ترامب بين الربح والخسارة في شبه الجزيرتين
محمد الحاضري: نزعت الكوريتان مكبرات الصوت “الدعائية” بين حدودهما المشتركة في خطوة لوقف برامج الدعاية والأعمال العدوانية بين البلدين، فيما السعودية تقوم بتركيب صفارات الإنذار للرياض والمنطقة الشرقية، في حدثين يبدوان صغيرين ومنفصلين لكنهما يخفيان خلفهما نتائج أكثر من عام لتعامل شبه الجزيرتين العربية والكورية مع واشنطن.
ترامب الذي توعد السعودية بالذبح بعد أن يجف ضرعها إبان حملته الانتخابية، وفي مقابلة مع “رويتر” نهاية أبريل العام الماضي، قال: إن واشنطن تخسر كما هائلا من المال للدفاع عن الرياض التي اعتبرها غير عادلة في التعامل مع واشنطن، وفي نفس المقابلة حاول ترامب ممارسة نفس الخدعة مطالبا كوريا الجنوبية بدفع مليار دولار تكلفة الدرع الصاروخي لحمايتها من جارتها الشمالية.
النتيجة كانت مخيبة لترامب بالنسبة لكوريا الجنوبية بسبب الرفض القاطع لدفع أي دولار لواشنطن، وفي المقابل انفتحت لترامب خلال زيارته الشهيرة للسعودية في مايو 2017 مغارة علي بابا، ويجني في يومين فقط 480 مليار دولار ليعود بلاده فرحا “وظائف وظائف وظائف”.
وخلال العام الماضي استمر ترامب في ممارسة خدعة هنا وهناك محاولا جني المال من خلال إثارة النزاعات حتى بين حلفاءه، ومن خلال بيع أسلحة ومنظومات دفاع صاروخية أثبتت فشلها في مواجهة الصواريخ اليمنية، وبذات الطريقة لم يجنِ ترامب إلا القليل من الأموال هناك، أما هنا يكفي أن يغرد ترامب على “تويتر” أو يدلي هو أو وزير خارجيته بتصريح سلبا أو إيجابا، حتى تنهال علية المليارات.
ترامب كسر الأعراف الدبلوماسية ليمارس مهنته كسمسار في البيع والشراء حيمنا أحضر قائمة بالأسلحة أمام عدسات الكاميرا مطالبا بن سلمان دفع المال فقط، وواصل ترامب ابتزاز أغنى دول المنطقة (السعودية وأخواتها) بالطلب منهم تسديد النفقات المالية لتواجد القوات الأمريكية مقابل الحماية، مؤكدا في مؤتمر صحفي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون أن “بعض الدول في الشرق الأوسط “لن تصمد أسبوعا دون الحماية الأمريكية”، وزاعما أن بلاده أنفقت 7 مليارات من الدولارات في الشرق الأوسط مقابل لا شيء، وقال “سنجعلهم ينفقون وسينفقون”.
السعودية وحلفاؤها في المنطقة لم تحصل مقابل المليارات التي دفعتها إلا على “تغريدات”، ومع ذلك نجدها لا تزال منساقة وراء ترامب لتدخل المنطقة على أعتاب حرب إقليمية قد تصل إلى حد المواجهة المباشرة مع إيران، وستكون السعودية وأخواتها بحسب مراقبين أكبر الخاسرين، وفي المقابل تكون أمريكا هي الرابح الأكبر بجني المزيد والمزيد.
في شبه الجزيرة الكورية آثرت الكوريتان البقاء بعيدا عن ابتزاز “الشره” ترامب، والنتيجة أنهما تخطوان خطواتهما الأولى نحو السلام بعيدا عن واشنطن، أما في شبه الجزيرة العربية تجاوز ترامب الابتزاز إلى تمرير صفقة القرن على حساب الأرض والحقوق الإسلامية والعربية في فلسطين.
كما وردت الأنباء من داخل السعودية فإن صفارات الإنذار ستنطلق الخميس 10 مايو الحالي بشكل تجريبي في الرياض والمنطقة الشرقية، لكنها بالتأكيد ستسمع مجددا بعد ذلك بصورة مستمرة كلما استمرت السعودية في سياستها وعدوانها على اليمن.