التضليل الإعلامي
ذمار نيوز | خاص | إعداد : م. إبراهيم نجم الدين 24 شوال 1439هـ الموافق 8 يوليو، 2018م
منذ ان بدأ العدوان الأمريكي السعودي الغاشم والظالم على اليمن, حرصت قوى الغزو والعدوان على استخدام كل الوسائل الممكنة وحتى المحرمة لكي يتم اخضاع الشعب اليمني, فبالإضافة الى الغارات الجوية والقنابل المحرمة, استخدمت قوى الغزو والعدوان اساليب اخرى قذرة, منها شراء الخونة والعملاء واستئجار مقاتلين من دول مختلفة, بالإضافة الى استخدام السلاح الاعلامي الذي خصصوا له ملايين الدولارات, وبالتالي فقد حرصوا منذ بداية العدوان على نشر واذاعة كل الاخبار المفبركة والكاذبة, وسخّروا ابواقهم الاعلامية وقنواتهم وشبكاتهم والصحفيين الذين تم شراؤهم, لكتابة ونشر الاخبار المضللة والكاذبة ونشر كل ما يحرض على زراعة الفتنة, بالشكل الذي يضعف من معنويات الشعب اليمني ويجعل بني سعود في جانب المنتصر, والعكس هو الصحيح.
ما هو التضليل الاعلامي:
يعتبر التضليل أحد وسائل الدعاية والحرب النفسية ضمن الحرب الإعلامية، والتضليل الإعلامي ليس مجرد أكاذيب يجري نشرها؛ هو فن، وعلم ليس بمتناول أي كان، له أساتذته، وكهّانه ومعدّوه، وإنتاج طبخاته حسب الأذواق والمناسبات والظروف، ويصل إلى المستمعين بكل سلاسة.
ويمكن تعريف التضليل الإعلامي ببساطة، أنه عملية بث معلومات ونشرها، تكون في معظمها من الأكاذيب، لتوجيه اهتمامات الناس باتجاه معين، والتّأثير في خياراتهم وقراراتهم. وقد يستعمل التهويل والتخويف لزعزعة الثقة، أو التخلّي عن خيار أو موقف.
ويهدف الى خلق واقع مزيف ومغلوط ومقنع بما فيه الكفاية وذلك بهدف إيقاع الخصم في الخطأ بينما هو يفكر بشكل صحيح.
فالتضليل الاعلامي وما يعبر عنه ايضاً “بالتحريف الاعلامي” هدفه تحريف وتحويل الحقائق بهدف التأثير على الراي العام, ويستخدم في ذلك العديد من الوسائل منها الاشاعة والدعاية والحرب النفسية, التحريض, التحريف, التكتيم أو التعتيم, التهويل أو التضخيم, لفت الأنظار, التخويف والإرجاف, التجاهل, الكذب أو التشويه, الإيهام أو التدليس, التلاعب بالمصطلحات, وغيرها, وقد استخدمت قوى الغزو والعدوان سياسة نشر الشائعات, ونشرها عبر جميع شبكاتهم المرئية منها والمسموعة, بهدف زعزعة ثقة الشعب اليمني في جيشه ولجانه الشعبية, وحاولوا ان يظهروا جيشهم الجبان والهارب على انه يحقق انتصارات يوميه. فبينما تقوم قناة المسيرة وغيرها من القنوات المناهضة للعدوان بعرض انتصارات الجيش واللجان الشعبية في كل الجبهات وتقوم بعرض ذلك مسنوداً بالفيديو “صوت وصورة” لاثبات تلك الانتصارات, وهنا ليس امام المشاهد اي مجال للتشكيك في ذلك, وفي المقابل نجد الكثير من القنوات الاعلامية للعدو تنشر اخبار عن انتصارات وهمية وزائفة دون ان يكون هناك ما يثبت ذلك من قلب الحدث, ولأن المشاهد “لبيب” فهو يعرف ان كل ذلك زيف وكذب.
لفت الأنظار :
فالحرب ايضاً اعلامية، والاعلام مهم جداً خاصة في ظل الحروب, لان الاعلام يؤثر في نفوس الناس, حتى ان البعض قد يتأثر ويصدق كل الاكاذيب والتضليل الذي ينشره اعلام العدو, فعندما حصلت مجزرة “الصالة الكبرى” حاول العدو تضليل الشعب من خلال اثارة اهتمامهم بموضوع آخر, وذلك بالانكار واتهام الضحية بالجريمة, وصرف الانظار عن الجريمة نفسها, ليجعلوا كل ما يُقال ويُكتب خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها عن المتسبب بالجريمة, تاركين بشاعة الجريمة نفسها.
وبالمثل عندما انطلق صاروخ بركان باتجاه مطار عبدالعزيز بجدة, مارس العدو نفس الاسلوب, فحاول العدو جعل الناس لا يركزون على ان الجيش واللجان الشعبية قد استطاعوا ان يستهدفوا مطار عبدالعزيز بجدة وان ذلك يعتبر انتصاراً كبيراً, وحاول العدو لفت الانظار الى ان الصاروخ كان يستهدف مكة المكرمة, لكي لا يجعل من ذلك هزيمة لهم, وفي نفس الوقت صنع سخط وغضب علينا, على اعتبار انه تم استهداف الاماكن المقدسة !! وبالتالي لن يتكلم الناس عن الدمار الذي سببه الصاروخ في المطار بقدر ما سيتكلمون انه من المستحيل ان يتم استهداف مكة المكرمة.
وهكذا هو العدو, يحاول السيطرة على تفكيرنا ويُسيرنا على التوجه الذي يريده, ويبعدنا عن القضية الاساسية ويحاول ان ينسينا الجرائم التي ارتكبها.
الإيهام أو التدليس :
فلو نتذكر ما حصل في الحرب على العراق, حيث روج الاعلام ان معركة المطار هي المعركة الفاصلة, وقامت وسائل الاعلام بتعبئة الطرفين على ان المعركة الحاسمة هي معركة المطار, فاصبحت جميع وحدات القوات المسلحة العراقية تترقب هذه المعركة, وعندما سقط المطار, شعر الجميع ان العراق كله سقط, وماتت الروح المعنوية, بالرغم ان في ذلك الوقت لم يسقط سوى المطار !! وهذه هي لعبة الاعلام, وهي احد الاساليب التي يستخدمها الاعلاميين والخطباء والكُتاب وغيرهم, فيحاولون جعل الفرد لا يرى الا ما يريدونه ان يرى لا ما تريد ان تراه انت, ويحاولون تقييد التفكير بزاوية واحدة فقط لتحقيق اهدافهم.
أما أبرز نماذج التضليل الإعلامي ايضاً فتمثل في مقولة كاذبة نشرتها وسائل الإعلام العالمية على نطاق واسع في أوائل تسعينيات القرن الماضي، مفادها أن العراق تحت قيادة صدام حسين يمتلك سلاحًا نوويًا يهدد به العالم، مما مهّد لحملة عسكرية واسعة النطاق، احتلت العراق.
كل هذه الاساليب التي يستخدمها اعلام العدوان الامريكي السعودي ويعملون على نشرها وبثها ليلاً ونهاراً, يهدفون من ورائها الى اضعاف الروح المعنوية للشعب اليمني واضعاف الجبهة الداخلية وزراعة الشك في افكارنا ومعتقداتنا وبث الفوضى, وذلك لجعلنا مشغولين بمشاهدتها وكيفية الرد عليها.
كذب وخداع :
فلطالما دأبت وسائل الإعلام التابعة للعدوان ومرتزقتهم منذ بدايته في الـ 24 من مارس 2015 على الكذب والتضليل على المشاهدين، والتي سيطرت مرات عديدة على صنعاء بداية من بني حشيش وبني الحارث و نهم ومحافظة تعز و ميدي والحديدة ومواقع لا حصر لها، والتي كانت جميعها داخل غرف الأخبار ليس إلاّ.
من ناحية أخرى، يكشف هذا التضليل الإعلامي الممنهج أزمة ميدانية دفعت دول العدوان لفبركة أحداث ووقائع ميدانية لكي تصرف أنظار المشاهدين والعالم عن انتصارات الجيش واللجان الشعبية في جبهات ما وراء الحدود والتي يوثقها الإعلام الحربي وتتداولها جميع الوسائل الإعلامية بالصوت والصورة.
التضليل من عمل ابليس :
صحيح أن إبليس هو اول من أسّس هذا الأسلوب في فن السيطرة على العقول وتسييرها، لكن السامري كان أقدم نموذج معروف يضلّل مجتمعاً بمعطيات كاذبة، ويُقنعه بأنها حقيقة لا غبار عليها. لقد كان السّامريّ يمارس بشكل آو بآخر، ما نُسمّيه اليوم بالتّضليل الإعلاميّ.
لقد أصبح الإعلام جزءاً من المعركة، حتّى بات يذكر أن الإعلام يحسم نصف المعركة، وفي بعض الحالات أكثر. لهذا، لا يمكن لنا أن نترك للإعلام المضلّل أن يجدنا أرضاً خصبة له؛ المطلوب أن نحبط خططه الإعلامية، وبالعزم نفسه، أن نحبط خططه العسكريّة، وذلك يحتاج منا إلى أن نشعر بالمسؤولية، عملاً بقوله تعالى]: إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}[الإسراء:36 {, ]إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}[قـ: 37{
فهلاّ سمعنا ووعينا؟ وهلاّ سمعنا وتثبّتنا؟ وهلاّ سمعنا وتريّثنا؟
اساليب التضليل :
تستخدم وسائل التضليل بشكل واسع ويتم استخدام أي وسيلة لتحقيق الأهداف السياسية الإعلامية، ويدخل التضليل ضمن الإطار الواسع للحرب الإعلامية، وتستخدم أساليب التضليل الإعلامي كالكذب والخداع، الإشاعة والتشويش, إخفاء الحقائق والمعلومات, اختلاق وقائع ممسرحة, إغراق وسائل الإعلام بأكثر الأخبار تناقضاً بحيث تفقد أي معنى عند استعمالها، إذا يضيع المشاهد أو القارئ في غابة من الإشارات والعلامات والمؤشرات التي تلغي بعضها البعض، بفعل الإفراط في ضخ المعلومات والأخبار وبفعل فوضى المعلومات والأخبار.
فالنشر على الإنترنت ليس له ضوابط. كل من يريد أن ينشر إشاعة أو يلفق خبراَ لغرض ما، يمكنه أن يضعه على تويتر أو فيسبوك وسيجد من يقرأه ويساعده على تعميمه.
هذا باختصار بعض الملامح من التضليل الإعلامي، والهدف دائماً أن ينتج وعياً مزيفاً، ويحرّف اهتمامات المواطنين عن دورهم الاساسي في مواجهة العدوان، من خلال ترويج ونشر الاخبار الكاذبة والمفبركة, فمثل هذا الإعلام، يحول الإنسان إلى عبد مسخّر له، يأخذه إلى حيث يريد، ويحدد ورأيه في السياسة، ومع من يمكن أن يتحالف أو يؤيّد أو يعارض… هي عمليّة غسل دماغ، لا يحتاج معها الّذين يتقنون لغتها إلى أن يذهبوا إلى النّاس، بل يجعلون النّاس تذهب إليهم، وبكبسة زرّ.
فالإعلام الأسود أو صناعة الكذب هو من أخطر الوسائل أو الحروب التي تستهدف عقول البشر؛ حيث تبدأ بالتشويش، ثم تصيبها في قناعتها؛ لصرف الأنظار عن حدث ما، أو تسعى لتغيير وجهات النظر باتجاه واقع غير موجود أصلاً وليس إلا وهماً، ثم تجسيده والدفاع عنه حتى يعتقد الناس انه حقيقة، وبالمقابل التشويش على واقع حقيقي، وتشويه القناعات بشأنه؛ حتى يصبح في وعي الشعوب غير حقيقي.
هذا التضليل ليس له سوى هدف واحد هو إدخال الشكوك، وصنع الاضطراب، وهدم المعنويات، وتستند صناعة التضليل الإعلامي إلى تقنيات في التأثير والإقناع لتوجيه المتلقي للإيمان بأفكار معينة تخدم “رعاة الضلال”.. حتى إنك تجد أكثر من وسيلة إعلامية تقدم الأكذوبة نفسها، كأنهم تواصَوا بها، بينما ما يحدث أن أنهم تخرجوا في مدرسة واحدة، بمناهج واحدة، وتوجهات واحدة، ومدرسين لا يتغيرون.. إنها مدرسة “التضليل الإعلامي”! قال تعالى :وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَىٰ ﴿٧٩ طه﴾
ولذلك فكلما زاد وعي الانسان ومعرفته, استطاع ان يخرج من هذه الخزعبلات والقيود, ويعرف الحقيقة من مصادرها الاكيدة, وما كانت توجيهات قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي بمقاطعة وعدم متابعة وسائل اعلام العدو, الا من حرصه على تكريس وقتنا على مواجهة هذا العدوان, وعدم تضييع الوقت في متابعة هذه الاكاذيب والانشغال بالرد عليها, لذلك يجب علينا متابعة وسائل الاعلام الوطنية التي تنقل الحقائق, وتطنيش ما يُكتب ويُقال في وسائل الاعلام التابعة للعدو والمنافقين, وان نكون يداً واحدة في مواجهة هذا العدوان. وكن شريكاً في صناعة النصر.