الخبر وما وراء الخبر

الاحتلال أساليبه وذرائعة 2

74

بقلم/ عدنان قاسم علي قفلة

استكمالاً للمقال السابق حول عدم تحصين الشعوب بذرائع الاحتلال , إن المتابع البسيط للأحداث حينما يرى هذا الكم الهائل من المرتزقة والمنافقين والمغرر بهم , الذين ينساقون لمخططات الدول الاستعمارية ليصاب بالذهول من هول ما ينفذه العدو المحتل والمستعمر على أيدي أبناء الأمة العربية , في تماهي كبير وخطير مع سياسات المستعمر , تجاوز التغرير بهم في بلدانهم بل إلى استخدامهم كأدوات في بلدان أخرى عربية وغير عربية .

يقول الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي (المسلمون يجاهدون تحت راية البريطانيين تحت راية الإيطاليين والفرنسيين، وقتال بين الدول هذه المستعمرة وقودها مَن؟ المسلمين، معظم وقودها كانوا هم المسلمين في بلدان أفريقيا، والبلدان المستعمَرة.) ملزمة : الشعار سلاح وموقف.

وهذا يعتبر من أسوأ حالات الاستعمار لأن المستعمر والمحتل كان قد استعمر عقول الناس واحتل تفكيرهم وطغى على تحركاتهم ما سهل له بقية الخطوات

يقول الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي (لأن الأمة قد مرت بحالة مثل هذه، الإستعمار الذي انتهى قبل فترة, الإستعمار العسكري الذي كان موجوداً استعمار بريطاني وفرنسي وإيطالي وبلجيكي وغيره, كانوا يسوقون الناس في الحرب العالمية، يسوقون المسلمين ليقاتلوا تحت راية البريطانيين، تحت راية الإيطاليين، تحت راية الفرنسيين، يقاتلون, يجند لك عشرات الآلاف من المسلمين يقاتلون لصالحه، لأطماعه, هذا يعتبر من أسوء المواقف، من أسوء الحالات ) ملزمة الشعار سلاح وموقف

ففي الثمانينيات حينما أشرفت المخابرات الأمريكية على استنزاف الشباب العربي والمسلم في حربها على الاتحاد السوفيتي تحت شعار محاربة المد الشيوعي , عملت خلالها المخابرات الأمريكية على إدارة بعض الحكومات العربية وبعض الحكومات الإسلامية في تحشيد الشباب تحت شعار جذاب وهو الجهاد في سبيل الله في أفغانستان , محققةً بذلك العديد من الأهداف (تدمير الاتحاد السوفيتي – احتلال أفغانستان بما تلمكه من ثروات وخيرات – استنزاف الأمة في خيرة شبابها بعد التغرير بهم – إبعاد الشباب التواق للجهاد عن إسرائيل المحتلة لأولى القبلتين ) , والحديث عن أن المخابرات الأمريكية هي من أشرفت على ذلك حديث مؤكد أقره العديد من الزعماء الذين علموا مع المخابرات الأمريكية والتي بدورها لا تنكره .

وهو نفس السبب (محاربة الشيوعية) الذي أدخل أمريكا إلى فيتنام وخسرت ما يقارب (58,220 جندي أمريكي) ما دفعها للقتال بأدوات أخرى أقل كلفة .

وما يجرى في كل البدان التي تشهد الصراع والاقتتال حالياً منها ما تم احتلاها أو أجزاء منها ومنها ما يراد لها ذلك (اليمن – سوريا – ليبيا – العراق – لبنان وحتى فلسطينيين حيث استطاع العدو الإسرائيلي تجنيد الكثير من الفلسطينيين ) , إذ استطاع المحتل والمستعمر الجديد أن يجند الكثير من أبناءها للقتال إلى صالحة نتيجة عدم تحصين الشعوب بذرائع العدو وأدواته والحذر من الوقوع في شرائك حباله والتي تختلف من بلد لآخر باختلاف الدافع من الاحتلال وثقافة المجتمع الذي سيحتله .

ذرائع الاحتلال

والسؤال المهم هنا ما هي الذرائع التي يستخدمها المحتل الجديد لاحتلال الشعوب والسيطرة عليها والتحكم فيها ؟ بل وما هي الوسائل التي من خلالها أستطاع المحتل والمستعمر السيطرة على عقول المغفلين الذين يجندهم لصالحه ؟

لقد أتقن العدو اختيار الذرائع نتيجة تراكم خبراته الاستعمارية وإذا لم يجد الذرائع فإنه يقوم بصناعتها , لأن المحتل والمستعمر يقوم بإجراء دراسات طويلة بعضها يستغرق عقود من الزمن كي يستطيع التعامل مع الشعوب التي يرغب باحتلالها وإذا لم توجد الذرائع قام بزراعتها وينتظر السنوات مستغلاً وكذا صانعاً للكثير من العوامل التي تساعده على جذب مرتزقة أو مغرر بهم للقتال معه أو بالحد الأدنى تجنب قتاله والدفاع عن أرضهم ومن بين هذه الذرائع :

(محاربة القرصنة– إحلال السلام – نشر الديموقراطية ومحاربة الديكتاتورية – نزع الأسلحة المحرمة دولياً – والمستخدمة حالياً محاربة الإرهاب ) وذلك بعد أن يكون قد أستطاع التغلغل في عقول الناس وتمكن من تفكيرهم ومسخهم من هويتهم وعبأهم بالثقافة المغلوطة ومستغلاً الأوضاع الإقتصادية التي تمر بها أي بلاد وسآتي على ذكر سريع لكلاً من هذه المسميات :

محاربة القرصنة البحرية :
كانت ذريعة محاربة القرصنة البحرية من الذرائع التي استخدمتها دول الاستعمار والاستكبار العالمي ومنذ فترة طويلة حيث تدعي أن سفناً تابعة لهم تتعرض للسطو والنهب أو إلى التدمير ومن ثم التحرك عسكرياً بحجة مطاردة من قام بهذه الجرائم داخل الأرض برياً والانتشار عسكرياً في السواحل .

إذ استخدم هذه الذريعة البريطانيون لاحتلال جنوب اليمن , حيث وقعت حادثة غرق السفينة البريطانية (درايا دولت ) بقيادة المستعمر (هينس) قرب الشواطئ اليمنية وأدعت بريطانيا أن الصيادون اليمنيون هم من قام بإحراقها وإغراقها ما دفعهم إلى طلب التعويض وعند الموافقة من سلطان لحج (محسن فاضل) رفضت قبول التعويض وأصرت على الدخول إلى ميناء ومن ثم السيطرة على سلطنة لحج ثم السيطرة على جنوب اليمن شجعهم على ذلك سيطرتهم على جزيرة (بريم – ميون ) 1799م حيث كانت الحملة البريطانية على جنوب اليمن في ديسمبر 1838 ولتتمكن بريطانيا من السيطرة والاحتلال في 19يناير1839م .

كما كانت هذه الذريعة هي إحدى وسائل أمريكا للسيطرة على بحر الصين ودول شرق آسيا قبيل دخول فيتنام إذ كانت سفينة حربية أمريكية راسية في خليج تونكين بشرق آسيا تعرضت لقذائف صاروخية لم يتم تحديد من أطلقها في تلك الفترة فاستخدمت أمريكا ذلك ذريعة لاجتياح فيتنام إلى جانب ذريعة إحلال السلام ونشر الديموقراطية وقد ذكر كاتب أمريكي ويدعى (دانيال اليزبرغ) في كتاب وأطلق عليه اسم (أسرار البنتاغون) أثبت فيه بالدليل القاطع أن أمريكا هي التي اخترعت قصة السفينة الأمريكية .

وكانت هذه الذريعة نفسها التي أرادت من خلالها أمريكا احتلال اليمن بعد تفجير السفينة الأمريكية (كول) في سواحل مدينة عدن في 12 أكتوبر 2000م لولا دخول أمريكا في حوادث مصطنعة أخرى بعدها بأقل من عام وهي أحداث 11سبتمبر 2001م وضلت أمريكا تبتز اليمن بهذه الحادثة لولا انشغالها باحتلال أفغانستان وبعدها العراق , وهي تلك الحادثة التي حامت حولها الكثير من الشكوك حيث ثبت أن التفجير في السفينة كان من الداخل ولم تُهاجم من الخارج .

يقول الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه ( ما يمكن هذا يتركوه ذريعة من الذرائع التي يدوروا لها دوار، وفجروا السفينة كول، وفجروا السفينة الفرنسية، فجروا كذا، عملوا تفجيرات في صنعاء، أعمال كثيرة من أجل ماذا؟! يجعلوها ذرائع أن هناك إرهابيين ندخل نطاردهم، وبعثوا بأعداد كبيرة, يبنوا قواعد عسكرية، ويحكموا الهيمنة على البلاد ) . ملزمة الشعار سلاح وموقف

وقد تحدث الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه بالبراهين العلمية والنظرية وليس اعتماداً على التحليلات أوما شابه أن عملية السفينة كول كان بتخطيط وتنفيذ أمريكي فقال في محاضرة أخرى (انفجار السفينة، كان انفجار فتحة الحديد إلى خارج، ولكن أحياناً قد يكون هناك أناس بقر من خارج حقيقة تجد اليمنيين أنفسهم بعدما قالوا: بأن هذه كلها تدل على أن التفجير داخلي. جاء الأمريكيون بفرقة تحقيق جاهزة مجهزين كيف يحققون، وكيف يطلعون تقارير عن نتيجة التحقيق قالوا: هذا عمل إرهابي من خارج ! في الأخير ألم يظهر مسئولون يمنيون يقولون: نعم عمل إرهابي! أما هؤلاء صحيح يطلعون بقراً، حقيقة. ) ملازم رمضان الدرس الخامس

كما أن هناك الكثير من القرائن استدل بها الشهيد القائد رضوان الله وهو يتابع في حينه الذرائع التي يريد من خلالها الأمريكان سيأتي عنها عند الحديث عن الذريعة الحالية وهي ذريعة (مكافحة الإرهاب)

هذا وقد استخدمت ذريعة محاربة القرصنة اسبانيا والبرتغال منذ القرن الخامس عشر لمهاجمة المدن الساحلية والموانئ لدول المغرب العربي والمطلة على البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي ونهبها وتدميرها .

وللحديث بقية عن بقية الذرائع .