستمراً، لا سيما مع إصرار الجيش اليمني واللجان الشعبية على إثبات طول نفسهم.

استنزاف متصاعد

وتختلف التقديرات بشأن الخسائر السعودية جراء الحرب العدوانية على اليمن التي دخلت عامها الرابع دون أفق واضح للحسم العسكري، لكن معظم الأرقام والتقديرات تؤكد انعكاساتها السلبية الكبيرة على الاقتصاد السعودي، وبالتالي على الوضع الاجتماعي والسياسي.

وزاد الجيش اليمني واللجان الشعبية من الضغوط مع نقل المعارك إلى الداخل السعودي عبر اختراقهم الحدود الجنوبية في المملكة في جازان وعسير ونجران وهجماتهم المتكررة التي تحولت إلى نزيف مستمر للقوات السعودية على الصعيد البشري والمادي، أو تركيزهم على استهداف مواقع استراتيجية سعودية بالصواريخ البالستية ة واخيرا ادخال منظومة الطيران المسير الى عمق المعركة والى العمق السعودي والإماراتي.

وتضطر المملكة لتجديد ترسانتها من الصواريخ الاعتراضية أو تغييرها بمبالغ طائلة، وقد اتفقت مؤخرا على شراء صواريخ “اس 400” من روسيا ومنظومة “ثاد” من الولايات المتحدة. كما أن صواريخ الباتريوت المنشورة على نطاق واسع بمواقع عديدة من المملكة تكلف عمليات صيانتها مئات الملايين من الدولارات.

وتشير تقارير سعودية إلى أن تكاليف الطائرات المشاركة بالحرب تصل إلى نحو 230 مليون دولار شهريا، تشمل التشغيل والذخائر والصيانة أي أكثر من ثمانية مليارات دولار في ثلاث سنوات.

وفي مارس الماضي، اعلن تحالف العدوان بقيادة السعودية أن عدد الطلعات الجوية التي نفذها طيرانه في اليمن بلغت أكثر من 90 ألفا، وبالتالي تكون تكاليف الضربات الجوية قد بلغت خلال عامين ما بين سبعة مليارات وتسعة مليارات، إذ تترواح كلفة الطلعة بين 84 ألفا و104 آلاف دولار، وهي كلفة الطلعة بمقاييس القوات الجوية الأمريكية.

وتشير فورين بوليسي إلى أن نفقات قمرين اصطناعيين للأغراض العسكرية بلغت 1.8 مليار دولار في الأشهر الستة الأولى للحرب، بينما تبلغ تكلفة ايجار طائرة الإنذار المبكر (أواكس) 250 ألف دولار في الساعة، أي مليار و80 مليون دولار خلال ستة اشهر فقط.

وفي حين ذهبت مجلة التايمز البريطانية إلى تقدير كلفة الحرب بنحو 200 مليون دولار يومياـ أي 72 مليار دولار سنويا و216 مليار دولار في ثلاث سنوات، تشير مصادر أخرى إلى أن المبلغ أكبر بكثير، وتقدره “فورين بوليسي” بنحو 725 مليار دولار في الأشهر الستة الأولى فقط منها الصفقات العسكرية للمملكة.