الاهتمام بالفقراء يساعدهم في الحفاظ على دينهم، ويحصِّنهم من استغلال العدو لوضعيتهم.
أما عندما يكون هناك التفات إلى هذه الفئات المحرومة، عطاء وبذل وإحسان كما يأمرنا الله به، كما يوجهنا الله إليه فعلى العكس من ذلك، تتعزز حالة الروابط والأخوّة والتعاون والتكاتف والجو الحميم الأخوي، فيساعد ذلك على بقاء المجتمع المسلم مجتمعاً قوياً متآخياً متوحداً متماسكاً.
نجد أن ذلك أيضاً له أهمية كبيرة فيما يتعلق بمظاهر الرحمة، الرحمة من أهم الصفات الإنسانية الفطرية، وهي من أهم الصفات الإيمانية، الله يريد لعباده المؤمنين أن يكون السائد فيما بينهم هو الرحمة، وقال عنهم: {رُحَمَاء بَيْنَهُمْ} وقال عنهم: {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ}(البلد:17) لا يكونون قساة قلوب، فكلاً منهم لا يفكر بالآخر، والأغنياء والمترفون والطبقة التي هي طبقة مرتاحة لا تبالي بالفقراء والمحتاجين وهم كُثر داخل المجتمع الإسلامي، لا تبالي بأوجاعهم، بآلامهم، بمعاناتهم، بظروفهم القاسية، لا تلتفت إليهم، هذا أمر يتنافى مع الإيمان، يتنافى مع أخلاق الإسلام، يتنافى مع الروحية الإيمانية التي يحملها الإنسان المؤمن ومن لوزمها أن يحمل في قلبه الرحمة تجاه عباد الله، الرأفة بهم، الحنان بهم، فهذا جانب مهم جداً.
أيضاً الاهتمام بهذه الفئات ورعايتها والإحسان إليها والعطاء لها يحافظ عليها، يساعد الفقير في المحافظة على دينه، في المحافظة على قيمه ،في المحافظة على أخلاقه، وإلا فالبعض من الفقراء لا يتحمل الفقر خصوصاً إذا غاب الإيمان وكاد الفقر أن يكون كفراً، الفقر بالنسبة لبعض الفقراء لا يعيش جو الإيمان فيصبر ويتحمل ويسعى يبتغي من فضل الله، يسعى يتسبب للحصول على الرزق والخير، يلتجأ إلى الله سبحانه وتعالى، البعض منهم ضعيف في إيمانه، يلجأ عند شدة الفقر، عند المعاناة من الظروف القاسية إلى اعتماد وسائل محرمة، إما السرقة والعياذ بالله فتكثر حالة السرقة، وتصبح ظاهرة يعيشها المجتمع نتيجة للبئس والحرمان والظروف الصعبة والقاسية، ولو أن ذلك ليس مبرراً مشروعاً، لكنه يفرز هكذا نتائج، الفساد الأخلاقي في بعض المجتمعات تتنامى هذه الظاهرة السلبية جداً ويكون من أهم عواملها الفقر الشديد، البؤس والحرمان مع غياب حالة الإيمان والتقوى.
أيضاً رعاية هذه الفئات المحرومة داخل المجتمع المعاني المتضررة يحافظ عليها من استغلال الأعداء لها، الأعداء يحرصون على أن يخترقوا المجتمع المسلم دائماً من داخله، للأنشطة الاستخباراتية والعدائية وغير ذلك، وهم يعمدون بالدرجة الأولى إلى استغلال هذه النوعية من الناس، الفقراء، المحتاجون، يستغلون فقرهم، يستغلون ظروفهم القاسية، يستغلون غياب حالة التقوى والإيمان لدى البعض منهم، فيستقطبونه بالمال، يشترونه بالمال، ويستغلونه، إما لنشاط استخباراتي، إما لنشاط سياسي يعادي مجتمعه المسلم، يعادي أمته المسلمة، يعادي مبادئ وقيم دينه، وهكذا يحصل ، هكذا يحصل.
هذا داخل المجتمع الإسلامي ملموس إلى حد كبير، ومن السياسات التي يعتمدها أعداء الأمة الإسلامية إفقار الأمة الإسلامية بوسائل وأساليب كثيرة يضربون من خلالها اقتصاد الأمة الإسلامية حتى يكون هناك واقع قائم على الفقر والبؤس والحرمان والعناء ثم يستغلون هم هذا الواقع الذي كان لهم دور أساسي وكبير في صناعته.
ولذلك نجد أن العطاء والبذل والإمتثال لأمر الله بالإنفاق يحافظ على المجتمع المسلم من الداخل، حتى تكون حالة الإنحراف غير مبررة نهائياً، لا تكون إلا نتيجة لحالة خبث، فساد لدى الإنسان، انحراف في مبادئه وقيمه، ثم نجد أن الأنفاق المقبول عند الله سبحانه وتعالى له شرائط وله اعتبارات في مقدمتها أن يكون من الحلال، أن تنفق من الحلال، ولهذا يقول {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} فلو كان الإنسان يكسب مالاً ويجمعه من الحرام والعياذ بالله، من أعظم الذنوب من أسوأ الآثام، من أسباب الخسران، أن يحرص الإنسان على أن يجمع مالاً من الحرام، إما بوسائل محرمة مثل الرباء، مثل المخدرات، الحشيش، أي سبب أو وسيلة محرمة، أو يدعم باطلاً يعين باطلاً، يعين معتدين، فهو يدخل في إثم، وما بيده حرام، ما ينفقه منه، ما يتصدق به منه غير مقبول عند الله {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ} من الحلال الطيب {يُنفِقُونَ}.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من محاضرة السيد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي
بعنوان: الإنفاق
بتاريخ: 14 رمضان 1433هـ.