الخبر وما وراء الخبر

الرياض توقف نفطها المتوجه غرباً.. جهد العاجز

50

علي الدرواني

السعوديّةُ التي دخلت في عدوان همجي على اليمن تحت ذريعة حماية وإنقاذ الشرعية وإعادتها إلى صنعاء وإنهاء ما سمّته الانقلابَ، وكانت تأمل حينها أن تحقّـق أَهْدَافَها المعلَنة والخفية على وَقْــع غاراتها وأزيز طائراتها خلال أسابيع أَوْ أَيَّـام، والتي أنفقت مليارات الدولارات لشراء الأسلحة لهذه الحرب منها فقط 64 مليار دولار في العام الماضي فقط، متجاوزة بهذا الرقم ميزانية الدفاع الروسية، ها هي اليوم تبحث عن من ينقذها من ورطتها وتستغيث بالمجتمع الدولي لإخراجها من المأزق الذي دخلت فيه، ولم تكفِها للخروج منه تلك الأموالُ الطائلة التي أنفقتها غرباً وشرقاً في صفقات أقلّ ما يقال عنها إنها صفقات ترضية وشراء مواقفَ أَكْثَـرَ منها صفقات اقتصادية أَوْ لشراء السلاح فقط.

الاستغاثةُ السعوديّةُ جاءت على وَقْـــعِ ضربة مسدّدة من القُــوَّة البحرية والدفاع الساحلي استهدفت بصاروخ مناسب بارجة الدمام في البحر الأحمر قبالة سواحل الحديدة محاولة تجيير الأمر لصالح تجييش العالم ضد الشعب اليمني بعد فشلها الذريع وهزيمتها المدوية بكُلِّ المقاييس.

الضربة البحرية المسدّدة بالإضَافَة إلى كونها رداً على العدوان ضد هدف مشروع تابع للعدو في البحر الأحمر فقد حملت إلى جانب العمليات البحرية الأُخْـرَى دلالةً على جهوزية سلاح البحرية ويقظته للتصدي لمحاولات التقدّم أَوْ الإنزال على السواحل اليمنية، وأن البحريةَ اليمنية حاضرةٌ في البحر بقُــوَّة وتمكّنت من منع تحالف العدوان من السيطرة والتفرد بالبحر والسواحل اليمنية، وأثبتت بعد أربع سنوات من الحرب العدوانية أن اليد العليا لا تزال للجيش واللجان الشعبية بمختلف وحداتهم العسكرية، بما يعينه ذلك من تطور القدرات العسكرية اليمنية وفشل السعوديّة في إضعافها.

تحالف العدوان على اليمن اعترف بالضربة في بيان للناطق باسمه لكنه قال إن الهدف كان سفينة نفط سعوديّة في البحر الأحمر، ليعقبَ ذلك بيان لشركة النفط السعوديّة أرامكو معلنةً إيقاف نفطها المتوجه غرباً عبر باب المندب، بشكل فوري ومؤقت.

إيقافُ النفط هو في الأساس لحماية ناقلات النفط من الضربات اليمنية، لا سيما بعد تهديدات القُــوَّة البحرية وتحذيرات قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي في وقت سابق بأنه إذَا تطور الاعتداء على الحديدة ومينائها فلن نقف مكتوفي الأيدي، وستكون ناقلات النفط السعوديّة أَهْدَافاً مشروعة، وهي التحذيراتُ التي بدأت السعوديّة تأخذُها على محمل الجد بعد تكرار تعرض بارجاتها للضربات المتوالية.

وهناك أَهْدَافٌ أُخْـرَى في السياق تريدُ السعوديّةُ تحقيقَها وعلى رأسها تحريض وتأليب الجانب الأوروبي والأمريكي للانتقال إلى مربعات متقدمة في دعمها في العدوان على اليمن.

وإن كان هذا التجييشُ يأتي بغرض إنقاذ الرياض نفسِها من المأزق الكبير والورطة الكبيرة، إلا أن السعوديّةَ تحاوِلُ تصويرَ الأمر وكأنه حماية للممرات المائية، وحين فشلت أموالها وصفقاتها مع الغرب وعلى مدى أعوام أربعة في دفع كُـلّ من يقفُ خلفها للتورط المباشر في حربها على الشعب اليمني، قامت باستخدام ورقة النفط مستغلة العملية البحرية لإيقاف نفط أرامكو الذي يَمُــرُّ عبر باب المندب إلى أوروبا والعالم الغربي، في محاولة جديدة لدفع أوروبا وأمريكا للدخول المباشر والقتال بالنيابة عنها، بعد أن ظلت طوالَ الفترة الماضية تقاتل وتعتدي على اليمن نيابةً عن المشاريع الغربية والأمريكية الصهيونية على وجه التحديد.

ليست هذه المرة الأولى التي تسعى فيها الرياض إلى التحريض والتأليب والتحشيد، سابقاً وعندما ضربت القُــوَّة الصاروخية قاعدة فهد في الطائف، مطار عبدالعزيز بجدة، وكيف حاولت السعوديّة تجييش العالم الإسْلَامي تحت مسمى حماية مكة في تضليل واضح عن الأَهْدَاف التي قصفتها القُــوَّة الصواريخ اليمنية، ولا ننسى ضربةَ السفينة الإماراتية سويفت التي تم تدميرُها بضربة صاروخية أمام سواحل المخاء، وحملة التضليل التي ترافقت معها والبروباغاندا المصاحبة لها، تحت مسمى حماية باب المندب، الجديرُ بالذكر هنا أن المحاولات السعوديّة والإماراتية بائت بالفشل ولم تجنِ إلا الضجيج فقط.

هذه المرة انتقلت السعوديّة إلى خطوة عملية تجاوزت الضجيج الاعلامي وأعلنت إيقافَ شحناتها من النفط عبر باب المندب بشكل مؤقت، وهو النفطُ المتوجِّهُ إلى أوروبا عبر البحر الأحمر، وربما تدفعُ بدول الخليج إلى اتخاذ نفس القرار لا سيما الإمارات والكويت والتي بدأت تدرُسُ مثل هذا القرار.

يبقى من نافلة القول هنا التأكيد على حق الشعب اليمني في الرد على السعوديّة على قاعدة السن بالسن والعين بالعين، وكما استهدفت السعوديّة أركان الاقتصاد اليمني ودمّرت المصانع والمدارس وحرمت أبناء الشعب من المرتبات على مدى ثلاثة أعوام، من حق الشعب أن يرُدَّ عبر وحداته العسكرية، وستكون المنشئات الاقتصادية في مرمى النيران اليمنية كما قصفت أرامكو في الرياض بالطائرة المسيّرة، وكما قصفت أرامكو أَيْضاً في جيزان ونجران عدة مرات بالصواريخ البالستية، وذات الأمر ينطبق على السفن النفطية السعوديّة، فلا يمكن أن يتفرجَ الشعبُ اليمني على السعوديّة وهي تستفيدُ من إيرادات النفط لإطالة أَمَـــدِ العدوان، بينما يعاني من حصارها وعدوانها.