فاكهة رمضان التي لا تمل
بقلم / عبدالفتاح علي البنوس
بهذه الفاكهة الطيبة اعتاد اليمنيون على استقبال شهر رمضان المبارك، وعلى الرغم من وجودها طوال العام ،إلا أنه يكون لها في رمضان نكهة ومذاق خاص يمتاز به عن بقية شهور السنة ، هذه الفاكهة ليست من الفواكه المألوفة التي يأكلها الفم وتهضمها المعدة والأمعاء ،فهي فاكهة من نوع آخر تحمل البصمة والهوية اليمنية ، وهي تلاوة شيخ القراء والحافظين اليمنيين المرحوم محمد حسين عامر طيب الله ثراه ، تلكم التلاوة وذلكم الصوت الذي يميز رمضان بعد أن ظل وما يزال مرتبطا بأسماعهم يوميا طيلة ليالي وأيام الشهر الفضيل، فكان ومايزال فاكهة رمضان التي لا يمل سماعها على الإطلاق ورغم وفاته في مثل هذه الأيام في شهر رمضان وبالتحديد في يوم السبت 15 رمضان 1419 هـ إلا أن صوت تلاوته ما يزال محتفظا ببريقه وألقه وتميزه ومعها تتجدد ذكريات اليمنيين التي عاشوها خلال شهر رمضان في السنوات الماضية والتي كان صوت المرحوم محمد حسين عامر جزءاً منها .
لذا لانبالغ عندما نصف صوت تلاوته للقرآن وموشحاته الإنشادية وأدعيته المأثورة بفاكهة رمضان التي لا يمكن الاستغناء عنها أو نسيانها مهما تعدد القراء ومهما بلغت مستويات جماليات أصواتهم ،فلا يزال شيخنا الجليل محمد حسين عامر هو المتسلطن بصوت تلاوته على الأجواء الرمضانية الإيمانية اليمانية بلا منافس، ولا زلت أتذكر غداة الإعلان عن وفاته كيف دخل الحزن وعشعش في داخل كل بيت يمني حزنا على رحيله، وستظل جنازته المهيبة من المواكب الأكثر مشاركة جماهيرية في تاريخ اليمن ، ولا يزال الأمل يحدوني بأن ألمس مبادرة إيجابية من قبل وزارة الإعلام بالتنسيق مع وزارتي الأوقاف والثقافة بتخليد سيرة هذا العلم اليمني البارز في مسلسل تاريخي يمني تكريما له ولأمثاله من العظماء الذين قدموا لوطنهم وشعبهم الكثير من الوقت والجهد وأفنوا أعمارهم في خدمة كتاب الله حفظا وتلاوة وتعليما ، ولا أعتقد أن هذه المهمة ستكون صعبة ومعقدة على الإطلاق فأغلب أحداث هذا المسلسل ستكون داخل الجامع الكبير بصنعاء والذي لزمه شيخنا الجليل حتى توفاه الله وهو ما سيخفف من التكاليف المالية الخاصة بإنتاج هذا العمل الفني التاريخي الذي يسلط الضوء على شخصية علمائية فريدة من نوعها مثلت علامة فارقة في تاريخ اليمن وستظل حاضرة وبقوة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهذا هو الذي يجسد الخلود في الحياة وبعد الممات وهي مكرمة وفضل إلهي يمنحه ويهبه للمخلصين من عباده الذين صدقوا معه وأخلصوا له الأعمال وأحسنوا السرائر .
ينبغي أن تتجه اهتماماتنا نحو توثيق وتخليد سير العظماء الأعلام من أمثال شيخنا الراحل محمد حسين عامر وعملاق الشعر العربي الأستاذ عبدالله البردوني بإنتاج أعمال تلفزيونية تاريخية اجتماعية تعرض سيرتهم ونتاجهم الإبداعي وتسلط الضوء على الأدوار التي قاموا بها طيلة حياتهم كأقل واجب نقدمه لهم وللأجيال المتعاقبة .
بالمختصر المفيد، رحم الله شيخ القراءات السبع المغفور له بإذن الله الشيخ الحافظ محمد حسين عامر وطيب الله ثراه وجعل الجنة سكناه ، وجزاه الله خير الجزاء على كل ما قام به من تعهد لكتاب الله بالحفظ والتلاوة والتدريس طيلة حياته، ونسأل الله أن يجمعنا به في مستقر رحمته .
صوماً مقبولاً وذنباً مغفورا ً وعملاً متقبلاً وإفطاراً شهياً .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله.