الخبر وما وراء الخبر

قمة المهزلة العربية !!؟

48

بثلم | أحمد يحيى الديلمي

رحم الله الزعيم الخالد جمال عبدالناصر ، إذا كان قد أصيب بسكتة قلبية نتيجة ما حدث في تلك القمة المشؤومة التي أعقبت أحداث أيلول الأسود في الأردن ، فكيف كان سيكون حاله اليوم بعد أن اجتمع ما يُسمى بالقادة العرب في حاضرة ألد أعداء العروبة والقومية ، حاضرة ما تُسمى بالسعودية ، هذه المملكة التي تآمرت على العروبة والإسلام واستطاعت أن تشكل رأس حربة لهدم الإسلام من داخله، والتآمر على كل ما هو عربي باسم العروبة .

الغريب أنهم كانوا في الماضي يقولون بأن فكرة القومية والعروبة تتعارض مع الإسلام وأنها دعوة شوفينية ، ثم تحولت الآية وأصبحوا هم أنصار العروبة ولكن على الشاكلة التي يريدونها هم وبنفس التعريف الذي أطلقه الملك فيصل بعد إحدى القمم العربية ، أعتقد أنها قمة الرباط التي تم فيها الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني ، لم يستسغ ذلك القرار والآن اكتشفنا لماذا عارضه ووقف ضده ، فلقد أستطاع القرار أن يُحبط المؤامرة التي كانت قد حيكت في زمنِ مبكر من قبل بريطانيا وتبنتها السعودية وكانت تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية والاعتراف بدولة الكيان الصهيوني كأمر واقع في المنطقة ، إلا أن قرار القمة أحبط هذه المؤامرة ومن المضحك المُبكي أن القمة الأخيرة التي سميت بقمة القدس وعقدت في الظهران تحدثت عن القضية الفلسطينية وعن القدس بعد أن صال وجال الأمير الغر محمد بن سلمان في أمريكا وأوروبا وأطلق تصريحات نارية دافعت عن دولة الكيان الصهيوني وحقه في الوجود أكثر من الصهاينة أنفسهم ، إذ ورد على لسانه كلام يتحاشى حتى الآن كل صهيوني أن ينطق به ، أليست مهزلة وكارثة كبرى ؟!! ونكبة ما بعدها نكبة أن يجتمع العرب في محفل لا يختلف كلياً عن المحفل الصهيوني ، كلهم يبحثون عن حلول تفيد دولة العدو الصهيوني وتتآمر على الشعب الفلسطيني والأمة العربية بشكل عام ، فأي عروبة هذه التي تبارك العدوان على سوريا والعدوان على اليمن باسم العروبة ، أين أنت يا عبد الناصر ؟! أين الزعماء العرب الذين تنادوا في ذلك اليوم لتأسيس الجامعة العربية بعد أن تكالب الصهاينة ودول الغرب وحاولوا السيطرة الكلية على مقدرات الأمة ، فجاء قيام الجامعة ليمثل حائط صد ضد كل المؤامرات التي تحاك من قبل الآخرين ، للأسف استطاعت قوى التآمر أن تنفذ من مكان آخر وكانت السعودية رأس الحربة التي تمكنت من خلالها أن تحقق الأغراض الدنيئة ، مع أنها إلى اليوم لم تتحقق لأن الكثير من أبناء العروبة تنبهوا لها مبكراً ، ولن تتحقق طالما وأن في الأمة عرق ينبض وإرادات تتحدى وتضحي وتقدم الغالي والرخيص في سبيل الدفاع عن الأمة وعن مقدراتها وعن حقوقها المغتصبة، وما حدث في الظهران لن يقدم ولن يؤخر ، في وجود إرادات عربية لا تزال تحافظ على حقها واستقلالها وكرامتها ومستعدة لأن تقدم كل شيء في سبيل نصرة القضية المركزية للأمة ، هم قالوا في القمة أنها قضية العرب الأولى، لكنه قول بلا فعل ، فإن يمكن أن نضع هذا القول بعد أن أفُرغت العروبة من معانيها وقيمها السامية وأصبحت عبارة عن رابط يدل على الجنسية فقط ، وليت صفة الجنسية اكتملت لكنها تظل ناقصة عندما يجد العربي نفسه ممنوعا من دخول أي دولة عربية ، وأحياناً حتى بلده مسقط رأسه يمنع من دخوله لأنه مقاوم لفكرة الاستسلام والخنوع، ألستم معي بأنها قمة المهزلة التي كشفت عن عورات هؤلاء الذين يدعون الانتماء إلى العروبة زوراً وبهتاناً ؟!! ووضعت حداً فاصلاً بين العرب الأقحاح وبين من تسلقوا جدار العروبة ليخدموا أغراض ومرامي الآخرين .. هذا هو الواقع الذي وصلنا إليه وهذه هي الحقيقة المرة التي استطاعت السعودية أن ترسخ جذورها بعد زمن طويل من التآمر والتمالي مع أمريكا وبريطانيا لزعزعة كل معاني العروبة السامية وإبدالها بقيم شكلية لا تقدم ولا تؤخر ، إننا أمام مشهد بشع يتطلب من الأمة أن ترتقي إلى مستوى العروبة الأصيلة وتحقق للأمة ما تصبو إليه ، وليس هذا ببعيد إن شاء الله طالما أن هناك مناضلين أبطالاً قادرين على التصدي وفضح المرامي الخبيثة .. والله من وراء القصد ..