الخبر وما وراء الخبر

لماذا الشعار؟؟!!!

71

بقلم | حمير العزكي

لماذا الشعار ؟؟!!! سؤال يتردد كثيرا، وكثيرة هي النوايا التي تقف وراء طرحه ومتباينة أيضا حسب توجهات ومواقف المتسائلين مابين متسائل بعفوية يبحث عن الحقيقة بعد أن غيبتها أنظمة العمالة وعمائم البلاط عبر أدوات التضليل خلال فترات التدجين التي جعلت الصمت أسلم و “ أن تتقوا منهم تقاة” حكما محكم وغفلت عن تحذير الله من نفسه التي تلتها وهذا المتسائل بهذه النية الحسنة سرعان ما يجد ضالته ويدرك غايته ويتخلص من غشاوة أعمت بصيرته، وبين متسائل بعصبية لا يرى الحق إلا في جانبه لم يفارقه رغم ذلك حسن النية وان بالغ في إرهاقه ثقل الموروث فلا ينكر المبدأ والمنطلق ولكنه لا يوافق الصيغة واللفظ وهذا المتسائل في ما يأتي من الزمن ما يكفي ليتحرر من تعصبه، وأخيرا وللاختصار بذكر النوايا الأبرز والأكثر حضورا نجد المتسائل بسوء النية المطلقة والذي يجد في مضامين الشعار اختلافا تاما مع ما يتبناه في فكره ومنهجه فلا يرى في البراءة من أعداء الله داعياً ولا لعداوتهم جدوى وذلك المتسائل ممن استفحل المرض في قلوبهم فتراه مسارعا فيهم يرجو مودتهم ويراعي مصالحهم ويخشى سخطهم وهذا المتسائل من الذين ظلموا أنفسهم والذين يستمرأون ظلم غيرهم.

وللإجابة عن هذا السؤال بغض النظر عن نوايا المتسائلين مع الاهتمام بدوافع تساؤلاتهم لابد من العودة إلى التاريخ الذي انطلق فيه هذا الشعار ففي تاريخ 17 / 1 / 2002م أطلق الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه صرخة ( الله اكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام ) والتي أصبحت في ما بعد شعارا لمشروعه الثقافي التربوي التحرري الوجهة والقرآني المنطلق والحامل للواء المواجهة مع المستكبرين ونصرة المستضعفين، المشروع القرآني الذي فرضه واقع الأمة وحتمته حالة الهوان والإذلال التي وصلت إليه والتي أوجبت ضرورة التحرك الجاد والمسؤول لانتشال الأمة الإسلامية من هذا الواقع المؤلم ولذلك كان الشعار واجهة لهذا المشروع لأنه شعار القضية ولأنه يجمعنا ولا يفرقنا ولأنه يبدأ في المنبر ويتردد صداه في المترس ولأن الله لا يهدي القوم الظالمين.

شعار القضية

حمل الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه على عاتقه هم هذه الأمة واستشعر مسؤوليته أمام الله تجاه واقعها وما تمر به من نكبات ونكسات وخيبات لا تتوقف أورثتها الخزي والخضوع والإذلال والامتهان ليجعل من النهوض بهذه الأمة ودفع الظلم عنها وإعادة تأهيلها فكريا ونفسيا للمواجهة، قضيته الأساسية المشروعة والعادلة والمحقة،معبرا عنها من خلال مشروعه القرآني المستند على القرآن الكريم باعتباره الجامع الوحيد والأخير بين كل أبناء الأمة ومعتمدا على آياته المحكمات البينات ومنها على سبيل المثال آيات الموالاة والمعاداة ، وبالتالي توجيه بوصلة العداء باتجاه الأعداء الحقيقيين للأمة وهم اليهود ( إسرائيل) والنصارى ( أمريكا)، وهم ذاتهم قوى الاستكبار والهيمنة التي عبثت بالأمة واستباحت كل مقدس وحرمة فيها، فكان لابد من ترجمة تلك الحقيقة إلى موقف، ولما كان الصمت هو المهيمن والسائد والحاكم لكل القوى التقليدية وغير التقليدية كانت الصرخة في وجه المستكبرين هي الموقف وهي الترجمة العملية لمشاعر الرفص والدافع والحافز للمواجهة، كان الشعار الصوت الثائر الذي حطم جدار الصمت القاهر لمشاعر الغضب العارمة في صدور الناس وبالعودة إلى ملزمة “ الصرخة في وجه المستكبرين” التي تضمنت محاضرة الشهيد القائد رضوان الله عليه حول هذا الموضوع والتي انطلق فيها الشعار للمرة الأول في منطقة مران بمحافظة صعدة اليمن، نجد الشهيد القائد رضوان الله عليه يقدم تقييما شاملا كاملا لواقع الأمة الإسلامية وواقع أعدائها ( أمريكا و إسرائيل) وحجم تأثير أولئك الأعداء سلبا بالتأكيد في واقع الأمة من خلال تحركاتهم الجادة الساعية للهيمنة والتسلط على الأمة وشعوبها وخيراتها ومقدراتها، ثم قدم رضوان الله عليه نموذجين تصدرا المواجهة مع المستكبرين الأول : فاشل ويتمثل في طالبان والقاعدة سرعان ما تهاوى أمامهم لأنهم صنعوه لغرض السقوط السريع والمريع ليقضي بذلك على كل آمال المواجهة معهم، والثاني :ناجح ومستمر وهو نموذج الثورة الإسلامية في إيران والمقاومة الإسلامية في لبنان، مشيدا بما تحقق على يدي هذا النموذج من انتصارات قهرت طغيان الاستكبار لأنه وجه بوصلة العداء في الاتجاه الصحيح باتجاه أمريكا وإسرائيل.

ومن الجدير بالذكر وحري بنا في هذا المقام أن نسترجع ما قاله الشهيد القائد رضوان الله عليه عندما أطلق هذا الشعار للمرة الأولى في مدرسة الإمام الهادي عليه السلام حين قال :

“ ألستم تملكون صرخة أن تنادوا: [ الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام] أليست هذه صرخة يمكن لأي واحد منكم أن يطلقها؟ بل شرف عظيم لو نطلقها نحن الآن في هذه القاعة فتكون هذه المدرسة، وتكونون أنتم أول من صرخ هذه الصرخة التي بالتأكيد – بإذن الله – ستكون صرخة ليس في هذا المكان وحده، بل وفي أماكن أخرى، وستجدون من يصرخ معكم – إن شاء الله – في مناطق أخرى “ ثم نتساءل: كم من المناطق في داخل اليمن وخارجه رددت هذه الصرخة وأطلقت هذا الشعار؟؟!! وبالذات في الأيام الأخيرة!!!

الشعار … يجمعنا ولا يفرقنا

لا أجد مبررا مقبولا لكل ما يثار حول الشعار (الصرخة) وترديدها في المساجد والمهرجانات والفعاليات وما أعتقد انه سيظل يثار ولن يتوقف حتى يتحقق الشعار وتتحقق جميع مضامينه،، كما أن تلك الضجة والبلبلة المثارة بين حين وآخر لا أجد في وجهة نظري – المتواضعة جدا – أي منطلق أو أي داعٍ لحدوثها .. لا دينيا،، ولا وطنيا ،،:ولا أخلاقيا،، ولا منطقيا ،، ولا سياسيا ،، واستنادا إلى معرفتي البسيطة جدا بما هو معلوم من الدين بالضرورة وتربيتي الوطنية المتجذرة وموروثي الأخلاقي والقيمي اليماني وبعقلية ومنطق سوي واطلاع لا بأس به بالأنظمة السياسية التي حكمت وتحكم العالم ،، سأحاول جاهدا أن أثبت لكم ذلك.

أولاً دينياً :
الصرخة في صميم مضمونها البراءة من أعداء الله وهذه البراءة واجبة حيث يقول الله تعالى “ وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله” فالآذان يفيد رفع الصوت للإعلام بالبراءة والدعوة إليها كما هو في أذان الصلاة فهو للإعلام بدخول وقتها والدعوة لإقامتها ،،

وقوله “إلى الناس “ للعموم لا للخصوص فلا يكتفى بأداء المؤمنين بها فيما بينهم فقط بل وإبلاغها إلى غيرهم من الناس ،،

وقوله “يوم الحج الأكبر “ حدد الوقت والمكان المناسبين للأداء ففي كل وقت يجتمع ويحتشد المسلمون لابد من إعلان البراءة ورفعها،، باعتبار يوم عرفة اكبر تجمع للمسلمين على الإطلاق وابرز مظاهر وحدتهم والذي يحظى باهتمام ومتابعة العالمين وهذا المكان هو اطهر البقاع على وجه الأرض والمختار لأقدس الشعائر الدينية وهذا يوضح الارتباط الوثيق بين الشعائر الدينية والأماكن المقدسة وإعلان البراءة من أعداء الله.

وفي قوله تعالى “ ان الله بريء من المشركين ورسوله “ تأكيد على البراءة وتحديدا لأعداء الله ورسوله الذين كانوا في حينها المشركين وكانوا فيما بعد الفرس والروم ومن بعدهم الصليبيين وغيرهم حتى أصبح أعداء الله ورسوله في أيامنا قوى الاستكبار العالمي ،أمريكا ،وإسرائيل إذاً فالبراءة واجبة في كل اجتماع للمسلمين وبالأخص في الشعائر الدينية كالحج والجمعة.

ثانياً وطنياً :
الموقع الجغرافي والثروات الطبيعية والقيمة الحضارية والتاريخية لليمن جعلت منها محط أطماع القوى الاستعمارية الاستكبارية وخلق ثقافة المواجهة والمقاومة لتلك الاطماع تعتبر السلاح الأكثر فعالية في ظل القدرات التسليحية والدفاعية المحدودة والمتواضعة جدا ،، وبالتالي فترديد الصرخة وتلقينها للأجيال يجعل الجميع في حالة استعداد وتأهب دائم للمواجهة والتصدي والسعي الجاد والجهد المستمر لتطوير القدرات الدفاعية ووسائل الردع وأيضا يبعث برسالة لحكومات وشعوب العالم الاستعماري أن تحقيق مطامعهم ستكون باهظة التكلفة إن لم تكن مستحيلة.

ثالثاً أخلاقياً :
لم يفرض الشعار على أحد ولم يرغم أحد على ترديده ولم يستنكر أي شعار لأي مكون من المكونات اليمنية، فهل من الإنصاف إرغام أنصار الله على ترك الشعار سابقا وفرض التخلي عنه لاحقا واستنكاره حاليا؟؟!!

من حضر الجمعة في الستين والسبعين في 2011م يتذكر جيدا الشعارات التي كانت تطلق عقب التسليمتين ،، الشعب يريد………

فهل أفتى أنصار الله حينها بتحريمها أو كتبوا في استنكارها أو لمزوا فيمن هتفوا بها؟؟

فإذا كان للأخلاق ميزانا فهو بلا شك الإنصاف ،، فأين المنصفون.

رابعاً منطقياً :
هل يوجد مسلم على وجه الأرض لا يقول “الله أكبر” ؟

هل سمعتم أن مسلما تضايق من سماعها؟

هل يوجد مسلم يشعر بالرضى على سياسات أمريكا تجاه الشعوب الإسلامية؟

هل سمعتم مسلما يمدح ويثني على جرائم أمريكا في بلاد المسلمين؟؟

هل شكر مسلم في يوم من الأيام أمريكا على مواقفها من القضية الفلسطينية؟

هل يوجد مسلم يحب إسرائيل؟ ويعترف لها بحق في فلسطين؟؟

هل يرضى مسلم بمجازر وجرائم إسرائيل في أبناء فلسطين ؟؟

هل سمعتم بمسلم يقر بحق إسرائيل في هدم المسجد الأقصى من أجل بناء الهيكل المزعوم؟

أليست نهاية الهيمنة الأمريكية وزوال إسرائيل أمنية في قلب كل مسلم؟؟

هل ينكر مسلم دور اليهود التآمري ضد الإسلام والمسلمين منذ فجر الرسالة وحتى اليوم؟؟

هل ينكر ـحد لعنة الله الدائمة الأبدية لليهود؟؟

وهل يوجد لسان مسلم لم يدع الله بالنصر للإسلام؟؟

وهل سأجد من يجيب على سؤال واحد من اسئلتي بـ”نعم يوجد” ؟؟

لا أظن ذلك ولا أجد بعد ذلك ما يدعو للاعتراض والاستنكار على رفع الشعار

فمن عجز عن التعبير عن مشاعره كمسلم؟؟ يليق به استنكار من عبروا عنها بشجاعة وثبات!!

خامساً سياسياً :
الأنظمة السياسية الديموقراطية الحديثة التي تشبعت مسامعنا بالإشادة والمقارنة بها والتسبيح بحمد وسائلها والثناء على عظمة نتائجها ،، تقوم على حرية الفكر والمعتقد وحرية التعبير عن الرأي فهل من حرية الفكر والمعتقد فرض تغييرها وتدجين أفكارها وتهجين رؤاها ونسف معتقداتها؟؟

وهل خرج الشعار وترديد الصرخة عن إطار حرية الرأي والتعبير ؟؟

أم أن ما تجيزه الديموقراطية تحظره أهواء الديموقراطيين ؟!

وما تكفله الدساتير تصادره مخاوف واضعيها؟؟

وما أحلته السياسة تحرمه مصالح السياسيين وأرباب سياستهم ؟؟

الشعار .. من المنبر إلى المترس

عندما ينشر الإعلام الحربي مشاهد لإنجازات وانتصارات الجيش واللجان الشعبية في جبهات العزة والكرامة ، تتسلل التباشير إلى أسارير اليمنيين الأحرار جميعا دون استثناء ، وترتسم ابتسامة الشموخ على ثغورهم ، وتتخلل مشاعر الإباء أضلاعهم التي تضم الكبرياء في صدورهم ، فيرهفون المسامع لأحاديث أولئك الأبطال ، باهتمام يتجاوز بكثير كل التصريحات الرسمية المحلية والدولية ، ويطربون لأصواتهم المملوءة إصرارا وثباتا ونخوة وحمية وهم يزوملون ويصرخون ،

نعم ويصرخون ؟؟

وما الغريب في ذلك !!

بالتأكيد هنالك من تزعجهم الصرخة وهنالك أيضا من تفنن في قصها من تلك المشاهد !!

وهناك من مازال حتى اليوم يعتبرها موجهة ضده !!

وهناك من يعتبرها شعارا سياسيا أجوفا كتلك الشعارات التي رفعت من قبل !!

ولكل واحد منهم موقف ولكل موقف مبرراته ، لذلك عندما كتبنا من قبل تحت عنوان “الشعار يجمعنا ولا يفرقنا” حاولنا الإيضاح لذوي العقول الصحاح عن سقوط تلك المبررات ، نظريا بتناول كل الجوانب التي اعتمدت عليها التبريرات ، وهنا سنحاول إسقاطها عمليا إن شاء الله .

فكما ذكرت آنفا ، إننا كلنا نطرق السمع ونهتم ونطرب لأحاديث المجاهدين في الجبهات وزواملهم وصرخاتهم ، ولم يسبق لأحد أن انزعج منها أو استنكرها أو لامهم عليها ، أو طالبهم بتركها أو الامتناع عنها !!! فلماذا لم يحدث ذلك ؟؟ لأن المشكك فيها يخرسه الدليل القاطع على جدواها والمتشكك في جدواها يرى واقع انجازاتها ، والحاقد يعجز عن الطعن في حقيقتها وهي تتجلى في المواقع المحررة ، والتحصينات المنكسرة ، والأبراج المفجرة ، والآليات المحروقة والمدمرة ، تتجلى كالشمس في كبد السماء ووجه النهار ، دامغة لافتراءات المنافق وإشاعات المرجف وتبريرات السياسيين والمتحزبين .

ولكن هل اخترع أولئك المجاهدون الأبطال تلك الصرخة في تلك المشاهد ورددوها للمرة الأولى ؟؟ لماذا يجهل البعض ويتجاهل بعض آخر أن صرخة المتارس امتداد لصرخة المنابر وأن صرخة المعارك امتداد لصرخة المساجد !!؟؟

لماذا يتغافلون ويتعامون عن حقائق لا جدال فيها ؟؟

حقيقة أن لا أحد يجرؤ على مواجهة القوى الكبرى إلا من اعتقد بأن الله أكبر ،

وأنه لن يقاتل أعداء الله وفي سبيل الله إلا من تولى الله وأوليائه وتبرئ من أعدائه ،

وأنه لن يخشى مواجهتهم من لم يخش أن يصرخ في وجههم،

وأنه لن يصمد في قتالهم الأمن تأكد من عدائهم وخطرهم .

لا أحد يجهل من أين انطلقت الصرخة ، ولا أحد يستطيع أن ينكر أين وصلت ، ولا يخفى على أحد مصير من أطلقوها في أيامها الأولى ولا ثباتهم وإصرارهم رغم وحشية وهمجية وقسوة سجون الأمن السياسي ، كما لا ينسى أحد أن ذلك الشاب الذي رفع كفه صارخا بالشعار بجواره في الصف بعد صلاة الجمعة هو ذات الشاب الذي رفع يمينه حاملا بندقيته مرددا الصرخة بجوار إبرامز محترقة في عسير أو نجران أو جيزان ، ومن يعرف أن المواجهة تحتاج إلى إعداد والإعداد يحتاج إلى سلاح وموقف ، كيف لا يعرف أن الشعار سلاح وموقف ، سلاح معنوي وموقف مادي ، معنويات تسمو بقيم التحرر والإباء والولاء والبراء والحب والعداء ، ويجسدها جهاد واستبسال وثبات وصمود وتضحية .

لاشك يدرك الجميع خطورة المرحلة وحجم التحديات والمؤامرات التي تحاك وتنفذ ضد شعبنا وأمتنا ، إدراكا تعززه حالة المواجهة القائمة والمفروضة ، فكيف لمن لم يجرؤ على المواجهة بكلمة أن يواجهه برصاصة ؟! وكيف لمن يزعجه موقف مناهض للعدو أن يشارك في صناعة انتصار ؟! أنها صرخة:

الله اكبر

الموت لأمريكا

الموت لإسرائيل

اللعنة على اليهود

النصر للإسلام

صرخة المواجهة من منابر المساجد إلى متارس المعارك.

الشعار .. والله لا يهدي القوم الظالمين

ومن لا يزال معترضا على الصرخة وترديدها ، جاهلا أو متجاهلا لحقيقة الشعار ، فليعلم ، أن هذا الشعار في حقيقته ، واجب ديني بإعلان البراءة من أعداء الله من اليهود والنصارى ، والتزام أخلاقي تفرضه شيم الإباء والعزة والكرامة ورفض الذل والهوان ، باعتبار الإفصاح عن الموقف الرافض للاعتداءات ورفع الصوت بذلك أقل ما يمكن فعله ، وهو أيضا حق إنساني مكفول ، ورد فعل بشري طبيعي ، عند تعرض الفرد أو الجماعة أو الشعب أو الأمة للخطر .

ولكن …..

لماذا نعرف نحن هذه الحقيقة ويجهلها الآخرون ؟؟!!

لماذا نرى هذه الحقيقة من البديهيات ويعمى المعارضون عن رؤيتها ولو حتى من الفرضيات ؟؟!!!

لماذا ندرك بساطة ووضوح هذه الحقيقة ويعتبرها المنزعجون بالغة الغموض والتعقيد ؟؟!!

لماذا نحارب في سبيل حقنا في رفع الشعار وترديد الصرخة ويحاربونا عسكريا وفكريا وإعلاميا لمنعه وإرغامنا على تركه ؟؟!!

لماذا ونحن كلنا أبناء وطن واحد ، ديننا واحد ، نبينا واحد ، كتابنا واحد ، وعدونا واحد ؟؟!!

لماذا ونحن من قومية عربية واحدة ، وأمة إسلامية واحدة ، لنا ذات القيم والمبادئ والتقاليد ، ومهما تفاوتت نسب التمسك بها لا أحد يجرؤ على التنكر لها ؟؟

لماذا ونحن جميعا نشأنا في بيئة واحدة ، تنفسنا ذات الهواء ، وشربنا من ذات الماء ، و ظللتنا ذات السماء ؟؟

خلقنا الله جميعا بعقول وقلوب وعيون وأفواه وآذان ، فلماذا كل هذا التباين في مسألة كهذه ؟؟.

لمعرفة الإجابة ما علينا سوى التأمل في هذه الآية قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) فموالاة اليهود والنصارى تجعلك منهم ، فتصبح من الظالمين ، وفي هذا يقول الشهيد القائد رضوان الله عليه “فتصبح من حيث لا تشعر شريكاً في كل عملية إفساد تنطلق من أي منطقة في هذا العالم، نحو بقية البشر من داخل أمريكا، من داخل إسرائيل، من داخل بريطانيا من داخل أي منطقة تنطلق منها مؤامرات اليهود فتصبح بتوليك لهم شريكاً في كل عمل سيئ، مفسد في هذه الأرض في أي بقعة كانت من الأرض. هل تعتقد أن التولي قضية سهلة؟ “ بالفعل ليست سهلة لأن التولي يجعلنا منهم ، وعندما نصبح منهم نكون من الظالمين ، وعندها نكون خارج نطاق الهداية ، خارجها بالتأكيد الإلهي وليس احتمالا أو مظنة أو تقديراً .

ومادامت الموالاة لأعداء الله تغلق علينا باب الهداية فإن البراءة منهم تفتح لنا الباب على مصراعيه لها ، ولذلك وخوفا من هذه النتيجة الحتمية ، استمر وسيستمر ديدن الاستهداف لهذا الشعار ولحملة هذا الشعار ، فمن فتح بالبراءة باب الهداية ، لن يظل عرضة لاستبداد الطواغيت وظلمهم ، ولا أسيرا للضلالات ولا للافتراءات ، وسيتحرر من قيود كهنة المعبد واستغلالهم واتجارهم به واستضعافه .

لهذا نختلف .. لأن الله لا يهدي القوم الظالمين.