محاضرة ((مواصفات المؤمنين 4)) المحاضرة الرمضانية الثانية والعشرون #السيد_القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي للعام 1439هـ 10-06-2018
https://youtu.be/9cHDH1ix9Iw
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين وعن سائر عبادك الصالحين.
أيها الإخوة والأخوات..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
نواصل الحديث على ضوء الآيات المباركة في سورة الفرقان التي تقدم لنا النموذج المتميز الذي يسعى الإنسان في هديه وقرآنه وفي قدوته رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله إلى صناعته في المجتمع الإسلامي، كيف تكون أنت كمسلم، كيف تكوني أنت أختي المسلمة كمسلمة في السلوكيات في الأعمال في الروحية، واليوم مجتمعنا الإسلامي بشكل عام نحن كل فرد منا يحتاج إلى الاستفادة من هذه الآيات المباركة ليسعى ويعمل ويبذل جهده لأن تنطبق على واقعه حتى يكون بتوفيق الله سبحانه وتعالى وباعتماده على الله وباستعانته بالله، ومن خلال اهتدائه بكتاب الله واحدا من تلك الفئة الناجية والفائزة والمفلحة في هذه الحياة، من المؤمنين، من المتقين، من عباد الرحمن الفائزين بخير ما وعد.
يقول الله تعالى: (وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ ۖ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66) وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا (67))، تحدثنا بالأمس عن قوله تعالى: (الذين يمشون على الأرض هونا)، ومن الملاحظ أهمية هذه الآية المباركة وحاجة الناس إليها خصوصا في هذا الزمن، زمن السيارات، زمن الازدحام المروري، زمن الحوادث المرورية، زمن مشكلة المخالفات المرورية في المدن وما ينتج عنها من حوادث مأساوية تودي بحياة الكثير من الناس، اليوم حياة الآلاف من الناس تهدر والكثير منهم يكونون ضحية لكثير من الحوادث، الحوادث المأساوية المرورية، وأكبر سبب فيها وأول عامل رئيسي هو انعدام التحلي بالمسؤولية في حركة الكثير من الناس، فهو إما مستهتر ولا يبالي وإما يتحرك مثلا وهو يقود سيارته ويمارس هواية السرعة، البعض عنده هذه الهواية، السرعة الجنونية، السرعة غير الطبيعية، البعض أيضا مثلا في المدن في التقاطعات، والشوارع المختلفة يأتي بدافع التكبر وعدم الانضباط والنفسية المستهترة بالآخرين فلا يلتزم بالضوابط المرورية والإرشادات المرورية التي تنظم حركة السير ويتفادى الناس بها الحوادث المأساوية، حوادث الصدام والاصطدام بين السيارات، وهكذا تحصل الكثير من الحوادث، الإنسان المؤمن، نفسيته نفسية متزنة، وهو يعيش حالة الإحساس بالمسؤولية في كل شؤون الحياة، في كل تصرفاته في كل أعماله، ونفسيته وقورة متزنة، ليس متسرعا في كل أموره، ليس مستهترا بحياة الناس، لا، عنده حرص على حياة الناس من حوله، وعلى ممتلكاتهم، لا يسعى بالإضرار بالناس بغير حق، وفي نفس الوقت نفسيته متزنة يعني البعض مثلا في شهر رمضان المبارك، لشدة حرصه أن لا يتأخر عن الإفطار ثانية أو دقيقة، يتهور بشكل رهيب جدا إذا كان قد تأخر في آخر النهار وهو يظن أن الأذان، أذان المغرب سيكون قبل أن يصل إلى المنزل مثلا، يتهور بشكل جنوني جدا، يصل ويفطر أول ما يدخل وقت الأذان، أول ما يأذن، لا، النفسية المؤمنة نفسية متزنة وقورة هادئة، ليست هلوعة، هذا التوازن وهذا الاستقرار النفسي هو واحد من أهم ثمار الإيمان، هذه السكينة النفسية، الإنسان المتهور غير المتزن في الحياة، الذي قد يتسرع جدا ويسبب حوادث كثيرة في واقع الحياة هو فاقد لهذا الاتزان وهذه السكينة، السكينة النفسية، وهو يعيش تلك الحالة من التهور، من انعدام الاستقرار النفسي، من الانزعاج الشديد والتسرع الشديد، والانفعال الشديد، والاندفاع اللامسؤول في كل الأمور، لا يعيش حالة السكينة ولا الوقار ولا الاتزان ولا التماسك، التماسك النفسي الذي هو واحد من أهم الثمار الإيمانية، من أهم ما تجنيه من ثمار الإيمان هو التماسك النفسي، في كل الظروف، في كل الأحوال، عند الخير وعند الشر، في أي واقع أنت فيه تعيش حالة التماسك النفسي، السيطرة على النفس، السيطرة على الأعصاب، فتحظى في ذلك برعاية من الله الذي تلتجئ إليه على الدوام، تلتمس توفيقه على الدوام، تستعين به في كل أمرك وشأنك وشؤون حياتك، فلو أخذ مجتمعنا المسلم بهذه الآية المباركة لكان من أحسن المجتمعات استقرارا وأقلها حوادث، بالنسبة لحوادث السير، الحوادث المرورية، مشاكل الازدحام في المدن، لأن حالة الانتظام ستساعد على معالجة الكثير من المشاكل، أيضا الألفة لأن هذه الحالة من العنجهية واللامبالة والغطرسة في أثناء قيادة السيارة تؤدي إلى استفزاز لمشاعر الناس، الناس يستفزون من إنسان يجي يخج بسيارته ولا يحترم أحد ولا يبالي بأحد، أو يمر من أمكان مزدحمة بطريقة عبثية ومستفزة ومظاهر اللامبالة بالناس، هذا كان قد صدمه، وهذا كان قد أعماه، وهذا ما بلا نكع في الاتجاه، وهذا ذهب إلى الاتجاه الآخر، استفزاز كبير ومقت لدى الناس، يصبح الإنسان ممقوتا، مكروها، لا يحظى بالاحترام، التواضع، حسن التصرف، الالتفات إلى واقع الناس، الاهتمام بالناس، الحرص على الناس، يساعد على إيجاد بيئة من المحبة من المودة، من الاحترام المتبادل، من التقدير، من تفادي الكثير من المشاكل، والمشاحنات، والبغضاء والعداوات وإلى آخره، وأيضا يدخل ضمن هذه السكينة والوقار في حركة الإنسان ليس فقط مثلا عندما ننظر مثلا إلى قضية السرعة الجنونية الزائدة، أو حركة السير التي تنبئ عن لامبالة بالناس واستهتار بهم، واستهتار بحياتهم، استهتار بممتلكاتهم، الحالة الأخرى، هناك حالة سلبية أخرى غير مسألة السرعة الزائدة، غير مسألة مظاهر التكبر في السرعة، وهي الإضرار بالناس، بطريقة مختلفة، مثل الوقوف حيث لا ينبغي أن تقف، حيث ستقطع على الناس حركة السير مثلا، البعض يتصرف بهذه الطريقة، يوقف، يتوقف بسيارته في مكان مهم ، الناس بحاجة للعبور منه بشكل مستمر، إذا توقفت فيه أنت توقف حركة السير، وأنت تقطع على الناس طريقهم، والبعض بكل برودة أعصاب قد يتوقف في وسط الطريق أو وسط الشارع إما ليتحدث مع شخص آخر، تأتي سيارة من هناك وسيارة من هناك بينهم صحبة أو بينهم موضوع لتبادل الحديث بشأنه، توقفا بكل برودة أعصاب ولامبالة بالناس، الذين قد قطعوا عليهم الطريق بتوقفهم ذلك، لامبالة بالناس، لا احترام، لا تقدير للناس، أنهم سيتأذون من قطع الطريق عليهم، من إيقاف حركة السير عليهم، ويجلس يتبادل الحديث مع ذلك الشخص بكل استهتار ولامبالة، الناس الآخرين بمجرد قطع الطريق عليهم سيتأذون، بمجرد إيقاف حركة السير سيتأذون، ما بالك أن البعض قد يكون مستعجلا لمرض أو لظروف معينة أو لموعد والتزام معين، هذا الوعي في مجتمعنا الإسلامي الذي يربينا في كل مجالات الحياة، في كل مسارات الحياة، في حركتنا في الحياة، بحيث نطبع واقعنا بكله انطباعا بالأخلاق، بمكارم الأخلاق، بالصفات الحسنة، بالآداب الحميدة والجميلة والعظيمة، نحتاج إليه كمجتمع مسلم، نحتاج إليه، في أمس الحاجة إليه، ونحن أولى من كل الشعوب، أولى من كل الأمم، في الأرض قاطبة، في الأرض كافة بهذه الآداب بهذه الصفات الحميدة، بهذا الانضباط وهذا الالتزام في حركتنا في الحياة، هذه مسألة مهمة جدا، وأن تتعالج أيضا بصفة أخلاقية، وباعتبارها من مكارم الأخلاق التي يدعو إليها ديننا، (الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا)، السكينة، الوقار، الاحترام للناس، الالتفات إلى الناس وعدم الإضرار بهم، الخلو من كل حالات التكبر، الخيلاء، اللامبالة بالناس، اللامبالة، اللامبالة حالة خطيرة تستفز الناس، لأنه تنبئ عن عدم احترام للناس، عن عدم تقدير للناس، وبالتالي التكبر يعني، التكبر على الناس، يعني أنت تحتقرهم، أنت تستهين بهم، أنت تستخف بهم، أنت لا تبالي لا بمشاعرهم، لا بحياتهم، لا بأذيتهم والإضرار بهم، طبيعي عندك، حالة غير إيجابية نهائيا، حالة سلبية، حالة لا تنبئ عن واقع إيماني في الحالة النفسية، فلذلك مطلوب اليوم من كل فئات المجتمع، المسؤولين، المؤمنين، العسكريين، الشخصيات والوجاهات الاجتماعية، كل الناس الذين يعتبرون أنفسهم أصحاب شأن وأصحاب أهمية، عليهم أن يكونوا هم القدوة للمجتمع في التواضع في الاتزان، في أن يكون مشيهم على الأرض هونا، بسكينة بوقار، أن لا يمشوا بمرح، أن لا يمشوا بتكبر، أن لا يستخفوا بالناس ولا بمشاعرهم، ولا بممتلكاتهم، البعض قد يزهق روحا بعنجهيته ولا مبالاته، بسرعته الجنونية والعبثية، غير اللازمة، قد يزهق أرواحا، قد يتحمل في ذمته ناس، بشر، حياة ناس، مسألة خطيرة، أو يضر بممتلكات الآخرين، أو يؤذي الناس ويوجد حالة من الاستفزاز والانزعاج في حياة الناس، في مشاعرهم، يوجد جو مزعج يعني، فمطلوب يعني أن يلحظ الناس بحركتهم في الحياة هذه المسألة، وأن يتخلقوا بهذا الخلق، وأن يلتزموا هذا السلوك الراقي الإيماني، الراقي الإيماني.
(وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا)، كذلك تحدثنا بالأمس ونزيد اليوم أن هذا مما يساعد على الاستقرار وسلامة البيئة الداخلية للمجتمع المسلم يقلل من كثير من المشاكل ما أكثر المشاكل التي كان وراءها كلمة زادت وكلمة نقصت، يأتي سفيه يأتي إنسان جاهل غير متزن لا يتحدث عن أخلاق عن معرفة عن وعي عن رشد في الحالة التي لا يتحدث فيها الإنسان عن رشد وعن فهم وعن أخلاق هي جهالة فيسيء إلى هذا أو يجرح مشاعر هذا يتكلم إلى ذاك، البعض من الناس قد يستفز بشكل سريع فيبادل بموقف أو بكلمة أكثر إساءة وهكذا كما يقولون كلمة زادت وكلمة نقصت ومشكلة، فترى هذا اقتتل مع ذاك وهذا دخل في اشتباك مع هذاك وهكذا تحصل مشاكل كثيرة فالبيئة الإيمانية هي بيئة ترفع بيئة كرامة بيئة عدم انزلاق إلى أبسط وأتفه الأشياء بيئة يتحلى الناس فيها بالمسؤولية يحرصون على سلامة الوضع الداخلي والتركيز على قضايا كبيرة على هموم كبيرة على تحديات كبيرة على مشاكل كبيرة، مثلا بعض من الناس عنده رغبة في المشاكل مشكلاني الإنسان يتمشكل في محلها يعني حيث ينبغي أن يتمشكل يذهب إلى حيث يكون للموقف قيمته إلى حيث يكون لما يحاول أن يبرز نفسه به من قوة أو فتوة أو شجاعة أو بطولة أو اعتبار ذاتي أو إلى آخرة إلى الميدان إلى الميدان الذي موقفك فيه موقف مشرف موقف مشرف في محله تدافع عن المظلومين تقف ضد الطغاة والظالمين والمجرمين والمستكبرين تتصدى للمعتدين المجرمين من قتلة الأطفال والنساء الغزاة المحتلين هناك المكان المناسب التي تبرز فيه شجاعتك فتوتك بطولتك قوتك بسالتك شجاعتك هناك (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا) ليلهم ليس ليل عبثٍ ولهو ولا مضيعة، وما أحوجنا في مجتمعنا المسلم في كل